العلويون الفارون من العنف الطائفي يعودون إلى الساحل السوري
بدأ بعض سكان الساحل السوري الذين لجأوا إلى قاعدة جوية روسية هربا من أعمال قتل على أساس طائفي في العودة إلى قراهم المدمرة، بينما لا يزال البعض الآخر داخل القاعدة خوفا على حياتهم.
ولجأ الآلاف إلى قاعدة حميميم الجوية بعد أعمال عنف اجتاحت منطقة الساحل السوري الأسبوع الماضي واستُهدفت خلالها بلدات وقرى ذات أغلبية علوية في هجمات أسفرت عن مقتل المئات.
وقالت رنا (34 عاما) إنها توجهت إلى القاعدة مع عائلتها بعد فرارها من منزلها في قرية الصنوبر ذات الأغلبية العلوية، مضيفة أنهم استيقظوا على دوي إطلاق نار فهربوا أولا إلى منطقة أخرى من القرية قبل التوجه مع سكان آخرين إلى حميميم الواقعة على بُعد 11 كيلومترا. وفر بعض العلويين إلى لبنان المجاور.
وعادت رنا إلى قرية الصنوبر أمس الخميس بعدما أكد لها شقيقها أن الوضع هادئ وأن قوات الأمن الحكومية متواجدة، فيما يخشى آخرون المغادرة.
وقالت "الصراحة في خوف.. في خوف أكيد.. بس إن شاء الله بتكون الأمور للأمام أحسن... أملنا كبير إنه تكون أحسن".
وتصاعد العنف الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت السلطات السورية بقيادة جماعة هيئة تحرير الشام، وهي جماعة سنية، أن قواتها الأمنية تعرضت لهجوم على يد مسلحين موالين للرئيس السابق بشار الأسد الذي تعود أصول عائلته العلوية إلى المنطقة الساحلية.
وأدى الهجوم إلى عمليات قتل واسعة النطاق استهدفت العلويين في أسوأ أعمال العنف منذ الإطاحة بالأسد في ديسمبر من العام الماضي بعد حرب أهلية استمرت 14 عاما. وقال الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، زعيم هيئة تحرير الشام سابقا والذي كان قياديا في تنظيم القاعدة قبل أن يقطع علاقاته بالتنظيم في 2016، إن المسؤولين عن أعمال العنف سيُحاسبون.
وفي الساحل السوري شوهد العديد من المنازل والمتاجر التي تعرضت للحرق والنهب وقرى مهجورة إلى حد كبير وذلك خلال زيارة للمنطقة أمس الخميس.
واصطحب رجل كان قد عاد لتوه إلى قرية الصنوبر الصحفيين إلى منزل قال إنه عثر فيه على جثتي أخيه وابن أخيه. ورفض ذكر اسمه حرصا على سلامته.
وشوهد اسم جماعة مسلحة سنية عربية متحالفة مع الحكومة مكتوبا على الجدران في عدة أماكن. كما كتب على أحد الجدران رسالة تقول إنتم من جلبتم ذلك على أنفسكم.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أمس الخميس إن نحو 9000 شخص سعوا للاحتماء في حميميم التي أنشئت كقاعدة جوية روسية في عام 2015 حين دخلت موسكو الحرب السورية إلى جانب الأسد.
وتحاول روسيا بناء علاقات مع القيادة السورية الجديدة وما زال مصير قاعدة حميميم والقاعدة البحرية الروسية في طرطوس غير واضح.
وقال أحمد عبدالرحمن، وهو مسؤول أمني حكومي، إن 1500 شخص لجأوا إلى القاعدة الجوية التي زارها "بالتنسيق مع أصدقائنا الروس".
وفي ترديد لتصريحات أخرى للسلطات عن العنف، قال عبدالرحمن إن قوات الأمن الحكومية تعرضت لهجوم من فلول سلطات الأسد وبعد ذلك "تم دخول جهات متفلتة.. عصابات متفلتة.. وبدأت بأعمال تخريبية في المنطقة أدت إلى لجوء أغلب أهالي المنطقة المحيطة بالمطار.. والقرى المحيطة بالمطار.. لجأت إلى مطار حميميم"
وأضاف "حاليا نعمل على تأمين المنطقة من فلول النظام البائد والعصابات التخريبية من أجل تأمين خروج العوائل لمنازلهم وقراهم المحيطة بالمطار"
وانتشرت قوات الأمن الحكومية بكثافة خارج القاعدة، بينما حلقت طائرة حربية روسية في سماء المنطقة.
وكانت فلك عيسى (60 عاما) من بين أفراد أسرة تغادر القاعدة على متن شاحنة من القاعدة الجوية لتعود إلى قريتها القليعة، داعية إلى تدخل دولي لحماية الأهالي والطائفة العلوية.
وقالت فلك "صار كل أنواع القصف بالقنابل والرشاشات اللي بدك إياها، كل أنواع الأسلحة... رعب حقيقي بكل معاني الكلمة".