آفاق نمو قوية لقطاع إدارة الأصول في السوق السعودية

وكالة أنباء حضرموت

يعكس نمو نشاط إدارة الأصول في السوق السعودية إصرار صناع القرار على تنفيذ ما جاءت به أجندة التحول كأحد الوسائل التي تراهن عليها الحكومة لتنمية الأعمال بما يخدم نمو الناتج المحلي الإجمالي وتنويع مصادر الدخل.

ومن المتوقع أن تسهم ثلاثة عوامل تشمل الإصلاحات التنظيمية وتوسع أسواق الأسهم والديون وزيادة الأفراد ذوي الثروات الضخمة لدى البلد الخليجي، في أن يحقق القطاع نموا ملحوظاً خلال النصف الثاني من 2024 وعام 2025، وفق تقرير حديث لوكالة فيتش.

والسعودية العضو البارز في تحالف أوبك+، هي أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، وتحتل المرتبة السابعة عشرة على الصعيد العالمي، كما أنها أحد الاقتصادات ثابتة النمو في مجموعة العشرين على الرغم من التقلبات العالمية المستمرة منذ تفشي الوباء في العام 2020.

وعلى مدى السنوات الثماني الأخيرة روّج ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لخطط طموحة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط سواء عبر الاستثمار خارجيا أو المشاريع داخليا من خلال الذراع الرئيسية للدولة صندوق الثروة السيادية.

وغالبا ما تبحث السعودية عن شركاء دوليين للمشاركة في الاستثمار بمشاريعها الضخمة في السوق المحلية، حيث يمكن لشركات إدارة الأصول المساعدة على ترتيب وجمع الأموال لتوفير التمويل اللازم.

وبحسب تقرير فيتش للتصنيف الائتماني الصادر الأربعاء، فإن الأصول المدارة في السعودية ارتفعت 13.5 في المئة على أساس سنوي، لتتجاوز 250 مليار دولار بنهاية النصف الأول من 2024.

وأشار معدو التقرير المنشور على المنصة الإلكترونية للوكالة أن البلد الخليجي يتمتع بوجود “أكبر قطاع إدارة أصول في دول مجلس التعاون الخليجي، وخامس أكبر قطاع في دول منظمة التعاون الإسلامي، وثاني أكبر سوق للصناديق الإسلامية العامة عالميا”.

وتطبق هيئة السوق المالية خطة إستراتيجية تركز على دعم نمو هذه الصناعة عبر تنفيذ حزمة من المبادرات الطموحة للتطوير والنمو وفق تصريحات سابقة لوكيل الهيئة لشؤون التمويل والاستثمار عبدالله بن غنام لبلومبيرغ الشرق.

ومن بين هذه المبادرات تمكين تأسيس هياكل صناديق ذات مرونة أعلى وتطوير الإطار التنظيمي للصناديق التمويلية الهادفة لتوفير المزيد من خيارات التمويل من السوق المالية، عبر الصناديق التمويلية مقابل اشتراكات في صناديق الثروة.

وقال بن غنام إن “قيمة الأصول المستهدفة نحو 1.38 تريليون ريال (370 مليار دولار) في نهاية عام 2026، أي بزيادة نحو 58 في المئة مقارنة بنهاية 2023”.

وتدعم طموحات الحكومة نسب نمو الأصول المدارة التي بلغت 74.2 في المئة بين عامي 2019 و2023 أي على مدى خمس سنوات.

وقال بشار الناطور، رئيس التمويل الإسلامي العالمي لدى فيتش “نتوقع أن تتجاوز الأصول المدارة في السعودية 300 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، مدفوعة ببرنامج تطوير القطاع المالي بموجب رؤية 2030”. وأضاف “يوجد طلب قوي على المنتجات الإسلامية، حيث أن نحو 95 في المئة من صناديق الاستثمار المشتركة متوافقة مع الشريعة”.

وأشار الناطور إلى أن الأصول المدارة في هذا القطاع وصلت إلى 22 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي.

عوامل نمو القطاع

ويقوم صندوق الثروة بدور حيوي في تطوير صناعة إدارة الأصول على محاور عدة في البلاد، وأطلق لهذه الغاية مبادرتين مهمتين، هما منصة بوابة مديري الأصول، وبرنامج تطوير إدارة المحافظ الاستثمارية.

كما انخرط في عملية تقييم للشركات المحلية المتخصصة لتحديد مديري الأصول المحتملين من قبله ومنحهم دوراً أوسع في إدارة محافظ أو أصول عائدة له.

وأثمرت جهود الصندوق الذي يدير أصولا بحوالي 900 مليار دولار على صعيد استقطاب شركات عالمية، مع انضمام شركات عدة إلى السوق من بينها بلاك روك وبروكفيلد وفرانكلين تيمبلتون وغيرها.

وسبقها دخول مديري أصول لمؤسسات مصرفية إقليمية، كما هو الحال مع الإمارات دبي الوطني كابيتال السعودية والوطني لإدارة الثروات التابعة لبنك الكويت الوطني وبيت التمويل السعودي الكويتي وأنفستكورب السعودية للاستثمارات المالية البحرينية.

وتتوقع مجموعة أزيموت العالمية المتخصصة في إدارة الأصول والثروات والخدمات الاستثمارية، بدء العمل بالسوق السعودية مطلع العام المقبل.

وكان أحمد أبوالسعد الرئيس التنفيذي لشركة أزيموت مصر ورئيس إدارة الأصول في الشرق الأوسط وتركيا قد قال في يوليو الماضي إنه تم “التقدم بطلب للحصول على رخصة لإدارة الأصول من هيئة السوق المالية السعودية”.

وتضاعفت الأصول التي تديرها الصناديق الخاصة منذ العام 2020، مع تركيزها الأساسي على الأسهم بنسبة 43 في المئة والعقارات بنسبة 40.5 في المئة.

ووجهت الصناديق العامة حوالي 28 في المئة من استثماراتها في أسواق المال، تليها الأسهم بنسبة 25.6 في المئة، والعقارات بنسبة 18.7 في المئة، والديون بنسبة 16 في المئة، بحسب وكالة فيتش.

ومع نهاية العام الماضي، ارتفع عدد الصناديق الاستثمارية لدى السعودية إلى 1285 صندوقا بنمو قدره 111.7 في المئة على مدى خمس سنوات.

واستحوذت الصناديق الاستثمارية على 64 في المئة من إجمالي الأصول المدارة في القطاع والبالغة 871 مليار ريال (232.27 مليار دولار) في الفترة ذاتها.

وارتفع عدد المحافظ بشكل لافت خلال 2023 إلى 156.2 ألف محفظة بزيادة نحو 322.1 في المئة عن العام الأسبق، وفق بيانات هيئة السوق المالية السعودية.

وتعتقد فيتش أن من شأن زيادة الطروحات العامة الأولية في تداول أكبر بورصة في منطقة الخليج العربي والعاشرة عالميا، وتحسن أداء مؤشر السوق السعودية العام (تاسي) جذب صناديق الاستثمار في قطاع الأسهم.

ويشدد بن غنام على أن الهيئة تسعى للمساهمة في جعل السعودية مركزا إقليميا في هذه الصناعة بالمنطقة، حيث تستهدف الارتقاء بمناخ الأعمال لجعل نشاط إدارة الأصول مصدرا رئيسيا للتمويل والاستثمار، بما يسهم في جذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

وبدأت شركات إدارة الأصول الكبرى مثل أبولو وبلاكستون في إعادة تشكيل إستراتيجياتها التقليدية طويلة الأمد لاقتناص جزء من ثروة الصناديق السيادية الخليجية التي تدير أصولاً بقيمة 4 تريليونات دولار، وفق بلومبيرغ.

وتشير التقديرات إلى وصول إجمالي أصول صناديق الثروة في الشرق الأوسط إلى 7.6 تريليون دولار بحلول العام 2030.

واستنادا على ذلك يطمح المستثمرون إلى المشاركة أكثر في الاستثمارات، والحصول على حصة أكبر من أرباح الصفقات، والأهم من ذلك دعم الاقتصادات التي تعتمد بشكل كبير على توافر كميات كبيرة من النفط.