عطل محافظات عراقية يثير امتعاض السوداني

وكالة أنباء حضرموت

أثار تكرار تعطيل الدوام الرسمي مؤخرا في المحافظات العراقية من قبل رؤساء الحكومات المحلية، امتعاض رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الثلاثاء، مطالبا المحافظين بتقديم أسباب حقيقية وموجبة لتعطيل الدوام الرسمي، وذلك في ظل الترهل الوظيفي الذي يعرقل عمليات الإنتاج ويرهق خزينة الدولة، بنحو 34 تريليون دينار (حوالي 25.95 مليار دولار) سنويا على أيام العطل.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه المحافظين بضرورة توافر أسباب حقيقية وموجبة لتعطيل الدوام الرسمي عموماً، وخلال تقلبات أحوال الطقس، وعلى وجه الخصوص، تعطيل دوام المدارس".

وشدد على "ضرورة الأخذ بعين الاهتمام توفير الوقت الكافي لإتمام المناهج التربوية والتعليمية، والالتزام بالتوقيتات المثبتة للعام الدراسي"، وفقا للمتحدث.

وقررت عدد من إدارات مدن ومحافظات العراق وإقليم كردستان، الاثنين، تعطيل الدوام الرسمي ليوم الثلاثاء، بسبب برودة الطقس وسوء الأحوال الجوية.

وأعلن محافظ نينوى عبدالقادر الدخيل تعطيل الدوام الرسمي في المدارس فقط بسبب انخفاض درجات الحرارة، ووجه أن يكون دوام الموظفين في الدوائر الحكومية عند الساعة التاسعة صباحاً بدلاً من الساعة الثامنة صباحاً.

إلى ذلك، أكد المكتب الإعلامي لمحافظ صلاح الدين أن "المحافظ بدر الفحل اطلع على التقرير الصادر عن الأنواء الجوية في المحافظة، والذي أشار إلى انخفاض حاد وغير مألوف في درجات الحرارة وبناءً على ذلك، وجّه بتعطيل الدوام الرسمي في جميع المدارس في المحافظة الاثنين حفاظًا على سلامة الطلبة"، كما تقرر تقليص الدوام الرسمي، حيث سيبدأ الدوام في جميع الدوائر الحكومية الساعة التاسعة صباحًا بدلًا من الثامنة صباحًا.

وفي كركوك، وجه المحافظ ريبوار طه بتعطيل الدوام الرسمي برياض الأطفال والمدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية مع الهيئات التدريسية فقط ليومي الاثنين والثلاثاء حفاظاً على سلامة الطلبة بسبب انخفاض درجات الحرارة الشديد.

كما دعت لجنة التربية النيابية وزير التربية إلى تعطيل الدوام الرسمي في المدارس، بسبب موجة البرد الحالية.

أما في إقليم كردستان، فقد قررت عدة مدن تعطيل الدوام اليوم الثلاثاء إثر موجة البرد، حيث أعلنت مديرية تربية سوران تعطيل الدوام في جميع المدارس والمعاهد بسبب الجليد وعدم استقرار الأحوال الجوية، مشيرةً إلى أن العطلة لا تشمل أداء الامتحانات التمهيدية للصف الثاني عشر الإعدادي.

كما قرر قائمقام قضاء جومان تعطيل الدوام في جميع المدارس والدوائر الحكومية باستثناء الامتحانات الخارجية، إثر تساقط الثلوج انخفاض درجات الحرارة إلى أقل من 9 – 20 درجة تحت الصفر.

وفي السياق، أعلنت إدارات بيارة وتويلة والقرى التابعة لهما في محافظة حلبجة تعطيل الدوام.

كما عطلت 8 محافظات بينها العاصمة بغداد الدوام الرسمي، الأحد الماضي، بالتزامن مع التشييع المركزي للأمين العام السابق لحزب الله اللبناني الذي اغتالته إسرائيل في سبتمبر 2024.

ويسجل العراق سنويا، قرابة 214 يوما كعطلة رسمية وغير رسمية نتيجة المناسبات التي تشهدها البلاد، فضلا عن عطلتي نهاية الأسبوع الجمعة والسبت، الأمر الذي جعل العراق يحتل صدارة دول العالم بعدد أيام العطل الرسمية وبتنوع مناسباته الوطنية والدينية، فضلا عن عطل غير رسمية تفرضها ظروف خاصة، ما يكبد خزينة الدولة خسائر بملايين الدولارات عن كل يوم عطلة نتيجة عدم تعويض ساعات العمل في دوائرها ومؤسساتها.

ويقدر الخبراء حجم الخسائر المالية عن كل يوم عطلة بمئات ملايين الدولارات، وذلك بسبب تراجع الإنتاج. ويؤثر تعطيل المصالح العامة على المؤسسات الحكومية، وخاصة تلك الخدماتية منها، التي لها تماس مباشر مع شؤون المواطنين اليومية وأعمالهم.

وأكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في تصريح إعلامي أن "مجموع الرواتب السنوية للموظفين وسواهم يبلغ 90 ترليون دينار"، مبينا أن "مجموع أيام الجمعة والسبت 104 أيام في السنة، فيما أشار إلى أن "مجموع العطل الرسمية في العراق عدا العطل الخاصة يبلغ 16 يوما، فيما يبلغ مجموع العطل غير الرسمية 20 يوما تقريبا، فيما يبلغ مجموع العطل الرسمية وغير الرسمية 140 يوما".

وتابع أن "عدد أيام العمل الفعلية في السنة يبلغ 225 يوما، فيما تبلغ الكلفة اليومية للعطل الرسمية وغير الرسمية مع يومي الجمعة والسبت 246 مليار دينار"، مؤكدا ان "الكلفة السنوية للعطل الرسمية وغير الرسمية تبلغ 34 ترليون دينار".

وأوضح أن "الكلفة السنوية للعطل الرسمية وغير الرسمية عدا يومي الجمعة والسبت تبلغ 9 ترليونات دينار تقريبا، فيما بلغت الكلفة السنوية للعطل غير الرسمية 5 ترليونات دينار تقريبا".

ورأى أن "العطل بنوعيها تسبب خسائر مالية كبيرة للعراق وبالذات العطل غير الرسمية التي تمنح لأسباب مختلفة من بينها المطر وارتفاع درجات الحرارة والزيارات وتعادل هذه الخسارة في العطل غير الرسمية الموازنة السنوية لسوريا"، موصيا "حصر صلاحية منح العطل الرسمية وغير الرسمية برئاسة مجلس الوزراء".

وتحولت العطل الرسمية، إلى شبه ظاهرة في العراق، وباتت تمنح بسبب غزارة الأمطار في الشتاء أو ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، فضلا عن المناسبات الدينية العديدة أو الوطنية.

ويشمل تعطيل الدوام الرسمي في العراق، بدوره كافة السفارات والقنصليات في دول العالم، وهو ما أثر سلبا على الدول التي تحتوي جالية عراقية كبيرة، حيث تأثرت هذه الجالية بتوقف عمل السفارات، لاسيما بقضايا منح الجوازات المرتبطة بالإقامة في تلك الدول، وبعض الأوراق الرسمية الأخرى التي يحتاجها المقيم العراقي، وهو ما لم تضعه تلك الدول في الحسبان، خاصة في المعاملات التي فيها موعد محدد لإنجازها.

ويواجه تعديل قانون العطل الرسمية صعوبات بسبب الخلافات السياسية والطائفية، حيث تسعى كل جهة إلى إضافة عطل خاصة بها.

ويزيد ارتباط غالبية العطل بمناسبات دينية من صعوبة النقاش حولها، حيث تدافع الأحزاب الدينية عن تلك العطل على الرغم من الخسائر المالية الكبيرة التي تتكبدها البلاد.

وكانت وزارة الثقافة العراقية أعدت صيغة جديدة لقانون العطل الرسمية، لكنّ أحزاباً سياسية وجدت أنّ فقرات في المقترح "تثير الحساسية عندما تتعلّق بمناسبات مثيرة للجدل". وقالت الوزارة في بيان إن "العراق بات الدولة الأولى عالميا في عدد العطل الرسمية، الأمر الذي يؤثّر على الإنجاز والحالة الاقتصادية وتقدّم البلاد"، واقترحت أن يكون هناك 12 يوم عطلة رسمية فقط.

ووفقا قانون الموازنات العامة الاتحادية للسنوات 2023، و2024، و2025، يبلغ عدد الموظفين في العراق أربعة ملايين و74 ألفا و697 موظفاً وموظفة، وحدد القانون نفسه عدد موظفي إقليم كردستان بـ658 ألفا و189 موظفاً وموظفة.

وتتجسد في بعض مؤسسات الدولة مشاهد درامية متكررة بسبب أعداد الموظفين الكثيرة، حيث أن بعض الموظفين لا يجدون مكانا يجلسون فيه، وآخرون يتناوبون على الجلوس، يضطر بعضهم إلى شراء المقاعد وجلبها للمؤسسة بعد تدوين أسمائهم عليها كي لا يشغلها سواهم.

ويعود إقبال المواطنين على الوظائف الحكومية، بحسب معنيين، لأسباب عديدة، منها تفشي البطالة وعدم وجود دعم حكومي للقطاع الخاص أو قانون ينظم عمله، إضافة إلى الراتب التقاعدي الذي تضمنه الحكومة للموظفين، والرواتب المجزية التي كان يتقاضاها الموظفون.

ويشار إلى أن 9.5 ملايين عراقي يعتمدون في معيشتهم على الدولة بصورة مباشرة (موظفون ومتقاعدون وذوو الرعاية الاجتماعية)، وهو ما قد يشكل نسبة 23 بالمئة من سكان العراق الذي تقدر وزارة التخطيط عدد سكانه بنحو 42 مليون نسمة.