ارتفاع أسعار الأراضي يقوض خطط القاهرة للاستثمار في البحر الأحمر

وكالة أنباء حضرموت

 تتعرض خطط الحكومة المصرية المتعلقة بزيادة توسعات المشروعات السياحية في منطقة البحر الأحمر إلى عقبات جديدة، بسبب ارتفاع أسعار الأراضي المعروضة للمستثمرين، وما يصاحبها من زيادة في تكاليف المرافق والبناء.

وكشفت الهيئة العامة للتنمية السياحية، وهي جهة حكومية تابعة لوزارة الإسكان المصرية، عن قرار بتحديد سعر المتر بالأراضي للشركات الراغبة في التوسعات السياحية بحوالي 130 دولارًا، على ألا تتجاوز المساحة المحددة للمشروعات 10 آلاف متر مربع.

وطرح القرار العديد من التساؤلات بشأن تأثيره على فرص الاستثمار في المنطقة، وما إذا كان يؤدي إلى عزوف المستثمرين أو يعزز جاذبية المنطقة للاستثمارات الأجنبية.

وتعد منطقة البحر الأحمر واحدة من الوجهات السياحية الأكثر جذبًا، وتتمتع بشواطئ خلابة، ومياه صافية، وأنشطة متنوعة مثل الغوص والغطس، وتضم الكثير من المنتجعات العالمية، وهي نقطة جذب للأوروبيين والروس، إضافة إلى السياحة المحلية.

والمنطقة مصدر رئيس للإيرادات، كما أنها توفر فرصًا استثمارية كثيرة في قطاعات مرتبطة بالسياحة، مثل الفنادق والمطاعم والمنتجعات والمرافق الترفيهية، وتسعى الحكومة إلى تشجيع التوسع بهذا المجال عبر تسهيل الإجراءات وتنظيم أسعار الأراضي السياحية.

ويشكل قرار تحديد سعر المتر لأراضي التوسعات في البحر الأحمر خطوة مهمة لتوجيه الاستثمارات نحو هذه المنطقة، ما يعكس اهتمام السلطات بزيادة الاستثمارات السياحية وتنويعها.

وتسعى مصر إلى تعزيز قدراتها الفندقية بشكل كبير في السنوات المقبلة، حيث تهدف إلى مضاعفة عدد الغرف من 223 ألف غرفة حاليًا إلى نحو 500 ألف غرفة بحلول 2030، في إطار مواكبة النمو المتوقع في القطاع ، والذي يتطلع إلى جذب 30 مليون سائح سنويا.

ويرى محللون ضرورة تحفيز المستثمرين الراغبين في توسيع مشاريعهم السياحية القائمة، وأن السعر الذي تم تحديده عند 130 دولارا يمكن اعتباره مناسبًا من حيث الأسعار السائدة في بعض المناطق الكبرى، ومعقول مقارنة بأسعار الأراضي في الوجهات السياحية العالمية.

ولكن البعض يعتقد أن هذا السعر مرتفع بالنسبة إلى المشاريع التي تستهدف الأسواق الصغيرة والمتوسطة، ما يشكل قيدًا أمام المستثمرين الذين قد لا تكون لديهم القدرة على تحمل التكاليف في ظل تراجع العوائد المحتملة، خاصة إذا كانت تتطلب تمويلات إضافية.

ويقتصر القرار على الأراضي التي لا تتجاوز مساحتها 10 آلاف متر مربع، ما يحد من قدرة الشركات الكبيرة على التوسع، ويرى مستثمرون أن هذه القيود تقوض إمكانياتهم في بناء مشاريع ضخمة تتطلب مساحات شاسعة لتلبية احتياجات السوق.

وقال أحمد الشيخ عضو شعبة السياحة بالغرفة التجارية في شرم الشيخ إن “القلق بشأن عزوف المستثمرين ليس مستبعدا، ففي ظل تحديات اقتصادية، مثل ارتفاع أسعار مواد البناء، قد يواجه بعضهم صعوبة في التكيف مع هذه الزيادة في كلفة الأرض.”

وأضاف لـ”العرب” إن “الاستثمار السياحي يحتاج إلى تكاليف عالية للبنية التحتية والتجهيزات المبدئية، ما يزيد من الضغوط المالية على المشاريع الجديدة، وإذا كانت العوائد غير مضمونة بسبب التوترات الإقليمية قد يؤدي هذا إلى تردد المستثمرين بالاستثمار في هذه الأراضي.”

