أمطار الشتاء تنقذ تونس من عام سادس على التوالي من الجفاف
أنقذ فصل الشتاء الماطر حتى شهر يناير الجاري، تونس من شبح الجفاف للعام السادس على التوالي، مع تجاوز المخزون المائي في السدود 31 في المئة من طاقة استيعابها الإجمالية.
وضرب الجفاف تونس منذ العام 2019 بسبب انحباس في الأمطار لفترات طويلة متواترة ما أدى إلى تراجع احتياطات المياه المخزنة في السدود إلى مستويات خطيرة، فضلا عن تقلص في محاصيل الحبوب والخضروات وارتفاع الأسعار.
ولكن تهاطل الأمطار في شهري ديسمبر الماضي ويناير الجاري منح قبلة الحياة للمزارعين.
وبحسب آخر تحديث للمرصد الوطني الزراعي أمس الاثنين، وصل حجم احتياطي المياه في السدود 31،4 في المئة من طاقة استيعابها. وكان الاحتياطي في أكتوبر عند مستوى 21،7 بالمئة.
وللحد من استنزاف الموارد المائية لجأت السلطات منذ عامين إلى نظام الحصص لمياه الشرب عبر الشبكة الوطنية لتوزيع المياه في بعض المناطق وفرضت قيودا على بعض الزراعات السقوية.
نسبة امتلاء السدود التونسية، بلغت، 31,4 في المئة، مع احتياطي إجمالي بحوالي 737,166 مليون متر مكعب
وتعد تونس من بين الدول الأكثر تهديدا من قبل تداعيات الاحتباس الحراري في حوض المتوسط.
وبلغت نسبة امتلاء السدود التونسية، إلى حدود يوم 20 يناير الجاري، نسبة 31,4 في المئة، مع احتياطي إجمالي بحوالي 737,166 مليون متر مكعب مسجلا بذلك تراجعا بنسبة 3،62 بالمائة مقارنة بنفس التاريخ من سنة 2024 (تحول من 764.898 مليون متر مكعب إلى 737.166 مليون متر مكعب)، وفق بيانات نشرها الاثنين “المرصد الوطني الفلاحي.”
وأبرز المرصد أن مخزون السدود يتأتى أساسا من سدود الشمال (36.8 في المئة) بحجم 675.092 مليون متر مكعب. أما السدود الأخرى بالوطن القبلي والوسط فقد سجلت نسب امتلاء بلغت على التوالي 18،2 في المئة بمخزون يبلغ 11.266 مليون متر مكعب، و11،3 في المئة باحتياطي مائي يبلغ 50.808 مليون متر مكعب.
ويبرز توزيع هذا الاحتياطي المائي في السدود الرئيسية بالشمال، أن الحجم الأكبر تم تجميعه في سد البراق (183.029 مليون متر مكعب)، تليه سدود سيدي سالم (107.021 مليون م3) وسجنان (63.605 مليون متر مكعب) وبوهرتمة (41.502 مليون متر مكعب) وجومين (18.542 مليون متر مكعب) وسليانة (7.178 مليون متر مكعب).
وبخصوص سدود الوسط، فقد بلغ مخزون سد سيدي سعد 22.109 مليون متر مكعب، وسد بئر مشارقة (8.430 مليون متر مكعب) ونبهانة (4.753 مليون متر مكعب).
وتبلغ إيرادات السدود لهذا الموسم 466.165 مليون متر مكعب مقارنة بمعدل الفترة 734.251 مليون متر مكعب، أي بفارق 268.085 مليون متر مكعب.
ودفعت الأزمة السلطات التونسية بوضع مخطط للاستثمار في قطاع المياه ضمن مشاريع وزارة الزراعة، ومن بين المشاريع الجديدة التي انطلقت فيها السلطات التونسية لإيجاد حلول في قطاع المياه، إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر بمحافظتي قابس جنوب شرق البلاد وصفاقس وسط شرق، إضافة إلى بناء سدود جديدة وآبار عميقة جديدة.
وتزايد اهتمام السلطة التونسية بأزمة نقص مياه الشرب في الفترة الأخيرة، حيث لجأت إلى بناء محطات تحلية خصوصا في مناطق الجنوب، وأهمها محطة الزارات من محافظة قابس (جنوب) التي دشّنها الرئيس قيس سعيد الصيف الماضي.
وتندرج محطة تحلية مياه البحر بالزارات ضمن البرنامج الإستراتيجي للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، الرامي إلى تعزيز الموارد المائية بالجنوب الشرقي وتأمينها إلى أفق 2035.
وتوجد في تونس 18 محطة تحلية مياه من بينها 15 محطة لتحلية المياه الجوفية.
ودخلت تونس قبل أشهر حالة طوارئ مائية تتمثل في نظام مقنن لتوزيع المياه على المنازل والمساكن، ومنع استعماله في أغراض أخرى تتمثل في غسل السيارات، وغيرها بسبب أزمة الجفاف الحادة.
ومنذ اعتماد نظام تقسيط المياه، تعمد شركة استغلال وتوزيع الماء إلى قطعه ليلًا في محافظات تونس الكبرى والمحافظات الساحلية، فيما يتواصل القطع لأيام في محافظات الجنوب.
وتُصنّف تونس ضمن البلدان الفقيرة مائيا نتيجة الجفاف وزيادة الاستهلاك والتغيرات المناخية، ما يجعل من الكميات المجمعة في السدود الضمانة المتوفرة لتدارك العطش.
وتحتل تونس المرتبة الـ30 عالميا من حيث ندرة المياه، حيث تبلغ حصة الفرد 420 مترا مكعبا سنويا، وشهدت البلاد سنوات متتالية من الجفاف. وفي أبريل 2023، أصدرت وزارة الزراعة التونسية قرارا يقضي بالحد من استعمال المياه الصالحة للشرب لأغراض زراعية وريّ المساحات الخضراء وتنظيف الشوارع والأماكن العامة وغسيل السيارات، وباعتماد نظام الحصص لتوزيع المياه على السكان، وأعادت القرار إلى تواتر سنوات الجفاف وضعف الإيرادات بالسدود، مما انعكس سلبا على مخزونها المائي الذي بلغ مستوى غير مسبوق.