اخبار الإقليم والعالم
المسيَّرات التركية تعين الجيش السوداني لكنها تريق دماء المدنيين
استفاد الجيش السوداني بشكل كبير من استخدام المسيَّرات التركية من طراز “بيرقدار تي بي 2″، والتي أصبحت سلاحًا رئيسيًا في معركة استعادة الأراضي من قوات الدعم السريع. لكن رغم فعالية هذه الطائرات المسيرة في تحقيق تقدم على الأرض، فإنها تثير قلقًا متزايدًا بسبب تأثيرها المدمر على المدنيين، الذين يعانون من الهجمات العشوائية في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.
وتمكنت القوات المسلحة السودانية في الأشهر الأخيرة من استعادة مناطق حيوية من قوات الدعم السريع بما في ذلك استعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، ويعود الفضل في ذلك إلى السلاح الجديد في ترسانتها: أي المسيَّرات التركية.
واستلم الجيش السوداني في أكتوبر مسيَّرتين تركيتَي الصنع من طراز «بيرقدار تي بي 2»، ليمتلك بذلك ثماني من هذه المسيَّرات.
واستخدم الجيش السوداني المسيّرات التركية لمهاجمة قوافل إمداد ووحدات مدفعية تابعة لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، كالهجوم الذي استهدف جسر بيكة بالقرب من ود مدني، وشاركت هذه المسيَّرات أيضا في الهجوم على العاصمة الخرطوم مؤخرا.
وسرَّعت المسيّرات التركية من زحف الجيش على المناطق الواقعة شمال الخرطوم، بالإضافة إلى مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، حيث كانت قوات الدعم السريع تتخذها مركزاً للتنقل بين قاعدتها في دارفور وقواتها في الخرطوم.
المسيَّرات التركية بيرقدار تي بي 2 تؤازر مسيَّرات مهاجر-6 الإيرانية التي يستخدمها الجيش السوداني أيضا
و صرَّح الجيش السوداني أن استخدام المسيَّرات التركية قلب موازين المعركة. وقال مسؤول في الجيش لموقع ميدل إيست آي ”فقدنا في بداية الحرب عدة قواعد عسكرية، وواجهنا صعوبات جمَّة، ثم وصلت المسيَّرات، فانتهى تفوق الدعم السريع، إذ أمسى لدينا إسناد جوي يضاهي قوتنا على الأرض.“
وأفادت صحيفة واشنطن بوست أن تركيا باعت للجيش السوداني مسيَّرات تتجاوز قيمتها 120 مليون دولار منذ أواخر عام 2023، وتشمل المعدات ثماني مسيَّرات من طراز بيرقدار تي بي 2 ومئات الرؤوس الحربية، وأتت المسيَّرات التركية لتؤازر مسيَّرات مهاجر-6 الإيرانية التي يستخدمها الجيش منذ أواخر عام 2023.
ويقول المحللون إن استخدام المسيَّرات، مثل بيرقدار تي بي 2، في المناطق الحضرية الكثيفة تسبب في ارتفاع عدد القتلى والجرحى في صفوف المدنيين.
وترى نادية الأمين، أستاذة في العلوم السياسية بجامعة الخرطوم أن “استخدام المسيَّرات في الصراعات الحضرية يمثل تهديدًا كبيرًا للمدنيين، ولا يمكن إنكار الفوائد العسكرية لهذه الأسلحة. لكن التكلفة البشرية، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان مثل الخرطوم، تجعل من الصعب تبرير استمرار استخدامها دون التسبب في المزيد من المعاناة الإنسانية.”
وقالت مؤسسة «درون وورز» للبحوث والمناصرة في تحليل نشرته مؤخرا ”لا يزال المدنيون الأبرياء في السودان يصبحون ومنازلهم وحياتهم ومجتمعاتهم مدمرة بسبب هذه الأسلحة التي تُستخدم عشوائياً.“
العالم شهد في السنوات الأخيرة تزايدا في استخدام الطائرات المسيَّرة (الدرونز) في النزاعات العسكرية
وأفاد باحثون في كلية لندن للصحة وطب المناطق الحارة أن أكثر من 60,000 من المدنيين لقوا حتفهم في ولاية الخرطوم منذ نشوب الصراع بين الجيش و قوات الدعم السريع في أبريل 2023.
وارتفع عدد القتلى في صفوف المدنيين بشدة منذ بداية عام 2025 إذ يضغط الجيش لاستعادة مناطق أخرى من الدعم السريع.
وفي أسبوع واحد في بداية فبراير، سجَّل مسؤولو الأمم المتحدة أكثر من 275 قتيلاً جرَّاء الضربات الجوية، شملت هجمات بمسيَّرات في الخرطوم، وفي شمال دارفور وجنوب دارفور وشمال كردفان وجنوب كردفان؛ أي ثلاثة أضعاف من قُتلوا من المدنيين في الأسبوع السابق.
ويقول حسن عبدالله، الخبير في الشؤون العسكرية إن “المسيَّرات مثل بيرقدار تي بي 2 يمكن أن تقدم دعمًا مهمًا للقوات المسلحة السودانية في المعركة ضد قوات الدعم السريع، لكن يجب أن تكون هناك رقابة أكبر على استخدامها. إذا استمرت الضربات الجوية في استهداف المدنيين بشكل عشوائي، فقد يؤدي ذلك إلى تعميق الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة الشعب السوداني.”
وقال سيف ماغانغو، المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في بيان له ”إن ارتفاع عدد القتلى بشدة في صفوف المدنيين لدليلٌ على المخاطر الجسيمة التي يواجهها المدنيون إذ لا تزال أطراف الصراع وحلفاؤها عاجزين عن حمايتهم، فلا بدَّ أن تتوقف الهجمات العشوائية، وكذلك التهديدات والهجمات التي تستهدف المدنيين، على الفور.“
وفي السنوات الأخيرة، شهد العالم تزايدا في استخدام الطائرات المسيَّرة (الدرونز) في النزاعات العسكرية، حيث أصبحت أداة رئيسية تستخدمها الدول لتحقيق تفوق عسكري في الميدان. وقد برزت تركيا كلاعب أساسي في هذا المجال، من خلال إنتاج وتزويد العديد من الدول، بما في ذلك السودان، بطائرات مسيَّرة من طراز “بيرقدار تي بي 2”. وأثبتت هذه الطائرات فعاليتها في العديد من الصراعات، بدءًا من النزاع الأذري – الأرمني إلى الحرب في ليبيا، وكذلك في سوريا.
ومسيّرات بيرقدار التركية تسـتخدم بشكل واسع لمهاجمة مواقع إستراتيجية، مثل قوافل الإمداد، الوحدات المدفعية، وأنظمة الدفاع الجوي، مما يعطي ميزة هجومية كبيرة للقوات التي تستخدمها.