كيف يستفيد لبنان من رفع العقوبات الأميركية عن سوريا

وكالة أنباء حضرموت

أعاد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا الأمل في فتح آفاق جديدة أمام لبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين عدة قطاعات من أبرزها الطاقة والنقل والتجارة.

وفي 16 مايو الجاري قالت وزارة الخزانة الأميركية إنها تعمل مع وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي لتنفيذ توجيهات الرئيس ترامب بشأن رفع العقوبات عن سوريا التي بدأت في عام 1979 وأصبحت أكثر شمولا مع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011.

وظل لبنان يشكو من تأثره بالعقوبات الأميركية على سوريا والتي كانت تحول على سبيل المثال دون تفعيل مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن إليه.

ومع رفع العقوبات يرى مراقبون أن ذلك قد يقود إلى إحياء مشروع نقل الطاقة، إضافة إلى فتح خطوط الترانزيت والتجارة إلى الدول العربية وخاصة الخليجية منها.

ووفق خبراء يمثل رفع العقوبات عن سوريا “فرصة إستراتيجية” أمام لبنان لتعزيز اقتصاده وتحسين قطاعاته الحيوية، خاصة الطاقة والتجارة، إلا أن تحقيق هذه الفوائد يتطلب تنسيقًا فعّالًا بين الجانبين اللبناني والسوري، بالإضافة إلى دعم دولي لضمان تنفيذ المشاريع المشتركة بنجاح.

مشروع قديم

وقّع لبنان وسوريا والأردن أوائل عام 2022 اتفاقيتين، الأولى لتزويد لبنان بالطاقة الكهربائية من الأردن، والثانية لتأمين عبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان، غير أن العقوبات الأميركية على سوريا حالت دون تنفيذ ذلك.

وتتيح الاتفاقيتان للبنان الحصول على الكهرباء الأردنية، والاستفادة أيضا من الغاز المصري، بهدف رفع ساعات التغذية لشبكة كهرباء لبنان التي تفرض تقنينا قاسيا بلغ نحو 22 ساعة يوميا عام 2022.

وخطط المشروع ليتيح للبنان نقل 300 ميغاوات من الكهرباء الأردنية، بالإضافة إلى تشغيل معمل “دير عمار” لتوليد الكهرباء بقدرة 500 ميغاوات، ما سيرفع التغذية الكهربائية في البلاد إلى حوالي 800 ميغاوات.

وتراوحت الكلفة الإجمالية للمشروع آنذاك بين 200 و300 مليون دولار سنويا، على أن تموّل في السنة الأولى بقرض من البنك الدولي.

ومن الناحية التقنية يرتبط الأردن وسوريا كهربائيا بخط نقل منذ 2001، وخرج عن الخدمة منتصف 2012 لأسباب فنية جراء الحرب في سوريا، في حين ترتبط سوريا ولبنان بعدة خطوط ربط.

انعكاس إيجابي

قال وزير الطاقة والمياه اللبناني جو الصدّي إن “قرار الرئيس الأميركي ترامب رفع العقوبات عن سوريا سينعكس إيجابا في لبنان على صعيد الطاقة والنفط.”

وأوضح أن رفع العقوبات عن سوريا “سيسهّل استجرار الطاقة عبر سوريا من خلال خط الربط مع الأردن، واستجرار الغاز عبر سوريا.”

وأضاف “من أولى أولويات لبنان البدء بإنشاء معمل حديث لتوليد الكهرباء يعمل بالغاز بدلا من الفيول الثقيل.”

وتحدث عن إجراء دراسة حول كيفية تشغيل خط أنابيب النفط من العراق إلى لبنان وكذلك “مصفاة البداوي” التي تقع شمالي لبنان.

وتابع “هذا الملف كان مدار بحث خلال لقاءاتي في بغداد مع زميلي وزير المالية العراقي ياسين جابر الأسبوع الماضي.”

وخلال زيارته إلى دمشق في الأيام الماضية ناقش وفد وزاري لبناني إمكانية إعادة تفعيل مشروع خط النفط من كركوك العراقية إلى لبنان عبر سوريا.

وسيتيح هذا المشروع للبنان في حال تنفيذه استيراد النفط الخام من العراق وتكريره في البلاد، ما سيعزز الإيرادات عبر تصدير النفط المكرر إلى الخارج، ويحقق إيرادات كبيرة لخزينة الدولة.

