تغير المناخ يقوض إيصال منتجات القهوة إلى الأسواق

وكالة أنباء حضرموت

تجري شركات تحميص القهوة، مثل لافاتزا وإيلي ونستله وجي.دي.إي بيتس، الشركة المصنعة لقهوة دوي إيجبرتس، محادثات حاليا مع تجار التجزئة لتحمل تكاليف مضاعفة أسعار قهوة أرابيكا تقريبا خلال العام الماضي، وفقا لثمانية مصادر في القطاع.

وارتفعت أسعار قهوة أرابيكا الخام بشدة بسبب أربعة مواسم متتالية من العجز، حيث صعّب سوء الأحوال الجوية زراعة ما يكفي من حبوب البن الرقيقة لتلبية طلب المستهلكين.

وفي ظل ضغط شركات تحميص القهوة لرفع الأسعار، تقاوم متاجر البقالة والسوبر ماركت، وتؤجل توقيع صفقات توريد جديدة، إلى درجة أن بعضها نفد مخزون القهوة لديها.

وفي أحد الأمثلة على ذلك، نفدت منتجات القهوة من سلسلة متاجر السوبر ماركت الهولندية ألبرت هاين، أكبر سلسلة متاجر في البلاد، مثل دوي إيجبرتس وسينسيو.

وصرح متحدث باسم ألبرت هاين بعد اختتام الشركة محادثاتها مع جي.دي.إي بيتس، إحدى أكبر شركات تحميص القهوة في العالم، بأن المنتجات عادت إلى الرفوف في العشرين من مارس الحالي، وإن كانت بأسعار أعلى.

وقال المتحدث لرويترز، لم تذكر هويته، “ارتفعت أسعار شراء جي.دي.إي بيتس بشكل ملحوظ. وسنتحمل جزءا من هذه الزيادة في الأسعار للحفاظ على أسعار المنتجات في متناول الجميع”.

وأكدت جي.دي.إي بيتس، التي حذرت من انخفاض أرباحها هذا العام بسبب ارتفاع أسعار القهوة، أن المواجهة مع المشترين في هولندا وألمانيا أدت إلى فقدان بعض منتجاتها من الرفوف. وأوضحت أنها استكملت منذ ذلك الحين 90 في المئة من مفاوضات الأسعار.

وارتفعت الأسعار العالمية لقهوة أرابيكا، المستخدمة عادة في خلطات التحميص والطحن، بأكثر من 20 في المئة هذا العام، بعد أن ارتفعت بنسبة 70 في المئة العام الماضي.

وعانت البرازيل، المنتجة لنحو نصف إنتاج العالم من قهوة أرابيكا، من أسوأ موجات الجفاف على الإطلاق. وفي المتوسط، تمثل حبوب البن الخام حوالي 40 في المئة من تكلفة الجملة لكيس قهوة محمصة ومطحونة.

وهذا يعني أنه إذا تم تجاوز ارتفاع سعر حبوب البن الخام الذي حدث العام الماضي بالكامل هذا العام، فسيعادل ذلك ارتفاعا في السعر بنسبة 28 في المئة على المستهلك، وفقا لريج واتسون، مدير أبحاث الأسهم في بنك آي.أن.جي الهولندي.

ويعتقد واتسون أن الأسعار سترتفع بنسبة تتراوح بين 15 و25 في المئة وأن المستهلكين قد يشعرون بالارتفاع دفعة واحدة في بعض الأسواق.

وهناك ارتفاعات أكبر في الدول التي تراجعت عملاتها بشكل كبير مقابل الدولار. وتشمل هذه الدول البرازيل، ثاني أكبر مستهلك لهذا المشروب في العالم، وأكبر منتج له.

ووفقا لوثائق أُرسلت إلى المتعاملين، رفعت ثري كوراكوس، وهي شركة برازيلية كبيرة لتحميص البن، أسعار التحميص والطحن بنسبة 14.3 في المئة مطلع هذا الشهر، بعد أن رفعتها سابقا بنسبة 11 في المئة في يناير و10 في المئة في ديسمبر، وفق رويترز.

وأفادت جمعية محمصي البن البرازيلية (أبيك) بأن ارتفاع الأسعار في البلاد حاد، حيث ارتفعت أسعار حبوب البن الخام بنسبة 170 في المئة في البرازيل العام الماضي بالعملة المحلية.

ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار أرفف المتاجر البرازيلية بنسبة 40 في المئة، مع توقعات بالمزيد من الزيادات هذا الشهر، وفقا لجمعية أبيك.

وقال بافيل كاردوسو، رئيس الجمعية، لرويترز “بدأ الناس بالفعل في ترشيد الاستهلاك وتغيير عاداتهم. فإذا كانوا في السابق يعدّون ترمسا كبيرا في المنزل للعائلة، ويرمون أحيانا ما يتبقى في الحوض، فإنهم الآن يقللون من الهدر”.

وتظهر بيانات أعدتها شركة أبحاث السوق نيلسن لرويترز أن حجم مبيعات البن المحمص والمطحون في أميركا الشمالية وأوروبا، وهما أكبر منطقتين استهلاكيتين في العالم، انخفض بنسبة 3.8 في المئة العام الماضي، بينما ارتفعت الأسعار بنسبة 4.6 في المئة.

ومع توقعات بارتفاع الأسعار هذا العام بشكل حاد، من المتوقع أن يتسع نطاق الانخفاض في أحجام المبيعات.

وقال تاكر مارشال المدير المالي لفولجرز لتصنيع القهوة، والتي تبيع منتجاتها لتجار التجزئة الأميركيين مثل وول مارت وتارجت، في مؤتمر عبر الهاتف في وقت سابق هذا الشهر، إن الشركة “تتوقع انخفاضا في حجم مبيعاتها في سنتها المالية التي تبدأ في مايو، حيث سترفع أسعارها مجددا.”

وكانت الشركة، التي تبيع أيضا قهوة دانكن وكافيه بوستيلو، قد رفعت أسعارها بالفعل في يونيو وأكتوبر الماضيين.

ومما يثير قلق محمصي القهوة أيضا أن المستهلكين الذين يعانون من ضائقة مالية يقاومون ارتفاع أسعار السلع، من خلال البحث عن عروض مميزة أو التوجه نحو علامات تجارية رائجة في المتاجر الكبرى، مثل أرقى منتجات تيسكو.

وتشمل هذه العلامات التجارية، التي يُطلق عليها قطاع صناعة القهوة “العلامة التجارية الخاصة”، العديد من المنتجات التي تتجاوز القهوة، وتنتجها المتاجر الكبرى داخليا لخفض التكاليف وتوفير بدائل أرخص للمستهلكين.

وتظهر بيانات أعدتها شركة أبحاث السوق سيركانا ومقرها شيكاغو لرويترز أن حصة القهوة الأميركية ذات العلامة التجارية الخاصة من إجمالي السوق، من حيث حجم المبيعات، قد نمت بنسبة 13 في المئة بين عامي 2021 و2024، من 20.51 إلى 23.12 في المئة.

ولذلك، يواجه محمصو القهوة مأزقا. إما أن يتحملوا بعض الزيادات في التكاليف ويأملوا في استمرار المستهلكين في الشراء، أو أن يرفعوا أسعارهم حتى لا تنخفض هوامش ربحهم.

وعلى أي حال، تعدّ النتيجة ضربة للأرباح الإجمالية، لم تستثن حتى سلاسل المقاهي مثل ستاربكس، وهي أقل تأثرا بالكثير من المقاهي مثل جيه دي إي بيتس، حيث تُشكّل حبوب البن الخام أقل من اثنين في المئة من تكلفة فنجان القهوة في المقهى.

في هذه الأثناء، يشتري محامصو القهوة والتجار أقل قدر ممكن من القهوة، إذ يكافحون لتمرير التكاليف إلى المتاجر الكبرى.

وصرّح مسؤول تنفيذي في شركة كبيرة تعمل في قطاع التخزين لرويترز بأن مستودعات القهوة القريبة من الموانئ الأميركية تخزّن حاليا نصف كمياتها المعتادة.