زعيم إخوان تونس بين فكي التآمر والإرهاب
عشرية سوداء من الحكم كانت كفيلة بإسقاط جميع أقنعته لتقدمه في نهايتها إلى مقصلة المحاسبة.
واليوم الأربعاء، تمر الذكرى الثانية لاعتقال زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي (83 عاما) بتهمة إرهابية، في إجراء قضائي لم ينج بدوره من جماعة تحاول إخراجه عن مضمونه عبر تكثيف دعواتها للإفراج عن رئيسها والترويج بأنه سجين سياسي.
وفي مسامرة رمضانية قبل عامين، زعم الغنوشي في تصريحات أمام أنصاره، أن إبعاد حزب النهضة، الذراع السياسية لإخوان تونس، من السلطة، يشكل "تمهيدا للحرب الأهلية في تونس، وبداية لانطلاقة الفوضى في البلاد".
وواصل الغنوشي إطلاق مزاعمه، قائلا إن "تونس بدون النهضة والإسلام السياسي مشروع حرب أهلية".
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن كل محاولات الجماعة لتبييض صورة راشد الغنوشي وتلميعها وتصنيفه في خانة سجناء الرأي والسياسة لا تستقيم نظرا لتورطه وشبهة تورطه في عدة قضايا أخرى.
«عراب الإرهاب»
في تعقيبه على الموضوع، يرى الناشط والمحلل السياسي التونسي عبد الكريم المحمودي أن الغنوشي ليس سجينا سياسيا مثلما تروج جماعته.
ويقول المحمودي، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أنه خلافا للقضية الأولى التي تم توقيفه بشأنها في 26 رمضان 2023، فإن الغنوشي يواجه عدة قضايا من بينها قضية التآمر على أمن الدولة وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والاغتيالات السياسية والفساد المالي.
وأوضح أن «الغنوشي تم توقيفه لأول مرة على خلفية تصريحاته وكانت كلمة سر لأنصاره من أجل الانطلاق في إحداث الفوضى في البلاد، وهذا ما فسرته الوثائق التي تم العثور عليها في منزله وفي منزل ابنته خلال تلك الليلة».
ولفت إلى أن «تلك التصريحات ليست بالغريبة على عراب الإرهاب في تونس، وعن حركة النهضة المعروفة بالعنف منذ نشأتها أواسط سبعينيات القرن الماضي».
وأكد أنه في ليلة القبض على الغنوشي، عثرت قوات الأمن بمكتبه على مخطط كامل الملامح يهدف لتأجيج الأوضاع في البلاد وإغراقها في عدم الاستقرار.
ويقوم المخطط على ضرورة تشكيل «لجان شعبية» في كل المدن والقرى من أبناء حركة النهضة غير المنتسبين والمنتمين هيكليا للحزب.
وينص هذا المخطط على ضرورة أن تستهدف هذه «اللجان الشعبية» التي سيتم تشكيلها، فئات معينة في المجتمع التونسي لتحريضها على الدولة وعلى الرئيس قيس سعيد تحديدا.
كما يتحدث هذا المخطط أيضا عن رصد مبالغ مالية محددة لتلك الأعمال، وقد عثر أيضا على قائمة تضم أسماء قيادات أمنية وعسكرية سابقة من أجل إعادة اختراق الأمن والجيش التونسيين.
و"اللجان الشعبية" مصطلح تطلقه حركة النهضة على مليشيات تشكلها من اللصوص وأصحاب السوابق، وتوظفها لاستهداف أشخاص أو أحزاب منافسة، تماما كما فعلت في 2011 تحت مسمى "لجان ورابطات حماية الثورة".
قضايا أخرى
يواجه الغنوشي عدة قضايا أخرى، إذ حكم عليه مطلع فبراير/شباط الماضي بالسجن 22 عاما في ما يعرف بقضية "إنستالينغو".
وتعود أحداث القضية إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، بإيقاف عدد من موظفي شركة "انستالينغو" بتهم بينها "ارتكاب أمر جسيم ضد رئيس الدولة التونسية"، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي، والقيام بأعمال الجاسوسية.
وشملت التحقيقات حينها عددًا من الصحفيين والمدوّنين وأصحاب الأعمال الحرة والسياسيين، بينهم الغنوشي، وابنته، وصهره رفيق عبد السلام، والمتحدث الرسمي السابق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي.
كما يحاكم الغنوشي، القابع في السجن منذ أبريل/نيسان 2023، في قضية التآمر على أمن الدولة، إضافة إلى ملف "اللوبيينغ" المتعلق بتمويل حزب النهضة خلال انتخابات 2019.