مصر تحمل ملف الخسائر لسلطنة عمان وتسأل: إسرائيل المتضررة أم نحن من خنق الحوثي لقناة السويس

وكالة أنباء حضرموت

حملت القاهرة ملف خسائر قناة السويس إلى سلطنة عمان بهدف التدخل لوقف تهديدات الحوثي في البحر الأحمر، موجهة سؤالا يطرح منذ بدء الهجمات الحوثية بشأن المتضرر منها حقا: إسرائيل أم الاقتصاد المصري؟

لكن ليس معروفا كيف ستتحرك سلطنة عمان لإقناع الحوثيين بوقف التهديدات في البحر الأحمر، وهل أن الخطة العمانية ستكون ضد الكلام الدارج على لسان مفتي السلطنة أحمد بن حمد الخليلي، الذي يتحمس لـ”خنق” إسرائيل باستخدام الأدوات الحوثية، في الوقت الذي تدفع فيه مصر الثمن.

وبحث وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي في سلطنة عمان الاثنين ملف البحر الأحمر وأهمية سلامة الملاحة وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك مباشرة بأمن الدول المشاطئة، وتأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس السنة الماضية.

هل ستكون الخطة العمانية ضد الكلام الدارج على لسان المفتي الذي يتحمس لـ"خنق" إسرائيل باستخدام الأدوات الحوثية

وأكد عبدالعاطي خلال لقائه في مسقط مع نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد “تقدير القاهرة الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، والدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.”

وجاءت هذه الزيارة بعد نشر الباحث الإسرائيلي وعضو في مركز ديان بجامعة تل أبيب يهوشوع ميري ليختر معلومات أشار خلالها إلى “تدخل وشيك لمصر ضد جماعة الحوثي، ردا على استمرار هجماتها في البحر الأحمر.”

لكن مصدرا مصريا مسؤولا نفى في تصريحات لوسائل إعلام محلية قيام القاهرة باستعدادات للتدخل العسكري في اليمن، قائلا “هذه التقارير وما تتضمنه من معلومات مضللة، ليس لها أساس من الصحة.”

وذكر يهوشوع ميري ليختر على منصة إكس أن إسرائيل تدفع باتجاه مشاركة مصر في ردع الحوثي ووقف تراجع إيراداتها من قناة السويس جراء تقييد الملاحة عبر البحر الأحمر، وأن “القوات الجوية المصرية تعد خططا هجومية على الحوثيين، والجيش أعد نموذجا في الصحراء الليبية بين مدينتي قصر الفرافرة وبوليت، تتدرب عليه القوات الجوية المصرية.”

ويقول مراقبون إن هذه النوعية من التقارير لا تصدر من فراغ، إذ تتضمن معلومات محددة، وتتسق مع الانزعاج المصري الذي يظهر في العلن من حين إلى آخر بسبب ارتفاع الكلفة المادية جراء العمليات التي تقوم بها جماعة الحوثي في جنوب البحر الأحمر وأدت إلى تضرر الملاحة فيه، ومن ثم تحاشي المرور عبر قناة السويس.

ويضيف المراقبون أن نفي القاهرة لا يلغي وصول رسالة ضمنية تفيد بإمكانية التفكير في اللجوء إلى القوة مع نفاد سياسة الصبر الإستراتيجي التي تتبعها مصر في ظل مواصلة الخسائر واستمرار التهديدات الحوثية والرد عليها من جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل لفترة طويلة.

وقد تكون زيارة عبدالعاطي إلى مسقط محاولة أخيرة للحل الدبلوماسي بعد عدم الحصول على نتيجة إيجابية من إيران وتدخلها عمليا لدى الحوثيين إثر زيارة الرئيس مسعود بزشكيان إلى القاهرة في ديسمبر الماضي لحضور قمة دول الثماني.

وقال عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان المصري اللواء يحيى الكدواني إن زيارة وزير الخارجية إلى مسقط تستهدف تحريك الجهود الدبلوماسية عبر أكثر من مسار، منها مساعي وقف إطلاق النار في غزة باعتبار أن ضربات الحوثيين تهدف إلى مساندة الشعب الفلسطيني، وتوازيها تحركات من عمان، والتي لديها قنوات تواصل قوية مع جماعة الحوثي في اليمن، ويمكن أن تساعد على تهدئة الأوضاع في منطقة البحر الأحمر بما يضمن استقرار حركة الملاحة الدولية.

وأكد لـ”العرب” أن “جميع خيارات مصر دبلوماسية بأوجه مختلفة، ولن تنجر نحو الحلول العسكرية، وتقوم بتوظيف علاقاتها الإيجابية مع جميع الجهات لوقف حرب غزة أولا، وبعد ذلك سوف تقف العمليات العسكرية بين جماعة الحوثي وإسرائيل.”

وشدد على أن النفي المصري لما رددته وسائل إعلام إسرائيلية يعني أن التوجه العسكري “لا يزال مستبعدا من الأجندة الخارجية للدولة،” وأن هذا الخيار لم يكن مطروحا من قبل، ويصعب طرحه حاليا، فمصر لن تكرر أخطاء حرب اليمن في ستينات القرن الماضي، فضلا عن تبنيها سياسة خارجية تدعم الحلول السلمية ولا تعادي شعبا عربيا، ولن توجه سلاحها تجاه مواطنين يمنيين، وتترك الأمور وفقا لتقديرات الأطراف المتصارعة في البحر الأحمر.

وأشار وزير خارجية مصر من مسقط إلى أهمية التعاون مع سلطنة عمان لتعزيز الأمن العربي، وحرص بلاده على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، في ظل اضطرابات تشهدها المنطقة على عدة جبهات.

وذكرت وكالة الأنباء العمانية أن الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني استقبل الوزير المصري، وخلال المقابلة تم استعراض العلاقات الثنائية وأوجه التعاون القائم بين البلدين، وبحْث سبل تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة.

وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية إن بدر عبدالعاطي بحَث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري مع عمان خلال لقائه وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في عُمان قيس اليوسف، والعمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـ”الدقم”، جنوب شرقي مسقط، والربط البحري بين ميناءي “الدقم” و”صلالة” وعدد من الموانئ المصرية، بما يعزز التبادل التجاري وتعميق التعاون في مجال النقل الملاحي والتخزين اللوجستي.

وحسب معلومات مصرية رسمية في أكتوبر الماضي تراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار في العام المالي المنقضي إلى 7.2 مليار دولار.