قضية الأمن المائي توحد موقف مصر والسودان

وكالة أنباء حضرموت

يمثل الأمن المائي مسألة وجودية بالنسبة إلى مصر والسودان يستوجب التعاون والتنسيق للتوصل إلى اتفاق قانوني عادل ومُلزِم لملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، وهو محور أول زيارة يجريها وزير الخارجية السوداني الجديد علي الشريف منذ توليه مهام منصبه.

وأصدرت وزارة الخارجية المصرية، الخميس، بيانا أوضحت فيه أن لقاء وزير الخارجية بدر عبدالعاطي بوزير الخارجية السوداني علي الشريف عكس “تطابقا كاملا في المواقف بشأن قضية الأمن المائي”، حيث أكدا على أن “تحقيق الأمن المائي يمثل مسألة وجودية للبلدين لا يمكن التهاون فيها”.

وتقوم مصر بحراك دبلوماسي للتحذير من تفعيل “الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل”، المعروفة باسم اتفاقية “عنتيبي”، مؤكّدةً أنها بشكلها الحالي “تُخالف قواعد القانون الدولي للمياه، وتشجّع على الانقسام بدول حوض النيل” وهو موقف السودان أيضا الذي يرفض الاتفاقية.

وتُعارض مصر ومعها السودان الاتفاقية ويتمسّكان باتفاقات 1902 و1929 و1959 التي ترفض الإضرار بدول المصب، كما تُقرّ 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، ويرفضان أيّ مشروع مائي بمجرى النيل يُلحق أضراراً بالأمن المائي.

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة إن التصرفات الأحادية من جانب إثيوبيا تحتم التنسيق المشترك الذي يصل إلى حد التطابق بين مصر والسودان، في ظل مخاوف متنامية من جانب الدولتين بشأن تراجع تدفق المياه إليهما في سنوات الجفاف والجفاف الممتد والسنوات الشحيحة، ما يؤدي إلى مخاطر جسيمة على الدولتين، وفي ظل مخالفة أديس أبابا لاتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم في مارس 2015، وقانون البحار الدولية وغيرها من الاتفاقيات ذات الصلة، كما أن ذلك يعزز الموقف المصري – السوداني الموحد من اتفاقية عنتيبي”.

وأشار حليمة في تصريح لـ”العرب” إلى أن انتهاء إثيوبيا من تشييد سد النهضة أمر لا خلاف عليه وأن الدول الثلاث توافقت على ذلك خلال إعلان المبادئ، غير أن الأزمة تتمثل في الاعتراض على إجراءات الملء والتشغيل.

ولفت إلى أن عمليات الملء مستمرة حتى الآن، ومع تشغيل سد النهضة سيكون هناك تفريغ مستمر للمياه وكذلك تخزين، وأن التحرك المشترك يأتي في وقت لم يلتزم فيه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بإنهاء الأزمة خلال فترة تصل إلى أربعة أشهر كما كان مقرراً قبل أكثر من عام.

وأوضح أن تعيين وزير جديد للخارجية في السودان لديه علاقات متميزة مع مصر سيساهم في تعزيز تقارب مواقف الدولتين، وأن القاهرة تنوي انتهاج جميع الأساليب السياسية التي من شأنها الضغط على إثيوبيا للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم لملء السد وتشغيله.

وتجددت أزمة اتفاقية “عنتيبي” مع دخولها حيز التنفيذ، اعتبارا من 13 أكتوبر الماضي، وصادقت عليها 5 دول هي إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا وكينيا، ثم دولة جنوب السودان في الثامن من يوليو الماضي، لتكون الدولة السادسة، وبالتالي مكملة لثلثي دول الحوض بما يمهد لتنفيذ الاتفاقية، التي ابتعدت عنها الكونغو ومصر والسودان وبوروندي وإريتريا.

وتنص المادة 43 من الاتفاقية على دخولها مضمار التنفيذ في اليوم الـ60، الذي يلي إيداع وثيقة التصديق لدى الاتحاد الأفريقي.

مصر والسودان تتخوفان من إقامة دول المنبع مشروعات تستهلك كميات كبيرة من المياه بما يؤثر على حصصهما التاريخية

وتتخوف مصر والسودان من إقامة دول المنبع مشروعات تستهلك كميات كبيرة من المياه بما يؤثر على حصصهما التاريخية، حيث تغلق اتفاقية عنتيبي الباب أمام أيّ مفاوضات ممكنة حيال هذه الحصص.

وتُعدّ مصر من أكثر دول حوض النيل تضرراً من أيّ مشروعات مائية تُقام دون تنسيق على مجرى النهر، وفق تقدير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير محمد الشاذلي، مشيراً إلى أن “نهر النيل المورد الرئيسي للمياه في دولتَي المصبّ (مصر والسودان)، على عكس باقي دول الحوض التي تعتمد عليه بشكل هامشي”، وعَدّ المساس بحصة مصر المائية “تهديداً للحياة والوجود على أرضها”.

وتعتمد مصر على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المئة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، حسب بيانات وزارة الري المصرية.

لذلك جددت مصر والسودان موقفهما المعارض للمعاهدة بعد اجتماعات عقدتها الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل يومي 11 و12 أكتوبر الماضي.

وفي بيان عقب الاجتماع، جددت الدولتان التأكيد أن اتفاقية عنتيبي ليست ملزمة لهما كليا، وأن مفوضية الدول الـ6 الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل لا تمثل حوض النيل في أيّ حال من الأحوال، ودعتا دول الحوض لإعادة اللحمة، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية تسهم في الانقسام بين دول المنابع ودول المصب.

ويقول متابعون إن الرفض يوجه رسالة إلى المجتمع الدولي بشأن عدم شرعية الإجراءات الأحادية التي تتخذها بعض دول حوض النيل، وخاصة إثيوبيا.

ومن منظور القانون الدولي فإن “تأكيد اللجنة على عدم التزام مصر والسودان بالاتفاق يستند إلى أسس قانونية صلبة، فضلاً عن أن الاتفاقيات الدولية لا تلزم إلا الدول الأطراف فيها، وهو مبدأ راسخ في القانون الدولي”.