احتجاجات واسعة في إيران من سائقي الشاحنات إلى المزارعين والخبازين والمتقاعدين

احتجاجات واسعة في إيران من سائقي الشاحنات إلى المزارعين والخبازين والمتقاعدين

شهدت إيران خلال يومي 21 و22 مايو 2025 موجة جديدة ومكثفة من الاحتجاجات، عكست تصاعد حالة الغضب الشعبي إزاء تدهور الأوضاع المعيشية وسوء الإدارة الحكومية. من الخبازين الذين يعانون من ارتفاع التكاليف إلى المزارعين وسائقي الشاحنات المحبطين من عدم الحصول على مستحقاتهم

احتجاجات واسعة في إيران من سائقي الشاحنات إلى المزارعين والخبازين والمتقاعدين

حفظ الصورة
مهدي عقبائي
وکالة الانباء حضر موت

شهدت إيران خلال يومي 21 و22 مايو 2025 موجة جديدة ومكثفة من الاحتجاجات، عكست تصاعد حالة الغضب الشعبي إزاء تدهور الأوضاع المعيشية وسوء الإدارة الحكومية. من الخبازين الذين يعانون من ارتفاع التكاليف إلى المزارعين وسائقي الشاحنات المحبطين من عدم الحصول على مستحقاتهم، وحتى عمال المصانع ومربي الأسماك المتضررين من انقطاع الخدمات، تبرز هذه الاحتجاجات صورة قاتمة لاقتصاد يرزح تحت وطأة الفساد وغياب التخطيط، مما يدفع البلاد نحو حافة الاضطرابات المتصاعدة.

احتجاجات 22 مايو/أيار 2025:

شملت احتجاجات هذا اليوم قطاعات واسعة، مما يؤكد شمولية الأزمة:

  • إضراب شامل لسائقي الشاحنات في إيران: منذ صباح اليوم، الخميس 22 مايو/أيار 2025، بدأ سائقو الشاحنات في مدن إيرانية مختلفة، بما في ذلك كرمانشاه، أراك، بندر عباس، قزوين، شيراز، وإيلام، إضرابًا واسع النطاق. وشُلت محطات الشحن وشركات النقل بالكامل. يأتي هذا الإضراب بسبب الضغوط الاقتصادية الهائلة، بما في ذلك الارتفاع الهائل في أقساط التأمين الاجتماعي (التي وصلت إلى 3.3 مليون تومان شهريًا)، بينما بقيت أجور النقل ثابتة وارتفعت أسعار قطع الغيار والوقود.
  • كارثة انقطاع الكهرباء في المناطق الزراعية: أدت الانقطاعات المتكررة وغير المبرمجة للتيار الكهربائي في إحدى مناطق الزراعة وتربية الأسماك إلى كارثة، حيث نفقت عشرات الآلاف من الأسماك، وجفت الأحواض، وتضررت الأشجار. عبر المزارعون ومربو الأسماك عن غضبهم من الصمت القاتل للمسؤولين وعدم استجابتهم لمعاناتهم.
  • تجمع خبّازي سنندج: احتج الخبازون في سنندج على الارتفاع المتزايد في التكاليف والمشاكل المعيشية، مطالبين بمعالجة فورية لوضعهم المتأزم.
  • إضراب وتجمع خبّازي نيشابور: قام خبّازو نيشابور بإغلاق مخابزهم واحتشدوا أمام اتحاد الخبازين احتجاجًا على الارتفاع الهائل في التكاليف وغياب الدعم الكافي، مطالبين بمساءلة المسؤولين.
  • إضراب سائقي الشاحنات في عباس آباد، دره‌شهر بإيلام: أضرب السائقون احتجاجًا على عدم تمكنهم من الحصول على الوقود الكافي، مما يعيق عملهم ويؤثر على دخلهم اليومي.

