اخبار الإقليم والعالم

فصائل عراقية ولائية تقرع طبول نزع السلاح تحت سيف واشنطن

وكالة أنباء حضرموت

كشفت مصادر عراقية رفيعة المستوى لوكالة رويترز عن استعداد عدة فصائل مسلحة قوية مدعومة من إيران لنزع سلاحها للمرة الأولى، وذلك استجابةً لضغوط أميركية متزايدة وتجنبا لخطر تصعيد الصراع مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في تحول لافت يحمل دلالات عميقة على المشهد الأمني والسياسي في العراق والمنطقة عموما.

ووفقا لمعلومات حصرية حصلت عليها رويترز من عشرة مسؤولين وكبار قادة عراقيين كبار، من بينهم ستة قادة محليين ينتمون إلى أربعة فصائل مسلحة رئيسية، فإن هذه الخطوة غير المسبوقة تهدف إلى تهدئة التوترات الحادة التي تصاعدت في أعقاب تحذيرات متكررة وغير رسمية وجهها مسؤولون أميركيون للحكومة العراقية منذ تولي ترامب السلطة في يناير.

وأوضحت المصادر أن المسؤولين الأميركيين أبلغوا بغداد بأنه ما لم تتخذ الحكومة العراقية إجراءات حاسمة لحل الفصائل المسلحة النشطة على أراضيها، فإن واشنطن قد تلجأ إلى استهداف هذه الفصائل بغارات جوية مباشرة.

وفي سياق متصل، أكد عزت الشابندر، السياسي الشيعي البارز والمقرب من الائتلاف الحاكم في العراق، لرويترز أن المناقشات الجارية بين رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وعدد من قادة الفصائل المسلحة قد وصلت إلى مرحلة "متقدمة للغاية". وأشار إلى أن الجماعات تميل إلى الامتثال لدعوات الولايات المتحدة لنزع سلاحها.

وأضاف "الفصائل لا تتصرف بعناد أو تصر على الاستمرار بصيغتها الحالية"، مؤكدا أن هذه الفصائل "تدرك تمامًا" أنها قد تصبح هدفا مباشرا للولايات المتحدة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه.

وينتمي قادة الفصائل الستة الذين أجرت رويترز مقابلات معهم في بغداد ومحافظة جنوبية إلى كتائب حزب الله وحركة النجباء وكتائب سيد الشهداء وحركة أنصارالله الأوفياء. واشترط هؤلاء القادة عدم نشر هويتهم لمناقشة هذه القضية بالغة الحساسية.

وفي تصريح لافت، قال قيادي في كتائب حزب الله، أقوى الفصائل الشيعية، متحدثا وهو يرتدي كمامة سوداء ونظارة شمسية "ترامب مستعد لتصعيد الحرب معنا إلى مستويات أسوأ، نحن نعلم ذلك، ونريد تجنب مثل هذا السيناريو السيء".

وأكد القادة أن حليفهم وراعيهم الرئيسي، الحرس الثوري الإيراني، منحهم موافقته على اتخاذ أي قرارات يرونها ضرورية لتجنب الانجرار إلى صراع قد يكون مدمرا مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

ووفقا لمسؤولين أمنيين يراقبان أنشطة الجماعات المسلحة، تنتمي هذه الفصائل إلى تحالف المقاومة الإسلامية في العراق، الذي يضم حوالي عشرة فصائل شيعية مسلحة متشددة تقود مجتمعة ما يقرب من 50 ألف مقاتل وبحوزتها ترسانات تشمل صواريخ بعيدة المدى وأسلحة مضادة للطائرات.

ويعد التحالف ركيزة أساسية في محور المقاومة الذي يضم شبكة من الجماعات والفصائل المدعومة من إيران أو المتحالفة معها بالمنطقة، وأعلن مسؤوليته عن عشرات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل والقوات الأميركية في العراق وسوريا منذ اندلاع حرب غزة قبل حوالي 18 شهرا.

وقال فرهاد علاء الدين مستشار رئيس الوزراء للعلاقات الخارجية لرويترز ردا على استفسارات حول محادثات نزع السلاح إن رئيس الوزراء ملتزم بضمان أن تكون جميع الأسلحة في العراق تحت سيطرة الدولة من خلال "حوار بناء مع مختلف الجهات الفاعلة الوطنية".

وذكر المسؤولان الأمنيان العراقيان أن السوداني يضغط من أجل نزع سلاح جميع فصائل تحالف المقاومة الإسلامية في العراق، والتي تعلن الولاء للحرس الثوري الإيراني أو فيلق القدس التابع له، وليس لبغداد.

ويقول مسؤولون وقادة إن بعض الفصائل أخلت بالفعل مقراتها الرئيسية إلى حد كبير وقلصت وجودها في المدن الكبرى، بما في ذلك الموصل ومحافظة الأنبار، منذ منتصف يناير خشية التعرض لغارات جوية.

وأضافوا أن العديد من القادة عززوا أيضا إجراءاتهم الأمنية خلال تلك الفترة، بما في ذلك تغيير هواتفهم المحمولة ومركباتهم ومساكنهم بشكل متكرر.

ومن جانبها، أكدت وزارة الخارجية الأميركية في تصريح مقتضب أنها تواصل حث بغداد على كبح جماح الفصائل المسلحة. وأضافت "يجب على هذه القوات أن تستجيب للقائد العام للقوات المسلحة العراقية، لا لإيران".

