ديوان المحاسبة بالأردن في مرمى الانتقادات: جهاز رقابي تعوزه الاستقلالية
أثار التقرير السنوي الذي أصدره ديوان المحاسبة انتقادات في الأردن، وسط مطالبات نيابية بضرورة إدخال تعديلات قانونية تعزز من استقلالية الديوان عن السلطة التنفيذية.
وسجل التقرير تراجعا في عدد المخالفات المالية والإدارية للوزارات والمؤسسات الحكومية، لكن أوساطا نيابية شككت في حصيلة المخالفات التي عرضها الديوان، معتبرة أنها لا تتوافق وأرض الواقع.
وكشف التقرير عن إصدار 417 مخرجا رقابيا في عام 2023 موجّهة لـ141 جهة خاضعة للرقابة، ومتضمّنة 4883 ملاحظة ومخالفة، حيث تمّ تصويب 2366 ملاحظة ومخالفة وبنسبة استجابة إجمالية بلغت 48 في المئة.
ويرى متابعون أن الانتقادات الموجهة للديوان لا يخلو بعضها من خلفيات سياسية في علاقة بموقف البعض من السلطة التنفيذية، ومحاولاتهم التشكيك في أي منجزات حكومية، لاسيما في ما يتعلق بمكافحة الفساد.
وقال رئيس كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي صالح العرموطي، خلال جلسة نيابية لمناقشة التقرير الاثنين، إن تقلص تقرير ديوان المحاسبة من 500 صفحة العام الماضي إلى 260 صفحة العام الحالي، يكشف بأن مراكز القوى تسيطر على الفساد المالي والإداري.
وأضاف أن موظفين في ديوان المحاسبة يمنعون من الكتابة حتى لا يساء للمؤسسات.
واستهجن العرموطي صدور استيضاحات من ديوان المحاسبة، وطلبه من رئيس الوزراء تعديل الأوضاع، والذي لم يستجب لأي من هذه الطلبات.
وأشار إلى الحكومة أوعزت بأن لا يتجاوز سقف الرواتب 3500 دينار إلا أنها تجاوزته في العديد من المؤسسات ووصلت الأرقام إلى مئات الآلاف دون أي إجراء، فيما “المواطن مش ملاقي يوكل لقمة الخبز.”
ولفت العرموطي إلى أن “ديوان المحاسبة تَسَلَّطَ على سائق في العقبة وترك الحيتان، وخسارتنا بالملايين في التحكيم، دون أن يتطرق لهذه الأمور.”
من جهته قال النائب علي الخلايلة أنه لا يمكن أن نتحدث استقلال الذراع الرقابية لديوان المحاسبة ورئيسه يعين من قبل مجلس الوزراء ويقوم بالرقابة عليه وعلى باقي المؤسسات الحكومية.
وطالب الخلايلة بضرورة تعديل المادة 119 الفقرة 3 من الدستور التي تنص على “على حصانة رئيس ديوان المحاسبة.”
وشدد على أهمية أن يعين رئيس ديوان المحاسبة من قبل المجلس القضائي أو مجلس الأمة مع الجانب الثالث الحكومة ليكون قرار التعيين بيد السلطات الثلاث “التشريعية والقضائية والتنفيذية.”
متابعون يرون أن الانتقادات الموجهة للديوان لا يخلو بعضها من خلفيات سياسية في علاقة بموقف البعض من السلطة التنفيذية
وديوان المحاسبة هو جهاز رقابي مستقل يتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري، هدفه مراقبة واردات الدولة ونفقاتها وحساب الأمانات والسلفات والقروض والمنح والمساعدات والتسويات والمستودعات.
ويشمل نطاق عمل الديوان، الوزارات والدوائر الحكومية والمؤسسات الرسمية العامة والمؤسسات العامة، والمجالس البلدية ومجالس الخدمات المشتركة، وأي جهة يقرر مجلس الوزراء تكليف ديوان المحاسبة بتدقيق حساباتها إذا كانت أموال هذه الجهة تأخذ حكم الأموال العامة أو أن جبايتها تمت بموجب أحكام القانون.
ويصدر الديوان تقريره السنوي، حيث يعرض على مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان لمناقشته. وجاء تقرير عام 2023 مختلفا عن سابقاته في الشكل والمضمون.
وأوضح رئيس ديوان المحاسبة راضي الحمادين، في وقت سابق أن انخفاض عدد صفحات التقرير العام الحالي مقارنة بالعام الماضي يعود إلى انخفاض عدد المخالفات، حيث بلغ عددها في تقرير 2023 حوالي 4883 مخالفة، مقارنة بـ5087 مخالفة في التقرير السابق.
وأضاف الحمادين أن التقرير لهذا العام شهد تصويب 2366 مخالفة. وأوضح أن المخالفات تتنوع بين مالية وتشريعية، مشددًا على أن الأهم ليس عدد الصفحات، بل تصويب وتصحيح المخالفات.
وحول غياب بعض الجهات عن التقرير، أوضح رئيس الديوان أن ذلك يرجع إلى عدم إدراج هذه الجهات للتدقيق هذا العام أو أنها كانت قد عالجت ملاحظاتها في وقت سابق.
وأكد على أن هناك فسادا انطباعيا في أذهان المواطنين عن مؤسسات الدولة لكن لا يوجد فساد ممنهج، داعيا إلى عدم جلد مؤسسات الوطن. وبين أن وجود مخالفة داخل مؤسسة ما لا يعني أن هذه المؤسسة يوجد بها فساد.