هل تجازف حماس باختيار محمد السنوار خلفا لشقيقه يحيى
يطرح مقتل رئيس حركة حماس يحيى السنوار الكثير من التساؤلات حول مصير الحركة، ومن سيتولى قيادتها، فهل سيكون قياديا من داخل غزة أم من خارج القطاع ممن هم موجودون حاليا في قطر وغيرها من دول المنطقة.
ورغم أن البعض يرجح أن يتولى قيادي سياسي زمام الأمور داخل حماس، لكن آخرين لا يستبعدون فرضية اختيار قيادي ذي خلفية عسكرية، كما جرى حينما تم اغتيال رئيس الحركة السابق إسماعيل هنية، والذي خلفه يحيى السنوار قبل أن يقتل الخميس بعملية عسكرية إسرائيلية في حي تل السلطان بمدينة رفح جنوب قطاع غزة.
ويتداول اسم محمد السنوار شقيق يحيى، الذي يعد من القادة الميدانيين المؤثرين داخل كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكري لحماس.
ومحمد السنوار من مواليد سبتمبر 1975، ونشأ في مخيم خان يونس للاجئين في قطاع غزة لأسرة فلسطينية لاجئة عام 1948 من بلدة مجدل عسقلان، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
وسبق وأن شغل منصب قائد لواء خان يونس التابع لكتائب “القسام”، ثم عضوا بارزا في هيئة الأركان، ويعد المسؤول عن جميع الأنشطة العملياتية للجناح العسكري للحركة.
كما يعتبر محمد السنوار مهندس أنفاق غزة، إذ اضطلع بتنفيذ أكبر المشروعات في القطاع لبناء شبكة الأنفاق تحت الأرض.
وباعتباره أحد أبرز المطلوبين لدى إسرائيل، كان ظهوره العلني نادرا، وقال أحد المسؤولين الأميركيين إذا تولى محمد السنوار قيادة حماس، فإن “المفاوضات ستفشل تماما”.
ووصف مسؤول أميركي سابق السنوار بأنه “متشدد تماما مثل شقيقه”، الذي اعتقدت الولايات المتحدة منذ فترة طويلة أنه على استعداد “للتضحية بالمدنيين الفلسطينيين لتحقيق رؤيته”.
وليس من الواضح بعدُ ما إذا كانت حماس على استعداد مجددا لتولي قيادي متصلب، وشخصية هي على رأس قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، إدارة الحركة، لكن الثابت أن القرار لا يزال بأيدي القيادات الميدانية في غزة، وليس خارج القطاع.
وعقب اغتيال شقيقه يحيى، سارع الجيش الإسرائيلي إلى تحديد محمد السنوار، باعتباره الهدف التالي له في غزة. وقال الجيش الجمعة إنه يبحث بنشاط عن محمد السنوار. ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” العبرية عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاجاري قوله إن “الجيش سيستمر في العمل في قطاع غزة ضد جميع القادة العسكريين لحركة حماس وبنيتها التحتية”.
ونجا محمد السنوار من ست محاولات اغتيال إسرائيلية، أُصيب خلال بعض منها، الأولى كانت عام 2003 بزرع عبوة ناسفة قرب منزله بمدينة خان يونس، فيما كانت المحاولة الأخيرة خلال حرب عام 2021.
ويرى مراقبون أن اختيار محمد السنوار خليفة لشقيقه سيعني أن الحركة ماضية في نهجها الحالي، وأن إسرائيل ستستغل الموقف من أجل المضي قدما في عملياتها العسكرية، وبالتالي استمرار معاناة سكان القطاع.
ونعت حركة حماس الجمعة رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار الذي أعلنت إسرائيل قتله الخميس في عملية في قطاع غزة، مؤكدة أن ذلك سيزيدها “قوة وصلابة”.
وقال عضو المكتب السياسي للحركة خليل الحية في كلمة متلفزة “ننعى القائد الوطني الكبير الأخ المجاهد الشهيد يحيى السنوار” الذي قُتل “مُمتشقا سلاحه، مشتبكا ومواجها لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف”.
محمد السنوار يعتبر مهندس أنفاق غزة، إذ اضطلع بتنفيذ أكبر المشروعات في القطاع لبناء شبكة الأنفاق تحت الأرض
وأضاف أن قتل السنوار “وكل القادة ورموز الحركة الذين سبقوه… لن يزيد حركتنا ومقاومتنا إلا قوة وصلابة وإصرارا على المضي في دربهم”.
وقاد يحيى السنوار (61 عاما) الحركة الإسلامية الفلسطينية في غزة منذ عام 2017، قبل أن يتم تعيينه رئيسا لمكتبها السياسي مطلع أغسطس خلفا لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران في الحادي والثلاثين من يوليو في هجوم نسب إلى إسرائيل.
وردّت الحركة الجمعة على موجة الدعوات الدولية التي أعقبت مقتل السنوار، للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها منذ هجومها غير المسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023.
وصرّح الحية “نقول للمتباكين على أسرى الاحتلال لدى المقاومة إن هؤلاء الأسرى لن يعودوا لكم إلا بوقف العدوان على شعبنا في غزة والانسحاب الكامل منها وخروج الأسرى الأبطال من سجون الاحتلال”.
ويتّهم الجيش والسلطات الإسرائيلية السنوار بأنه أحد المخطّطين الرئيسيين لهجوم السابع من أكتوبر 2023 والذي تسبب بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب إحصاء لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل رهائن ماتوا أو قتِلوا في الأسر في غزة.
اختيار محمد السنوار سيعني أن الحركة ماضية في نهجها، وأن إسرائيل ستستغل الموقف من أجل المضي في عملياتها
ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، تسببت بمقتل ما لا يقل عن 42438 فلسطينيا، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة في غزة.
وختم الحية “إننا ماضون في نهج حماس وروح طوفان الأقصى ستبقى جذوتها متقدة تنبض بالحياة في نفوس أبناء شعبنا”.
من جانبها، نعت كتائب القسام السنوار. وأكدت في بيان أن “مسيرة الجهاد لن تتوقّف” حتى “تحرير فلسطين”، معتبرة أن إسرائيل تخطئ إن ظنّت أنها “باغتيال قادة المقاومة… ستدفعها إلى التراجع”.
وأثار إعلان مقتل السنوار ردود فعل في المنطقة لاسيما من الأطراف المنتمية إلى ما يسمّى “محور المقاومة” المناهض لإسرائيل والذي تقوده طهران ويضمّ حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وفصائل عراقية وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
في طهران، اعتبر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن السنوار سيظل “مصدر إلهام” للقتال ضد إسرائيل في الشرق الأوسط.
من جانبه أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن “المقاومة” الفلسطينية لن “تتوقف” باغتيال زعيم حركة حماس.
وقدّم حزب الله التعازي بالسنوار الذي “وقف في مواجهة المشروع الأميركي والاحتلال الصهيوني”، مؤكدا وقوفه “إلى جانب الشعب الفلسطيني”.
في اليمن، قدّم الحوثيون العزاء بالسنوار. وأكد المتحدث الرسمي باسمهم محمد عبدالسلام أن غزة والقضية الفلسطينية “مصيرهما الانتصار مهما غلت التضحيات”.