ويفسح رفع العقوبات عن سوريا المجال أمام لبنان لإعادة تفعيل خطوط الترانزيت البرية التي تربطه بسوريا ومن خلالها إلى الأردن والعراق ودول الخليج، ما يُعيد تنشيط حركة الاستيراد والتصدير بين هذه البلدان. كما أن الشركات اللبنانية قد تلعب دورًا في عملية إعادة إعمار سوريا، سواء من خلال تقديم الخدمات أو عبر التوريد.

وقد يسهم هذا الدور في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين وفتح أسواق جديدة أمام الشركات اللبنانية.

وفي هذا الإطار قال مصدر حكومي لبناني إن بلاده تستفيد على أكثر من صعيد من رفع العقوبات “مثل استجرار النفط والغاز من مصر والأردن وتفعيل خطوط التجارة والترانزيت.”

وأضاف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن لبنان “يمكن أن يتحول إلى منصة لإعادة الإعمار في سوريا وتستفيد كل مرافقه العامة والشركات الموجودة فيه، كما سيعزز ذلك فتح الخطوط نحو العالم العربي وزيادة الصادرات.”

استفادة إقليمية

رأت خبيرة النفط والغاز بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا لوري هايتايان أن الأسباب الرئيسية التي أوقفت مشروع نقل الغاز من مصر والكهرباء من الأردن هي العقوبات التي فرضت على سوريا سابقا،” مؤكدة أن “رفعها سيتيح إعادة النظر في هذا المشروع.”

وذكرت هايتايان أن المشروع “لا يعود بالفائدة على لبنان فحسب بل على سوريا أيضا لأنها بحاجة إلى الكهرباء والغاز، وهو مشروع مهم للمجتمع الدولي كذلك لأنه يربط الدول عبر شبكات الطاقة والتجارة بالمشاريع الإقليمية.”

ولفتت إلى أن “مصر اليوم ربما لا تملك الكميات الكافية لتزويدنا بالغاز، لكنها قد تدعم بكميات إضافية من غاز إسرائيل، لأن الأخيرة تملك قدرات بيع غازها لمصر والأردن.”

وأضافت “هذا قد يكون طريقة غير مباشرة لربط سوريا ولبنان بشبكة الغاز مع إسرائيل، وهذا ما يحبذه المجتمع الدولي الذي يرى أن الترابط عبر الاقتصاد والتجارة والطاقة بين دول المنطقة قد يعمل على تخفيف نزعات اللجوء إلى الحروب.”

واستدركت “ليس من الضروري أن يكون الغاز إسرائيليا، لأن مصر تشتري غازا من الخارج أيضا.”

رفع العقوبات الأميركية عن سوريا ينعش آمال لبنان في تفعيل مشاريع الطاقة والتجارة الإقليمية، ويفتح أمامه فرصًا إستراتيجية

وقالت هايتايان إن “سوريا تمشي بخطى أسرع من لبنان وكان آخرها اجتماع الرئيس السوري أحمد الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، واستطاعوا رفع العقوبات عن سوريا.”

وبجانب الكهرباء والغاز أشارت إلى “المشاريع الأخرى المطروحة مثل إنتاج الهيدروجين الذي يعد من الطاقات النظيفة التي بدأت تلاقي رواجا أكثر من ذي قبل.”

وأردفت “نقل الطاقة النظيفة من الخليج إلى أوروبا عبر سوريا وتركيا بواسطة الأنابيب أقل كلفة، وهو الأمر الذي يمكن أن يعزز دور سوريا الاقتصادي.”

ولم تقلل المحللة الاقتصادية محاسن مرسل من أهمية الدور الإيجابي لرفع العقوبات عن سوريا في دعم مشاريع الطاقة ببلادها، لكنها قالت إن “استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن يحتاج إلى عامل آخر وهو إعادة إحياء القرض المخصص لهذا المشروع من البنك الدولي.”

وذكرت محاسن لوكالة الأناضول أن “البنك الدولي ربط الموافقة على هذا القرض بمجوعة إصلاحات في قطاع الكهرباء مثل زيادة التعريفة وتحسين الجباية وتنظيم القطاع، إضافة إلى مطالبة المجتمع الدولي الراهنة بضرورة نزع سلاح الميليشيات وحصره بيد الدولة اللبنانية.”

وشددت على أن لبنان “سينتظر رأي البنك الدولي في هذا الخصوص، وما إذا كان معلقا أو سيعاود طرح فكرة تمويل المشروع.”

وأردفت “لكل ذلك لا يمكن للبنان الاستفادة من فكرة مشروع نقل الطاقة من دول الجوار بمجرد رفع العقوبات عن سوريا.”