احتجاجات 21 مايو/أيار 2025:

  • تجمع احتجاجي للمتقاعدين في أصفهان: احتشد المتقاعدون أمام دائرة التقاعد للمطالبة بزيادة معاشاتهم، مؤكدين أن رواتبهم الحالية لم تعد كافية لتغطية احتياجاتهم الأساسية في ظل التضخم المتزايد و تكاليف المعيشة المرتفعة.
  • احتجاج عمال مصفاة آبادان: ردد عمال المصفاة شعار “لا يكفي الراتب، لا يكفي الراتب!”، معربين عن استيائهم من تدني الأجور التي لا تتناسب مع جهودهم وظروف العمل الشاقة، ومطالبين بتحسين أوضاعهم المعيشية.
  • إضراب عمال شركة “ميهن” للألبان في قم: أعلن العمال إضرابهم وتجمعوا أمام مقر الشركة، مرددين شعار “الأسعار بالدولار ورواتبنا بالريال!”، احتجاجًا على تدني رواتبهم مقارنة بالارتفاع المستمر في أسعار السلع والخدمات.
  • احتجاج خبّازي شيراز: تجمع الخبّازون أمام مبنى محافظة فارس، رافعين شعار “نانينو استحِ، اترك الخبّازين وشأنهم!”، احتجاجًا على مشروع “نانينو” الذي يرونه معيقًا لعملهم ويزيد الأعباء الإدارية.
  • تجمع احتجاجي لمزارعي القمح والكانولا في خوزستان: احتشد المزارعون أمام مبنى المحافظة، مطالبين بـدفع فوري لمستحقاتهم المالية المتأخرة مقابل المحاصيل التي سلموها، والتي أُعلن عن توفر أموالها مسبقًا.
  • احتجاج خبّازي الخبز الفاخر في يزد: تجمع الخبّازون اعتراضًا على ارتفاع أسعار الدقيق والمشاكل الاقتصادية المرتبطة بذلك، والتي تهدد استمرارية أعمالهم.
  • أزمة العطش تدفع أهالي زرنغوش لإغلاق طريق “دره‌شهر – إيلام”: أغلق أهالي القرية الطريق الرئيسي احتجاجًا على الانقطاع المستمر للمياه وتجاهل المسؤولين، مؤكدين أن لا خيار لديهم سوى الاحتجاج بهذه الطريقة ليتم سماع صوتهم.
  • احتجاج عمال مصنع تبغ جيلان: تجمع العمال احتجاجًا على عدم استلامهم سوى نصف رواتبهم الشهرية والتراجع الحاد في الإنتاج، حيث يواجه المصنع انخفاضًا كبيرًا في عدد العمال.

الوضع الاقتصادي في إيران: طريق مسدود واحتمال اضطرابات:

تعكس هذه الاحتجاجات المتواصلة والواسعة النطاق في يومين متتاليين صورة لأزمة اقتصادية حادة ومعقدة في إيران. فالبلاد تواجه طريقًا مسدودًا اقتصاديًا، حيث بات واضحًا للمواطنين أن النظام الحاكم لا يمتلك الرغبة ولا القدرة على حل المشاكل المتراكمة. تتزايد فواتير الفساد المستشري، وسوء الإدارة، و الاستنزاف الهائل للموارد في الصراعات الإقليمية، والمغامرات النووية التي أدت إلى عقوبات خانقة.

تتفاقم أزمات أساسية مثل انقطاع الكهرباء وشح المياه، وارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، وتدهور القوة الشرائية للأجور، مما يدفع شرائح واسعة من المجتمع إلى حافة اليأس. هذه الظروف، في ظل غياب استجابة حقيقية من المسؤولين، تزيد من احتمالية الاضطرابات المدنية وقيام احتجاجات أوسع نطاقًا، حيث يشعر الشعب بأنه لم يعد لديه ما يخسره. إن صرخات العدالة والغضب التي نسمعها من الخبازين، والمزارعين، والسائقين، والمتقاعدين، تشير إلى أن برميل البارود الاجتماعي قد امتلأ، وأن أي شرارة قد تؤدي إلى انفجار أوسع.