تحول مصري جديد في إستراتيجية جذب الاستثمارات

وكالة أنباء حضرموت

تخطو القاهرة خطوات كبيرة على طريق تنفيذ إستراتيجية طموحة من أجل استقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، والسعي لتطوير هذا المحور ليكون في غضون سنوات قليلة أحد الأعمدة الرئيسية لنمو الناتج المحلي الإجمالي.

وفي تحرك من شأنه تغيير بيئة الأعمال في البلاد، تعتزم الحكومة المصرية بدء تنفيذ توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي قبل أيام بشأن استبدال الرسوم المتعددة التي تتقاضاها الجهات والهيئات الحكومية المختلفة بضريبة إضافية موحدة تُحسب على صافي الربح.

ومن المتوقع أن يتم العمل بهذا الإجراء في السنة المالية المقبلة التي تبدأ في يوليو 2025 بعد الانتهاء من حصر شامل للرسوم المفروضة على المستثمرين من مختلف الجهات الحكومية، وفق مصادر تحدثت لـ”العرب”.

ويتطلب تطبيق الضريبة تعديلات تشريعية وإدارية مهمة، الهدف منها بشكل رئيسي تخفيف الأعباء المالية والإجرائية عن المستثمرين، ما يسهم في تحسين بيئة الاستثمار في البلاد وجذب المزيد من رؤوس الأموال وأصحاب المشاريع.

ويقول محللون إن الخطوة تأتي في إطار سلسلة من التدابير التي تتبناها الحكومة لتحفيز مناخ الأعمال في مصر، وشملت أيضا استعراض الرئيس السيسي خلال لقائه الأخير مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية جهود تهيئة مناخ الأعمال في البلاد.

ومن بين هذه الجهود، تم استعراض البرنامج الجديد لرد أعباء الصادرات، وموقف الأعباء الإجرائية التي يتحملها المستثمرون، وتطرق الاجتماع إلى الخطة المقترحة لتخفيف هذه الأعباء، مثل توحيد جهة التحصيل، وتدشين منصة للكيانات الاقتصادية تسهل الإجراءات وتسرع المعاملات.

وتسعى الحكومة إلى إتاحة سداد رسوم الإفراج الجمركي بعد انتهاء ساعات العمل بالبنوك، بهدف خفض عدد الأيام اللازمة للإفراج الجمركي من 8 إلى 6 أيام فقط.

كما يتيح هذا المسار استمرار عمل الخدمات الجمركية خلال العطلات الرسمية وأيام الجمعة، في خطوة تهدف إلى تسريع حركة التجارة وتخفيف الأعباء على المستثمرين.

وفي سياق التحول الجذري لإستراتيجية جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وجه الرئيس السيسي الحكومة إلى إلغاء الرسوم المتعددة التي تفرضها جهات رسمية متعددة على الشركات، واستبدالها بضريبة موحدة تُحسب على صافي الأرباح.

ويعد هذا القرار استجابة لمطالب متكررة من مجتمع الأعمال في مصر، ويعبّر عن حاجة ملحة إلى تخفيف الأعباء المالية والإجرائية على الشركات والمستثمرين.

وعلاوة على ذلك يمثل هذا القرار تحولا مهما نحو تبسيط بيئة الاستثمار في البلاد، وهو ما يشجع على جذب الاستثمارات ويعزز من قدرة القطاع الخاص على النمو والتوسع.

ويشير إلغاء هذه الرسوم المتعددة إلى خطوة جادة لتطوير العلاقة بين الدولة والمستثمرين، وبات يمكن تحديد الكلفة التي يتحملها المستثمر بشكل أكثر شفافية.

◙ خطط لإتاحة سداد رسوم الإفراج الجمركي بعد انتهاء عمل البنوك، لخفض عدد الأيام اللازمة للإفراج الجمركي من 8 إلى 6

ومن المنتظر أن يسهم هذا التغيير في تحسين بيئة الاستثمار في مصر بشكل كبير، ويُسهل على الشركات وضع خطط مالية واضحة ومحددة بعيدًا عن أي تعقيدات إدارية قد تكون تعيق نمو أعمالها.

