اخبار الإقليم والعالم

أزمة ثقة في الدولار تدب داخل الأسواق والمستثمرين

وكالة أنباء حضرموت

انخفض الدولار، الذي ظل لعقود ملاذًا آمنا، الخميس الماضي بنحو 1.7 في المئة، مسجلًا أكبر انخفاض يومي له منذ نوفمبر 2022، بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما على الواردات بمستويات لم يشهدها العالم منذ بداية القرن الماضي.

وفي مقابلات وتعليقات منشورة على الأسواق، أشار العديد من المستثمرين والمحللين إلى إدارة ترامب باعتبارها السبب وراء هذا الخلل.

وذكروا أن السياسة الحمائية للولايات المتحدة، وقلبها للنظام الاقتصادي العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، وتراكم الديون الأميركية المتنامية، عوامل تُضعف جاذبية الدولار. وأكدوا أن أزمة الثقة، إن لم تُعالج، قد تُقوّض مكانته كعملة احتياطية عالمية.

وقال تييري ويزمان، الخبير الإستراتيجي العالمي في أسعار الصرف الأجنبي وصرف العملات الأجنبية في ماكواري بنيويورك، لرويترز “ما نشهده هو مؤشر إضافي على تغيّر هيكل وطبيعة علاقة الدولار بالأسواق العالمية.” وأضاف “هناك عنصر أساسيٌّ لهذا، وهو الدور المتغيّر للولايات المتحدة في العالم.”

وأيُّ تآكلٍ في مكانة الدولار كملاذٍ آمن يُمثّل خبرًا سيئًا للمستثمرين وصانعي السياسات على الأقل في المدى القريب.

وبالنسبة إلى المستثمرين، الذين استثمروا تريليونات الدولارات في الأسواق الأميركية المزدهرة في العقود الأخيرة، قد يؤدي الانخفاض الحاد في قيمة الدولار إلى ارتفاع الفائدة لفترة أطول، لأن ضغوط الأسعار قد تُصعّب على الاحتياطي الفيدرالي تخفيف التشديد النقدي.

وفي الوقت نفسه يُشكّل الارتفاع السريع في قيمة العملات مقابل الدولار مصدر إزعاج للبنوك المركزية الأخرى التي تواجه آفاقًا اقتصادية أضعف، إذ يجعل صادراتها أكثر كلفة، وربما يُصعّب عليها إنعاش النمو. فقد شهد اليورو أفضل أيامه منذ أكثر من عامين.

وقال بير جانسون نائب محافظ البنك المركزي السويدي في فعالية بلندن الثلاثاء الماضي، إن الانخفاض الأخير في قيمة الدولار أظهر أن المخاوف بشأن وضع العملة “تركت آثارًا في الأسواق المالية بالفعل.”

وذكر لرويترز لاحقًا “إذا تغير وضع الدولار، فسيكون ذلك تغييرًا كبيرًا للاقتصاد العالمي… وسيُحدث فوضى عارمة.” وأضاف “لا آمل حقًا أن تسلك الولايات المتحدة هذا الطريق.”

ورغم هذه المخاوف المتزايدة لا يزال الدولار يتمتّع بمكانة راسخة كأكبر عملة احتياطية في العالم. ويقول ترامب إنه يريد أن يحافظ على هذا الوضع، وحذر من محاولات تقويضه، مشيرا إلى أن ضعفه سيكون مفيدًا للصادرات.

وتتمتع العملة أيضا بميزة تنافسية متأصلة، فهي مدعومة بأكبر اقتصاد في العالم، وأعمق أسواق رأس المال، وسيادة القانون الراسخة. ولا يوجد بديل حقيقي على المدى القريب.

وبالإضافة إلى ذلك قد يتراجع انخفاض الدولار حتى الآن هذا العام بنحو 6 في المئة مقابل العملات الرئيسية الأخرى إذا تمكن ترامب من تغيير المعنويات تجاه الاقتصاد من خلال سياسات داعمة للنمو مثل التخفيضات الضريبية وتحرير الأسواق.

وصرح براد سيتسر، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، بأنه رغم تراجع جاذبية الولايات المتحدة كوجهة استثمارية، فإن مسار الدولار سيتحدد إلى حد كبير بكيفية استجابة الاقتصاد الأميركي لصدمة تعريفات ترامب.

وأوضح في تصريح لرويترز أن ارتفاع عوائد السندات الأميركية مقارنة بالسندات الحكومية الأخرى لا يزال مهمّا للمستثمرين.

ومع ذلك، فإن انعكاس مساره ملحوظ. ومع بداية عام 2025 توقع المستثمرون أن تعزز رسوم ترامب قيمة الدولار، لاعتقادهم أن سياساته ستحفز النمو.

وبينما توقع المستثمرون أن تكون الرسوم تضخمية، أجمعوا على أنها ستضر بالاقتصادات الخارجية بشكل أكبر، في حين أنها ستؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة في الداخل، وهو ما يعزز قيمة العملة.