وربما يكون هذا السعر دافعًا لمستثمرين يرون أن منطقة البحر الأحمر تتمتع بجاذبية سياحية قوية وأن التوسع فيها يتيح لهم تحقيق عوائد مرتفعة مستقبلا، كما أن الإقبال على المشاريع الفاخرة يساهم في تعويض التكاليف المرتفعة للأراضي.

ورغم التحديات المحتملة، هناك إيجابيات قد تصب في صالح الحكومة والمستثمرين، منها زيادة جاذبية المنطقة عبر تحديد سعر المتر بطريقة منظمة، ما يعزز من شفافية السوق العقارية في البحر الأحمر، وهو يسهم في جذب المستثمرين المحليين والأجانب.

كما أن تحديد السعر بوضوح يقلل من حالة عدم اليقين التي قد تشكل حاجزًا للمستثمرين الجدد، وتعمل الخطوة كذلك على تعزيز النمو السياحي بتشجيع التوسع في المشاريع السياحية.

ويمكن أن يؤدي القرار إلى زيادة عدد الفنادق والمنتجعات في المنطقة، ما يزيد الطاقة الاستيعابية للسياحة ويعزز مكانة البحر الأحمر كوجهة سياحية عالمية.

وتعمل الخطوة على تحفيز سوق العمل عبر التوسع في القطاع السياحي، ما يعني توليد المزيد من الوظائف في مرحلة الإنشاءات أو مرحلة التشغيل، بالتالي تحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة.

وأكد باسم حلقة نقيب السياحيين في مصر أن الخطوة إيجابية بلا شك وتدعم الاقتصاد، إذ تعني الاستثمارات السياحية زيادة في العوائد من العملة الصعبة، ما يسهم في تعزيز النمو، في ظل الحاجة المستمرة إلى زيادة الدخل من القطاعات غير النفطية.

وحققت المؤشرات في 2024 أعلى معدلات للحركة الوافدة على الإطلاق، حيث بلغ عدد السائحين نحو 15.78 مليون سائح، حسب بيان سابق لمجلس الوزراء.

مصر تسعى إلى تعزيز قدراتها الفندقية في السنوات المقبلة، حيث تهدف إلى مضاعفة عدد الغرف من 223 ألف غرفة حاليًا إلى نحو 500 ألف غرفة بحلول 2030

وأوضح حلقة لـ”العرب” أن هناك ثمة تحديات مثل ارتفاع التكاليف التي قد تواجه الشركات، ما يعيق تطوير مشاريع سياحية جديدة.

وأشار إلى أنه لتجاوز هذه العقبة يمكن للحكومة تقديم حوافز ضريبية أو برامج تمويلية لدعم الشركات التي ترغب في الاستثمار في القطاع السياحي، ويمكن تقديم قروض ميسرة أو تسهيلات في سداد المبالغ المطلوبة على دفعات.

ومن التحديات الخطيرة عدم كفاية البنية التحتية، خاصة مع كون الأراضي المخصصة للمشاريع غير مجهزة بها، إذ سيزيد من كلفة التطوير ويقلل من جاذبية المنطقة للمستثمرين.

ويؤكد هذا الوضع ضرورة أن تبادر بتطوير البنية التحتية، مثل تحسين الطرق، وتوفير خدمات المياه والكهرباء، بالإضافة إلى تعزيز الأمن والخدمات الصحية في المنطقة.

كما أن زيادة المشاريع قد تضع ضغطًا على البيئة، في المناطق الساحلية التي تشهد إقبالًا كبيرًا من السياح، ولتفادي ذلك فإن على الحكومة فرض معايير بيئية صارمة تتعلق بالبناء والتوسع، وتقديم حلول مستدامة تحمي البيئة البحرية والبرية.

وقد تتعرض هذه الصناعة إلى تقلبات بسبب الأزمات الاقتصادية والاضطرابات السياسية، ما يؤثر سلبًا على عوائد الاستثمار، ولتعزيز الاستدامة يجب تنويع الأنشطة في البحر الأحمر والتركيز على جذب السياحة البيئية والثقافية والشاطئية.

وبما أن القرار خطوة إيجابية لجذب الأجانب عبر المشاريع المشتركة، لكن محللين يعتقدون أن ذلك مرهون بالأسعار المشجعة لشراء الأراضي واستقرار البيئة السياسية والاقتصادية، وتوفير حوافز مخصصة للمستثمرين الأجانب.

وإذا تمكنت الحكومة من توفير حوافز، مثل الإعفاءات الضريبية، وتسهيل إجراءات تراخيص البناء، وضمان استقرار السوق السياحية، فإن ذلك سيعزز من قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية.