الأردن يطوّع أدوات الذكاء الاصطناعي للتأقلم مع تغير المناخ
تبنّى الأردن سياسات طموحة وإستراتيجيات مستدامة من أجل خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز الطاقة المتجدّدة وحماية التنوع البيولوجي.
وتهدف هذه السياسات في المحصلة النّهائية إلى مواجهة التّحديات البيئيّة المتزايدة المتمثّلة في التغير المناخي وشحّ الموارد الطبيعية وارتفاع الطلب على المياه والطاقة عبر تطويع أدوات الذكاء الاصطناعي في تعزيز جهود الأردن البيئية.
وأكّد خبراء أن التأقلم مع تغير المناخ وإدماج التكنولوجيا الحديثة وتعزيز التعاون الدولي، وتحديث التشريعات البيئية، ودعم الأبحاث العلمية، خطوات أساسية يبذلها الأردن لضمان استدامة جهوده في تحقيق التنمية البيئية المتوازنة.
ويرى عدي الطويسي، المتخصص في تكنولوجيا التعليم واستشراف المستقبل أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في التنبؤ بموجات الحر والعواصف الرملية، وتحسين كفاءة الطاقة المتجددة، وتطوير حلول تخزين الطاقة.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى الطويسي قوله إن هذه التقنية المتقدمة “تعزز الزراعة الذكية من خلال تطوير خوارزميات لإنتاج الغذاء بناءً على بيانات المناخ، ما يسهم في ضمان الأمن الغذائي والتكيف مع التغيرات المناخية.”
ويعاني البلد من ندرة المياه والتصحر، ما يؤثر على التنوع البيولوجي، لذلك اعتمدت الحكومة الإستراتيجية الوطنية للمياه 2023 – 2040 لتعزيز إدارة الموارد المائية بكفاءة عبر تقنيات الري الحديثة.
ويشمل ذلك إعادة استخدام المياه المعالجة، ومكافحة تدهور الأراضي، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع تشجير للحدّ من التصحّر وحماية الموائل الطبيعية.
لكن مع ذلك، هناك تحديات تنفيذ سياسات المناخ، بما فيها نقص التمويل وضعف البنية الأساسية، والضغوط الاقتصادية الناتجة عن استضافة اللاجئين.
وقال أكثم أبو خديجة الباحث في تطوير الأصناف النباتية إن “توفر البيانات المناخية الدقيقة يجعل استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورة للتنبؤ بتغيرات الإنتاج الزراعي، الأمر الذي يساعد على وضع خطط إستراتيجية لضمان توفر الغذاء مستقبلاً.”
ويعمل الأردن مع الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة لتطوير مشاريع بيئية وتمويل مبادرات الطاقة المتجدّدة والتكيّف المناخي. كما شارك في اتفاقية باريس لتعزيز دوره في الجهود العالمية.
وأوضح عمر شوشان رئيس اتحاد الجمعيات البيئية الأردني أن بلده تبنى إستراتيجيات واضحة للحدّ من انبعاثات الكربون والتكيف مع التغير المناخي.
وتطرق إلى السياسة الوطنية للتغير المناخي وإستراتيجية طويلة الأمد لخفض الانبعاثات التي تركز على تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وأشار في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى أن هذه الجهود تتجسد في مشاريع كفاءة الطاقة وبناء محطات شمسية والرياح، وإدماج مسار خاص لتخفيض الانبعاثات ضمن رؤية التحديث الاقتصادي.
ومن المتوقع أن يسهم هذا المسار في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إذ تغطي 29 في المئة من إجمالي الطاقة الكهربائية، ما يدعم أمن الطاقة، ويقلل الانبعاثات، ويوفر فرص عمل خضراء تحرك عجلة التنمية.
ووسّع الأردن شبكته من المحميات الطبيعيّة، مثل محمية العقبة البحرية ووادي رم والموجب وضانا والأزرق وفيفا وغابات عجلون، التي تعدّ خطوط الدفاع الأولى ضد تأثيرات التغير المناخي.
كما نفذت برامج لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة وحماية الأنواع المهدّدة بالانقراض عبر استعادة الموائل الطبيعية وإعادة الإكثار لها في بيئاتها الأصلية.
ومن أبرز تلك التوجهات استخدام الأردن الذكاء الاصطناعي لتقييم المخاطر المناخية، وتطبيق تقنيات زراعية مستدامة، مثل الزراعة المائية والمحاصيل المقاومة للجفاف والظروف القاسية، ما يساعد في ضمان الأمن الغذائي رغم تراجع الإنتاجية.
ويطالب شوشان بتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والمنظمات الدّولية، وتطوير القدرات المحلية، وتكثيف التدريب، والتركيز على حلول مبتكرة منخفضة التكلفة للتغلب على هذه التحدّيات.
ويظهر دليل الأداء البيئي العالمي 2024 تقدم الأردن في مكافحة التلوث وتغير المناخ، حيث احتل المركز الـ74 عالميًّا والثالث عربيًّا. كما سجل تقدمًا في إدارة مورد الأسماك، وتقليل انبعاثات الكربون، وتحسين جودة الهواء، رغم التحديات المستمرة في إدارة النفايات، والزراعة، والتنوع البيولوجي.
وتؤكد منى هندية، المتخصصة في السياسات البيئية أن الأردن يواصل جهوده لمواجهة تغير المناخ من خلال جهود تشمل تحسين إدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة المجتمع المحلي على التأقلم، وتطوير مشاريع بيئية لحماية التنوع البيولوجي.
وأشارت إلى مشروع تعزيز التنوع الحيوي والقدرة على الصمود للنظم البيئية الساحلية في العقبة، الذي يشمل استزراع 200 وحدة من الشعاب المرجانية الاصطناعية، ما يدعم السياحة البيئية ويحافظ على النظام البيئي البحري.
وأوضحت أن بلادها تتبنى حلولًا مثل تقنيات الري الذكية، والحصاد المائي، وزيادة استخدام المياه المستصلحة، كما تنفذ مشاريع لاستعادة الأراضي المتدهورة، منها إعادة زراعة النباتات المحلية، وتثبيت الكثبان الرملية، وحماية الأنواع المهددة بالانقراض.
وبينت أن الطاقة المتجددة تشكل ركيزة أساسية للتنمية المستدامة، حيث يهدف الأردن إلى رفع نسبتها إلى 50 في المئة بحلول 2030. كما يتم تطوير مشاريع لتخزين الطاقة وتحسين كفاءة الاستهلاك، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة واتفاق باريس للمناخ.