الطود العظيم في رحاب الخالدين

سعيد ابو فيصل
وكالة أنباء حضرموت

منذُ طفولتي والكل يحدثني عن ذلك الطود الشامخ والحصن المنيع الذي تحطمت أمام أبوابه كل الخيبات وكل الظروف الهدامة التي تؤخذ من الشخص مبلغها ، إلا إنها اضمحلت أمام ذلك الطود الشاهق ، واندثرت أمام سور ذلك الحصن المنيع ولم يبغاء منها إلا اسمها .

ثم مع تقدمي بالعمر وصرت شاباً تعرفت على ذلك الطود عن قُرب ووجدت ما فيه يفوق الخيال ويصعب على الشخص ذكرها تارةً واحدة .

لقد كتب لي الله النصيب الأجمل بالتقرب منه والترابط بالنسب مع ذلك الطود الشامخ ، إنني أشعر بالفخر والاعتزاز إن يكون أولادي اسبّاط (أحفاد) بحضن ذلك الحصن المنيع .

فبعد أن تم الترابط بالنسب كنت أشعر أن ذلك الطود بمثابة أبي الغالي لما يوجد في قلبه تجاهي من عطف وحنان وأحترام متبادل ، وكان هو يعاملني بمثابة الابن البار بأبيه لما يوجد بيننا من معزة وأحترام .

لم نجلس يوماً قط سوياً ولم نضحك ، رغم مكانته العالية وكبر سنه إلا إنه كان لي الأخ والصديق والحبيب ، وهذا دليل على مدى القيمة الأخلاقية التي يمتلكها .

ذلك الطود لعب دوراً بارز في اصلاح ذات البين وفي حل الكثير من القضايا الاجتماعية والنزاعات القبلية لكونه شيخ قبلي بارز يحضى بتقدير عالي بين أوساط كل فئات المجتمع وكل من عرفه وعاشره .

عاش حياته كريماً شجاعاً صدوقاً شهماً متسامحاً من أنبل الناس ، طيب القلب وسيع الصدر فض اللسان ، يحضى بحُب وشعبية كبيرة في أوساط الجميع في الحياة الاجتماعية والحياة العسكرية .

عاش مناضلاً مقدام مدافع عن الحق بكل شجاعة واستبسال ، لا يعرف الرجوع إلى الخلف في حياته قط ، ينصر الحق والمظلوم ويرجع الباطل والظالم إلى طريقه .  

شيخ قبلي بارز يعرفه القاصي والداني في كل أرجاء يافع لما له من بصمة خالدة في هذا الجانب .

مقاوم وثائر وفدائي منذُ الأزل ، لا تخيفه السجون ولا ترهبه كثرة الأعداء مهما بلغوا لأن سلاحه الحق وشعاره الموت بعز وكرامة .

له في ساحات الميدان بصماتً عدة من أيام النضال السلمي في الحراك الجنوبي ثم الكفاح المسلح ضد المليشيات الحوثية والجحافل الإخوانية .

جرح أكثر من مرة في عدة مواقع وهو يدافع عن دينه وعرضه وأرضه أرض الجنوب الأبية ، طود لا يعرف الاستسلام والخضوع أو التراجع عن الهدف المنشود .

فقد كان قائداً في اللجان الشعبية ، والمقاومة الجنوبية ، ثم أركان  كتيبة في اللواء الحادي عشر صاعقة سابقاً ثم اللواء المشاة الثالث حالياً ، وعضو القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة أبين .

الطود العظيم والحصن المنيع الشيخ / نصر بن علي أحمد اليوسفي شيخ قبيلة آل يوسف  .

تعرض العم الغالي الشيخ نصر في الآونة الأخيرة إلى مرض عضال ألم به ، سافر على أثره إلى جمهورية الهند لتلقي العلاج ، وكنا آملين من الله سبحانة وتعالى إن يعود إلينا بالصحة والسلامة ، إلا أن لله تعالى القول الأعلى ، ( ولا تدري نفس ً بأي أرضاً تموت ) حتى نتفاجئ صبيحة يوم الثلاثاء الموافق29/8/2023 بخبر نزل علينا كا الصاعقة وهو خبر وفاته في أحد مشافي جمهورية الهند ، لا أعتراض على قدر الله ، لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شي عنده بقدر معلوم ، لا يسعني إلا أن أقول إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، حسبنا الله ونعم الوكيل ، الله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته ويلهمنا الصبر والسلوان بفقدانه .