وقال رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية أحمد الوكيل إن “التحول نحو فرض الضريبة الموحدة على صافي الأرباح خطوة إيجابية”، مشددا على “ضرورة أن يتم توضيح التفاصيل الكاملة حول الرسوم المتعددة التي ذكرها الرئيس السيسي.”

وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن “الضريبة التي تُستقطع من صافي الربح تساهم في خلق مناخ استثماري جيد وتُحسن من قدرة المنتج المصري على المنافسة في الأسواق الخارجية.”

وأشار الوكيل إلى أن هذه الخطوة تمثل تحولا كبيرا لتبسيط المنظومة المالية، وهو ما ينعكس إيجابا على تحسين بيئة الأعمال، ويجعلها أكثر شفافية وعدالة، ما يسهم في جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.

ومن شأن القرار المنتظر أن يحقق العدالة الضريبية، وينتقل الاقتصاد المصري إلى مرحلة أكثر تنظيما، ويساعد على دمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي.

ويعني هذا الوضع بالضرورة أن العديد من الشركات والأعمال غير المسجلة سوف تتمكن من الانضمام إلى النظام الاقتصادي الرسمي، والمساهمة في زيادة الإيرادات الحكومية وأيضا إحلال الشفافية المنشودة.

وأكد نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين مجدالدين المنزلاوي أن الجمعية سوف تقوم بإعداد مقترح حول الضريبة الموحدة وإرساله إلى مجلس الوزراء.

وذكر في تصريحات لـ”العرب” أن المقترح يشمل آليات تحديد هذه الضريبة والنسب التي قد تصل إليها، من أجل ضمان توافقها مع مصالح جميع الأطراف المعنية.

وأشار المنزلاوي إلى أهمية تحسين المعاملة الضريبية للمستثمرين، بما في ذلك تسهيل إجراءات الفحص الضريبي وتقديم الإقرارات الضريبية، ما يجعل من عملية الامتثال الضريبي أكثر مرونة وسهولة.

وتساهم الضريبة الموحدة في تحفيز النشاط الاقتصادي بمصر، وتعمل على تبسيط الإجراءات الضريبية وتقليل العبء على الشركات والمستثمرين.

كما تساعد هذه السياسة في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، في ظل التحسينات المستمرة في بيئة الأعمال والإصلاحات الهيكلية التي تنفذها الحكومة المصرية حاليا.

ويُعتبر هذا التغيير جزءا من جهود الحكومة لتطوير بيئة الأعمال في مصر، وجذب المزيد من الاستثمارات، ما يعكس التزام أجهزة الدولة بتحقيق التنمية المستدامة وزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد المصري على المستويين الإقليمي والدولي.

ومن التيسيرات المرتقب تقعيلها أيضا بالتزامن مع التسهيلات المالية، التوسع في مجال رقمنة الخدمات الحكومية وتبسيط الإجراءات الإدارية.

وناقشت السلطات خطة لتدشين منصة إلكترونية موحدة مخصصة لخدمة الكيانات الاقتصادية، تهدف إلى توفير نقطة اتصال واحدة، ما يتيح للمستثمرين إتمام كافة عمليات تسجيل الشركات، واستخراج التراخيص، والحصول على الموافقات اللازمة بسهولة.

وتسهم هذه المنصة في تقليل البيروقراطية التي تعرقل تدفق الأعمال التجارية وتوسيع نطاق المشاريع، ما يوفر بيئة أكثر جذبا لجميع المستثمرين، ومن خلالها سوف يتمكنون من إنجاز كافة الإجراءات اللازمة بسرعة وكفاءة، وتعزيز قدرة الشركات على التوسع والنمو.