يمنية تسخّر نصف عمرها لخدمة المرضى مجاناً

وكالة أنباء حضرموت

منذ أكثر من 35 عاماً، والسيدة اليمنية مريم صالح تقدم المساعدات للمحتاجين والمرضى النفسيين والمعدمين في مدينة تعز اليمنية.

"ماما مريم" أو كما يُطلق عليها "أم الخير"، البالغة من العمر 80 عاماً، تُعد نموذجاً استثنائياً في العطاء، حيث تعمل منذ أكثر من 3 عقود على مساعدة المحتاجين والمرضى بجهود ذاتية.

في منزلها البسيط، اعتادت مريم على إعداد ما تيسّر لها من طعام وفواكه وتمر، والذهاب به إلى مستشفى الأمراض النفسية والعصبية في مدينة النور شمال غرب تعز، لتقدّمه للمصابين كوجبة تسد جوعهم، واهتمام يخفف من معاناتهم.

100 وجبة أسبوعياً
سخّرت مريم نحو نصف عمرها لخدمة المحتاجين والمرضى النفسيين، أو كما تسميها "تجارة مع الله".

ورغم ذلك، تشعر اليوم بمرارة العجز عن مواصلة ما اعتادت عليه طوال السنوات الماضية، بسبب تدهور الأوضاع المعيشية.

الطعام الذي تقدمه مريم للمرضى النفسيين خلق بينها وبينهم علاقة ألفة ومحبة، فهي تعدّ لهم أسبوعياً نحو 100 وجبة.

تقول مريم صالح لـ"العين الإخبارية": "أتردّد على مستشفى الأمراض النفسية والعقلية منذ سنوات، وكان عدد المرضى في البداية لا يتجاوز 20 مريضاً، وكانوا في مكان مختلف، وكنت أقدم لهم ما أستطيع".

وتضيف: "الآن أصبح عددهم بالمئات، وأزورهم مرة أو مرتين في الأسبوع، وأعطيهم مما رزقني الله".

وتروي مريم بداية مساعدتها للمرضى قائلة: "في البداية كنت أملك دكاناً صغيراً أبيع فيه الخمير (الخبز)، وكنت أقدّمه لهم أسبوعياً، وأقضي بعض الوقت معهم، حتى اعتدت على وجودهم".

وتوضح أن ما دفعها لمساعدة المرضى والمحتاجين هو الظروف الصعبة التي يعيشونها، إضافة إلى معاناتهم مع المرض، وغياب الدعم الأسري عنهم.

يتردد آلاف المرضى على مستشفى الأمراض النفسية في تعز، يعانون من الفُصام والاكتئاب والاضطرابات النفسية والعقلية.

آثار نفسية حادّة
خلفت الحرب الحوثية المستمرة منذ 10 سنوات آثاراً نفسية قاسية، أبرزها الصدمات والاضطرابات، بعد أن جعلت المليشيات ملايين اليمنيين يعانون صحياً ونفسياً، إضافة إلى ما خلّفته من أزمات اقتصادية خانقة.

وقد فاقمت الحرب معاناة المواطنين في مختلف مناطق اليمن، ولم تخلُ أيامهم من لحظات القهر والمآسي.

فقد تسببت المليشيات في تشريد الملايين من منازلهم، وسقوط آلاف الضحايا بين قتيل ومصاب ومختطف ومخفي قسرياً، إلى جانب دفع المواطنين إلى رصيف البطالة.

ويُقدّر عدد اليمنيين الذين يعانون من الصدمات النفسية والإجهاد الناجم عن الحرب الحوثية بنحو 7 ملايين شخص، أي ما يقارب ربع سكان البلاد، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

وبحسب المنظمة، فإن جميعهم بحاجة إلى دعم نفسي وصحي، إلا أن نحو 120 ألفاً فقط يتمكنون من الوصول المستمر إلى هذه الخدمات.