وأشار مسؤول أميركي -طلب عدم نشر هويته- إلى وجود حالات سابقة أوقفت فيها الفصائل المسلحة هجماتها بسبب الضغط الأميركي، وشكك في أن يكون أي نزع للسلاح طويل الأمد.

وأحجم الحرس الثوري الإيراني عن التعليق على هذا الأمر، ولم ترد وزارتا الخارجية الإيرانية والإسرائيلية على الاستفسارات.

وعاد السياسي الشيعي البارز عزت الشابندر ليؤكد أن الحكومة العراقية لم تتوصل بعد إلى اتفاق نهائي مع قيادات الفصائل المسلحة، مشيرًا إلى أن آلية نزع السلاح لا تزال قيد المناقشة. وأوضح أن الخيارات المطروحة تشمل تحويل هذه الفصائل إلى أحزاب سياسية أو دمجها بشكل كامل في القوات المسلحة العراقية النظامية.

ويبقى مصير أي عملية لنزع السلاح غير مؤكد في الوقت الراهن، لكن المناقشات تمثل المرة الأولى التي تبدي فيها الفصائل استعدادها للإذعان لضغوط غربية قائمة منذ فترة طويلة لتلقي سلاحها.

ويتزامن هذا التحول الهام في موقف الفصائل المسلحة مع فترة عصيبة يمر بها ما يُعرف بـ "محور المقاومة" الذي شكلته طهران بتكلفة باهظة على مدى عقود بهدف التصدي لإسرائيل والنفوذ الأميركي في المنطقة. وقد أصاب هذا المحور الضعف بسبب تلقيه ضربات موجعة منذ الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 وما تلاه من حرب واسعة النطاق امتدت إلى مناطق أخرى في الشرق الأوسط.

فقد أضعفت إسرائيل حركة حماس في قطاع غزة وجماعة حزب الله اللبنانية من خلال الضربات الجوية والقصف والعمليات العسكرية منذ بدء الحرب في القطاع، كما استهدفت الولايات المتحدة جماعة الحوثي في اليمن أيضا بضربات جوية منذ الشهر الماضي ردًا على هجماتها على الملاحة الدولية. وعلاوة على ذلك فاقمت الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من تراجع نفوذ الجمهورية الإسلامية في المنطقة، حيث كان يعتبر من أقوى حلفائها الإقليميين.

وفي خضم هذه التحولات الإقليمية المعقدة، يسعى العراق لموازنة تحالفاته مع كل من الولايات المتحدة وإيران وهو يتعامل مع الفصائل الموجودة على أرضه.

وقد تشكلت تلك الفصائل في أنحاء البلاد بدعم مالي وعسكري إيراني في فترة فوضى أعقبت الغزو الأميركي في 2003 الذي أطاح بصدام حسين، وأصبحت قوات كبيرة بمقدورها مناطحة القدرة القتالية للجيش.

وكشف مسؤولان حكوميان ومصدران أمنيان مطلعان على الاتصالات السرية بين واشنطن وبغداد عن أن وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أجرى مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السوداني في السادس عشر من مارس الماضي، بعد فترة وجيزة من تنفيذ الولايات المتحدة ضربات على مواقع الحوثيين في اليمن.

وخلال هذه المكالمة، حذر هيغسيث السوداني بوضوح من مغبة سماح الحكومة العراقية للفصائل المسلحة بتنفيذ هجمات انتقامية على قواعد إسرائيلية وأميركية في المنطقة دعمًا لحلفائها في محور المقاومة.

وشنت فصائل مسلحة في العراق عشرات الهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل دعما لحماس منذ بدء حرب غزة، وقتلت ثلاثة جنود أميركيين في هجوم بطائرة مسيرة في الأردن قرب الحدود مع سوريا العام الماضي.

وفي تحليل للوضع الراهن، قال إبراهيم الصميدعي، المستشار السياسي السابق لرئيس الوزراء السوداني، في تصريح للتلفزيون العراقي إن الولايات المتحدة تضغط على القيادة في العراق منذ فترة طويلة لنزع سلاح الفصائل الشيعية المسلحة ولكن واشنطن ربما لا تقبل الرفض هذه المرة.

وأضاف محذرا "هذه المرة أن لم نستجب تلقائيا وذاتيا قد يُفرض (الأمر) علينا من الخارج وبالتأكيد عن طريق القوة".

ويمثل الاستعداد الظاهري للفصائل العراقية المسلحة المدعومة من إيران لنزع السلاح تطورًا بالغ الأهمية قد يعيد رسم خريطة التحالفات والصراعات في المنطقة. ومع ذلك، يبقى مصير هذه الخطوة معلقا على تفاصيل التنفيذ ومدى جدية الأطراف المعنية في المضي قدمًا في هذه العملية الحساسة والمعقدة، خاصة في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة والضغوط الأميركية المتزايدة.

بن طوق: العلاقات الاقتصادية الإماراتية الصينية تمثل نموذجاً ناجحاً للشراكة القائمة على التنوع والابتكار


وكالات الأمم المتحدة تحذر من النقص الحاد في دخول المساعدات إلى غزة


دنيا بطمة تحسم عودتها لطليقها ومفاجأة في أولى حفلاتها بعد السجن


رسوم ترامب هدية للصين.. واشنطن تخسر الحرب التجارية