مروان البرغوثي.. هل يكون مفتاح حكم غزة وحل الدولتين؟

وكالة أنباء حضرموت

في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل تحويل محيط قطاع غزة إلى محيط أمني، تبرز مشكلة أساسية لم تجد حلاً حتى الآن: من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب؟.

وبحسب تقرير لشبكة "سي.إن.إن" الإخبارية الأمريكية، فإن القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي، الذي يقبع في السجون الإسرائيلية قد يكون الخيار الأفضل لتحقيق السلام.
ففي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنها لا تنوي حكم غزة بشكل مباشر، تقول الشبكة إن الفلسطينيين بدورهم يرفضون  أي قوة خارجية تتولى إدارة القطاع، وهو ما يجعل مستقبل الحكم في غزة موضع تساؤلات عميقة، وتحدياً حقيقياً أمام كل الأطراف.

من البديل المقبول؟
وسط ذلك تطرح الشبكة الإخبارية الأمريكية تساؤلات حول ما إذا كان هناك حل قد تقبله إسرائيل، ويحظى في الوقت نفسه بمصداقية وشرعية شعبية لدى الفلسطينيين.

قالت مصادر فلسطينية، السبت، إن إسرائيل لا تمانع الإفراج عن الأسير مروان البرغوثي، ضمن المرحلة الأولى من صفقة الرهائن المرتقبة بين حماس وإسرائيل، ضمن اتفاق وشيك للتهدئة ووقف إطلاق النار بغزة.

ووفقًا لاستطلاعات رأي فلسطينية، برز اسم تصدر كل نتائج الاستطلاعات باعتباره الأكثر شعبية بين الفلسطينيين، وهو مروان البرغوثي، الذي لا يزال خلف القضبان منذ قرابة عقدين.

وفي دليل على شعبيته، لفتت الشبكة الأمريكية إلى أن جدران الفصل الإسرائيلية ما تزال مغطاة بصور البرغوثي، الذي يرى فيه البعض "مانديلا فلسطين"، فيما يعتبره آخرون في الدولة العبرية "إرهابيًا" مسؤولًا عن مقتل إسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية.

صور البرغوثي على جدار الفصل الإسرائيليمن هو البرغوثي؟
البرغوثي هو قيادي بارز في حركة "فتح"، الفصيل الوطني "العلماني" التابع للسلطة الفلسطينية، ووصف في وقت سابق بأنه الخليفة المحتمل للرئيس الراحل ياسر عرفات، وشارك في تأسيس الحركة إلى جانبه.

في يونيو (حزيران) 2004، أدانه القضاء الإسرائيلي بتهم تتعلق بالإرهاب والقتل، على خلفية هجمات خلال الانتفاضة الثانية، وهو ما ينفيه البرغوثي، حيث رفض الاعتراف باختصاص المحكمة.

ويشير التقرير إلى أن البرغوثي ورغم سجنه، حافظ على شعبيته الواسعة في الشارع الفلسطيني، إذ يتجاوز حضوره السياسي الانقسامات التقليدية، ويحظى بقبول من الإسلاميين والعلمانيين على حد سواء، إذا أن الإفراج عنه أولوية قصوى للفصائل الفلسطينية.

مكانة خاصة
وذهب التقرير إلى أنه عبر التاريخ، برزت شخصيات قادت نضالات ثورية تحولت لاحقًا إلى رموز سياسية قادرة على التفاوض من أجل السلام، رغم أن بعضهم كان يُصنف سابقاً كـ"أشرار" و"إرهابيين"، من بينهم نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا، وجيري آدامز في إيرلندا الشمالية.

ويقول الباحث الفلسطيني خالد الشقاقي – الذي أجرى استطلاعات الرأي الأخيرة – لصحيفة "الغارديان" إن "البرغوثي هو الزعيم الفلسطيني الأكثر شعبية على قيد الحياة"، مشيرًا إلى أن الاحترام الكبير الذي يحظى به يمكن أن يمنحه مكانة سياسية تمكّنه من التفاوض على تسوية مع إسرائيل.

مروان البرغوثيويُذكر أن البرغوثي كان مؤيداً قوياً لاتفاقيات أوسلو للسلام، ووفقًا لنجله، فإنه لا يزال ملتزماً بحل الدولتين، وهو ما يجعل من طرح اسمه احتمالاً سياسيا جاداً لما بعد الحرب، كما تقول الشبكة الأمريكية.

ترحيب حذر 
ولعل اللافت كما يرى التقرير، أن البرغوثي رغم كونه محكوماً بالمؤبد في سجون إسرائيل، يُنظر إليه من قبل بعض القيادات الإسرائيلية كخيار واقعي قد يفتح طريقًا نحو تسوية.

وقال الرئيس السابق لجهاز "الشاباك" الإسرائيلي، عامي أيالون، في تصريح لمجلة "الإيكونوميست": "من مصلحتنا أن يشارك البرغوثي في الانتخابات الفلسطينية القادمة، وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل".

ويرى التقرير أن غياب قيادة فلسطينية فعالة منذ وفاة عرفات عام 2004 شكّل عائقاً كبيراً أمام أي تقدم في عملية السلام،  في حين أن القيادة الحالية برئاسة محمود عباس، تعاني من ضعف في الشعبية، بحسب التقرير الأمريكي.

كما أن قدرة حركة حماس على الأرض بفعل الحرب، ومقتل عدد كبير من قادتها، وعلى رأسهم يحيى السنوار وإسماعيل هنية، إلى جانب تصاعد احتجاجات داخلية ضد استمرارها بالحكم، كلها عوامل ساهمت بشكل كبير في تراجع شعبية الحركة.

ورغم هذه التطورات، ما تزال إسرائيل تتردد في إطلاق سراح البرغوثي.

وربما يعود هذا التردد كما تقرأ "سي.إن.إن"، إلى أن وجود قائد فلسطيني قوي يتمتع بشرعية شعبية واسعة لا يصب في مصلحة حكومة إسرائيل الحالية، خاصة في ظل تداعيات هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي لا تزال تلقي بظلالها على الداخل الإسرائيلي.

كشفت منظمتان  فلسطينيتان، اليوم الإثنين، عن إصابة الأسير مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جراء تعرضه لاعتداء في سجن مجدو الإسرائيلي.

ورغم ذلك ترى الشبكة الأمريكية أن السيناريو الأفضل لفلسطين، والمنطقة، وربما للعالم، هو التوصل إلى حل سياسي يرسم مسارًا نحو سلام دائم، وقد يكون مروان البرغوثي هو القائد الفلسطيني الوحيد القادر على تحويل هذه الرؤية إلى واقع.