ولكن هذا التوقع خاطئ، فالرسوم واسعة النطاق، إلى درجة أن المستثمرين يخشون الآن أن تكون الولايات المتحدة الأكثر تضررًا منها مع ارتفاع الأسعار في الداخل وتباطؤ النمو. وقد رفعت الكثير من بنوك الاستثمار احتمالات حدوث ركود أميركي.

ويؤدي هذا الشعور السلبي إلى انعكاس اتجاه تدفقات الأموال إلى الولايات المتحدة، ما يقلل الطلب على الدولار.

وارتفعت الحيازات الأجنبية من الأصول الأميركية إلى 62 تريليون دولار في عام 2024، من 13 تريليون دولار قبل عقد، مع توافد المستثمرين الدوليين على الأسهم والسندات والعقارات التي حققت أداءً أفضل، وفقًا للبيانات الرسمية.

ولكن في إشارة إلى انتقال الأموال من الأصول إلى الأسواق الخارجية، تراجعت الأسهم الأميركية بنسبة 8 في المئة هذا العام، بينما ارتفعت أسهم ألمانيا وهونغ كونغ بنحو 12 في المئة لكل منهما.

وقد يحتدّ هذا التأثير على الولايات المتحدة كوجهة استثمارية. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الماضي الشركات الأوروبية إلى تعليق استثماراتها المخطط لها في الولايات المتحدة ردًا على الرسوم الجمركية المفروضة على الاتحاد الأوروبي.

وقال باريش أوباديايا، مدير إستراتيجية الدخل الثابت والعملات في أموندي، أكبر شركة لإدارة الأصول في أوروبا، “كانت ركائز الدعم الثلاث التي دعمت الدولار هي الاستثناء الأميركي وارتفاع الفائدة وتدفقات المحافظ الاستثمارية القوية.”

وأضاف لرويترز “لقد ضعفت هذه الركائز الثلاث بشدة، وربما انعكست نتيجة لسيل إعلانات الرسوم الجمركية.”

وكان دويتشه بنك قد حذر من خطر حدوث أزمة ثقة في الدولار، بينما أكدت شركة بيمكو العملاقة للسندات أنها باتت أكثر حذرًا بشأن الدولار.

وقال مات كينغ، مؤسس شركة ساتوري إنسايتس، إن “تدفقات رؤوس الأموال الخارجة من الولايات المتحدة ستستمر على الأرجح.”

وأضاف “من المحتمل أن تستمر التدفقات لفترة أطول بكثير، ويعود ذلك جزئيًا إلى حجم مراكز الشراء (الأسهم الأميركية والدولار) التي تراكمت على مدى فترة طويلة،” واحتمال أن يؤدي ذلك إلى دورة مستمرة من الخسائر التي تُعزز نفسها بنفسها.

في المئة نسبة تراجع قيمة العملة الأميركية أمام سلة العملات الرئيسية خلال عام 2025

ونتيجة لذلك يبدو مستقبل عملة تُعرف غالبًا باسم “الدولار الملك” لقوتها وهيمنتها في أسواق العملات العالمية فجأةً غامضًا.

ويرى جيمس مالكولم، رئيس إستراتيجية العملات الأجنبية في بنك يو.بي.أس، أوجه تشابه بين الوضع الحالي ووضع منتصف الثمانينات قبل اتفاقية بلازا.

وخلال تلك الفترة ضغطت الولايات المتحدة، المتفوقة اقتصاديًا، على شركائها الرئيسيين لدعمها في إضعاف الدولار وتخفيف عجز الموازنة الأميركية المتنامي.

وقال مالكولم لرويترز إنه “في حين أننا سنشهد مجموعة مختلفة من الأحداث، فإن التأثير -انخفاض الدولار بشكل كبير- يجب أن يكون هو نفسه.”

واكتسبت فكرة أن إدارة ترامب قد تدفع نحو اتفاق مارالاغو، وهي صفقة كبرى لإضعاف الدولار المُبالغ في قيمته، زخما، وإن كان ذلك مستبعدًا. وعلى نطاق أوسع يُمثل تسليح التمويل، بما في ذلك الدولار، مصدر قلق متزايد لدى البعض في أوروبا.

وقال أنطونيو فاتاس، خبير الاقتصاد الكلي في كلية إنسياد لإدارة الأعمال في فرنسا، “هذا السلوك غير المتوقع محفوف بالمخاطر. إنها نقطة تحول حاسمة في دور الولايات المتحدة.”

وأضاف “المشكلة هي أنه ليس لدينا بديل عن الدولار ولهذا السبب سيكون هذا الأمر مؤلمًا. لا أعتقد أن أحدًا سيربح على المدى القصير.”

ارتفاع أسعار الأراضي يقوض خطط القاهرة للاستثمار في البحر الأحمر


حكومة البرهان تعترض على مؤتمر السودان في بريطانيا دون مشاركتها


فصائل عراقية ولائية تقرع طبول نزع السلاح تحت سيف واشنطن


المسيَّرات التركية تعين الجيش السوداني لكنها تريق دماء المدنيين