الموقف السعودي من الجنوب

حضرموت على مفترق طرق: هل تستجيب لدعوات الانفصال السعودية؟

وكالة أنباء حضرموت

تقف محافظة حضرموت، الغنية بالموارد النفطية، على مفترق طرق سياسي واقتصادي، مع تصاعد الدعوات السعودية لانفصالها عن الجنوب المحرر من الحوثيين، حيث دعا الكاتب الصحافي السعودي سعد محمد العمري، بشكل واضح إلى انفصال حضرموت عن الجنوب، واصفا خطوات المجلس الانتقالي الجنوبي نحو تحقيق الاستقلال لدولة الجنوب بـ"الفاشل".
ونشر الكاتب السعودي تصريحات مثيرة للجدل تدعو إلى فصل محافظة حضرموت عن الجنوب، مؤكدًا أن حضرموت تستحق أن تكون كيانًا مستقلًا وشريكًا أساسيًا في أي تسوية سياسية قادمة لحل الأزمة اليمنية.
العمري أشار إلى ضرورة تكاتف أبناء حضرموت وتجاوز الخلافات بين مكوناتها وانتماءاتها الحزبية.
في الوقت ذاته، هاجم العمري المجلس الانتقالي الجنوبي ووصفه بأنه "مشروع فاشل"، معتبراً أن حضرموت أكبر من أن تمثلها أي قوة سياسية منفردة أو أن تكون تابعة لمشاريع مدعومة من الخارج تسعى للإقصاء والتهميش والاستيلاء على ثرواتها.

هذه الدعوات تأتي في ظل تعقيدات المشهد اليمني وتشابك المصالح الإقليمية، حيث تسعى السعودية لاستخدام ورقة حضرموت كورقة ضغط ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، من أجل دفعه للقبول بمشروع تسوية سياسية أعدته سلطنة عمان.

الموارد النفطية في قلب النزاع

تعتبر حضرموت من أهم المحافظات اليمنية بسبب احتوائها على احتياطات نفطية كبيرة، حيث تسهم بشكل رئيسي في الاقتصاد اليمني عبر تصدير النفط. وفي ظل الحرب الدائرة في اليمن، أصبحت حضرموت منطقة استراتيجية تتنازع عليها القوى الإقليمية والمحلية.
السعودية تدرك الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية لحضرموت، وهو ما دفعها لتقديم دعم علني لفكرة فصل المحافظة عن اليمن ككيان مستقل. هذه الخطوة من شأنها أن تمنح الرياض نفوذاً مباشراً على الثروات النفطية في المنطقة، وتخلق واقعًا سياسيًا جديدًا يعيد توزيع القوة والنفوذ بين الأطراف اليمنية.
ورقة ضغط على المجلس الانتقالي

تستخدم السعودية مسألة استقلال حضرموت للضغط على **المجلس الانتقالي الجنوبي**، الذي يطمح لإقامة دولة جنوبية مستقلة تشمل المحافظات الجنوبية بما في ذلك حضرموت. هذا الطموح يتعارض مع مشروع السعودية الذي تسعى من خلاله إلى الحفاظ على سيطرتها على حضرموت وإخراجها من دائرة النفوذ الجنوبي.

الرياض ترى أن استخدام ورقة حضرموت قد يجبر المجلس الانتقالي على التنازل والموافقة على مشروع التسوية السياسية الذي تقترحه سلطنة عمان. هذا المشروع يتضمن حصول الحوثيين على ما نسبته **80% من موارد النفط** في اليمن، بما في ذلك موارد حضرموت، وهو ما يشكل عبئًا سياسيًا كبيرًا على المجلس الانتقالي، الذي يرفض أي تسوية تمنح الحوثيين مثل هذا النفوذ الاقتصادي.

المشروع العماني: إعادة ترتيب الأوراق

المشروع السياسي الذي تسعى سلطنة عمان إلى تمريره بالتنسيق مع السعودية يقترح تسوية شاملة بين الأطراف اليمنية، يمنح فيها **الحوثيين** نسبة كبيرة من موارد البلاد النفطية، في إطار حل سياسي طويل الأمد. هذا المشروع قد يساعد في إنهاء الصراع اليمني المتفاقم، ولكنه يضع المجلس الانتقالي الجنوبي في موقف صعب.
المجلس الانتقالي يرفض فكرة تقديم موارد حضرموت، التي يراها جزءًا لا يتجزأ من الجنوب، كجزء من أي تسوية سياسية تمنح الحوثيين قوة اقتصادية تؤهلهم للسيطرة على مستقبل البلاد.

حضرموت بين التوازنات الإقليمية والطموحات المحلية

على الصعيد المحلي، تشهد حضرموت خلافات بين مكوناتها السياسية والاجتماعية حول مستقبل المحافظة. بعض الأطراف المحلية تدعو إلى استقلال حضرموت وإنشاء كيان مستقل بعيداً عن صراع القوى الشمالية والجنوبية، بينما يفضل آخرون البقاء ضمن دولة يمنية موحدة أو ضمن إطار الجنوب.
السعودية تسعى لاستغلال هذه الانقسامات الداخلية لتعزيز فكرة الانفصال، ما قد يسهل تحقيق مصالحها في المنطقة ويساهم في إعادة تشكيل الخارطة السياسية لليمن. غير أن هذا السيناريو قد يواجه معارضة شديدة من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي وبعض القوى المحلية التي ترفض فكرة فصل حضرموت عن الجنوب.

قرارات مصيرية
حضرموت تقف في مواجهة قرارات مصيرية قد تعيد تشكيل واقعها السياسي والاقتصادي. في ظل الضغط السعودي ودعوات الانفصال، يبقى السؤال مفتوحًا حول ما إذا كانت حضرموت ستستجيب لهذه الدعوات أم ستظل جزءًا من الجنوب أو الدولة اليمنية الموحدة. في النهاية، ستظل المحافظة الغنية بالنفط محورًا رئيسيًا في أي تسوية سياسية قادمة، سواء كانت هذه التسوية تصب في صالح الحوثيين أو الأطراف الأخرى في اليمن.