دي ميستورا يشجع على استثمار الزخم الدولي لتسوية ملف الصحراء المغربية
مع الدعم الدولي الواسع والمتزايد الذي يحظى به المغرب في ملف الصحراء خصوصا من فرنسا والولايات المتحدة اللتين تتمتعان بحق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن، دعا المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستافان دي ميستورا، إلى استثمار “الزخم الإيجابي” السائد لدفع مسار تسوية النزاع الإقليمي، مشددا أن المرحلة المقبلة وتحديدًا الأشهر الثلاثة المقبلة، تُمهد لوضع خارطة طريق جديدة باتجاه الحل.
وقال دي ميستورا خلال إحاطته في جلسة مغلقة بمجلس الأمن الدولي خُصصت لبحث تطورات قضية الصحراء المغربية، “أعتقد أن الزخم الجديد، القائم على انخراط نشط ومتجدد من بعض أعضاء هذا المجلس، بمن فيهم الأعضاء الدائمون، سيكون مناسبة لتهدئة إقليمية، وأنه في حال تحقق ذلك، سنكون قادرين على تقديم دعم فعّال، ويمكن أن تصبح جلسة أكتوبر 2025 مناسبة مهمة جداً لهذا المجلس. لافتا إلى “أن عزيمتي، التي يوافقني فيها الأمين العام، لتسهيل هذا المسار، لا تزال راسخة.”
ويشهد ملف الصحراء اتجاها متزايدا نحو الحسم مع تصاعد عدد الدول التي تعترف بالحل المغربي كإطار وحيد لحل النزاع المفتعل، خصوصا أن الجزائر التي تعتبر المعرقل الرئيسي لتسوية النزاع باتت تدرك ضعف موقفها لاسيما مع توالي أزماتها الدبلوماسية مع دول الجوار وفرنسا.
واعتبر متابعون أن زيارة وزير الدولة الفرنسي جان نويل بارو، الأخيرة إلى الجزائر ولقائه مسؤولين رفيعي المستوى، يعتبر مؤشراً على بداية تراجع التوتر الذي سببه الموقف الفرنسي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وفي ما يتعلق بالاعتراف الدولي بعد قرار واشنطن دعمها لموقف المغرب، جدد جان نويل بارو وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي الدعم “الواضح والثابت لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، باعتباره الإطار الوحيد الذي يجب من خلاله إيجاد تسوية لهذه القضية،” مؤكدا في لقاء مع نظيره المغربي ناصر بوريطة بباريس، أن “الأمر يتعلق بـالأساس الوحيد للتوصل إلى تسوية سياسية، مع تأكيد بلاده التزامها بـمواكبة المغرب في جهوده الكبيرة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.”
وفي هذا الصدد قال عمر هلال الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، أن الإحاطة التي قدمها المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، تأتي في سياق تجديد الولايات المتحدة تأكيدها على اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، حيث شددت بلغة “واضحة وقوية” على أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب هي الحل الوحيد لتسوية هذا النزاع.
واعتبر أن واشنطن تحذوها إرادة واضحة لإنهاء نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية، معربا عن أمله في أن يحتفل المغرب بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء في نوفمبر المقبل بطيّ هذا النزاع بشكل نهائي، “مع جيراننا الجزائريين.”
وفي السياق ذاته استمع مجلس الأمن تحت الرئاسة الدورية للسفير الفرنسي، إلى إحاطة من رئيس بعثة المينورسو ألكسندر إيفانكو، الذي قدم تقريراً مفصلاً عن الوضع الميداني، وأكد أن بوليساريو غير قادرة “على إلحاق أضرار كبيرة بالقوات المسلحة الملكية المغربية، ولا على تغيير الوضع الراهن بالوسائل العسكرية، وأن القوات المسلحة الملكية، المجهزة بقدرات عسكرية كبيرة، تظهر ضبط النفس حتى الآن.”
وأشار إيفانكو إلى أن بوليساريو رفضت مبادرته بوقف إطلاق النار خلال شهر رمضان، في حين قبلت القوات المسلحة الملكية العرض، مع تأكيد احتفاظها بحق الرد مشيدا بتعاون الجيش المغربي مع البعثة الأممية، والتنسيق الدائم من خلال الزيارات الميدانية والدوريات البرية والجوية.
ملف الصحراء يشهد اتجاها متزايدا نحو الحسم مع تصاعد عدد الدول التي تعترف بالحل المغربي كإطار وحيد لحل النزاع المفتعل
وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية، في تصريح لـ”العرب”، “نلاحظ مع احاطة دي ميستورا وايفانكو أن هناك بعدا جوهرياً في التعاطي دبلوماسياً وقانونياً مع النزاع حول الصحراء المغربية رغم مناورات الجزائر الهادفة إلى إطالة النزاع واستخدام بوليساريو كأداة لتحقيق مصالحها الإقليمية، مما يدفع نحو مفاوضات جدية في مسار التسوية السياسية الأممي، لاعتماد حلول سياسية واقعية على أساس مقترح الحكم الذاتي المغربي، تنتهي بطي هذا الملف والتفرغ للتنمية في كل دول المنطقة المغاربية.”
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد شدد بمناسبة الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، في نوفمبر الماضي، على ضرورة أن تتحمل الأمم المتحدة مسؤولياتها وتوضح الفارق الكبير بين الواقع الشرعي للمغرب في صحرائه، وبين المواقف التي لا تعكس حقيقة التطورات الميدانية والدولية.
وتبعا للدور الذي تلعبه واشنطن في هذا الملف أعلنت المسؤولة الرفيعة للشؤون السياسية بوزارة الخارجية الأميركية ليزا كينا، بأنها التقت بالمبعوث الأممي للصحراء دي ميستورا، وجددت التأكيد على أن مبادرة المغرب للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، هي الحل الوحيد لحل نزاع الصحراء كما صرح وزير الخارجية ماركو روبيو.
وفي غضون ذلك، اعتبر المبعوث الأممي في احاطته حديث واشنطن عن حكم ذاتي “حقيقي” انتصاراً لموقفه السابق المتمثل في “مطالبة المغرب بتقديم تفاصيل هو مقترح المملكة،” القاضي بمنح المناطق الصحراوية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية.
وأكد عمر الشرقاوي، أستاذ القانون العام، في تصريح لـ”العرب”، أن تنويه ألكسندر إيفانكو، أمام أعضاء مجلس الأمن، يعني أن القوات المسلحة الملكية حافظت على المسؤولية واحترام الاتفاقات الأممية لفتح المجال للشرعية الدولية والخيارات الدبلوماسية في إطار السيادة الوطنية، حتى في خضم بعض مظاهر التطاول على التراب المغربي من طرف ميليشيات بوليساريو، كما يعطي للأمم المتحدة درسا في المسؤولية لكي تقوم بعملها بفعالية ولحسم هذا النزاع المفتعل بالطرق الدبلوماسية والسلمية قبل أن تُضطر إلى اللجوء للخيار العسكري الذي سيكون الخيار الأخير الذي لا يمكن التراجع عنه بعد ذلك.
وتطرق رئيس المينورسو في إحاطته للطريق الذي يشيده المغرب بطول 93 كيلومترًا يربط السمارة ببوابة جدار الرمال في أمغالا المؤدية إلى موريتانيا، والذي سيكون مناسبًا لحركة المركبات والمعدات العسكرية الثقيلة، مما يعزز الكفاءة التشغيلية للقوات المسلحة الملكية المنتشرة على طول الجدار الرملي.