الخطوط الكويتية في مهمة شاقة لتحفيز قدراتها التنافسية
تسعى الخطوط الجوية الكويتية إلى تصحيح مسار أعمالها بهدف تعزيز قدرتها التنافسية، من خلال تنفيذ إستراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين الأداء التشغيلي وتوسيع شبكة الوجهات وتقديم خدمات مبتكرة تلبي احتياجات المسافرين.
وشكل إعفاء الرئيس التنفيذي للشركة أحمد الكريباني من منصبه ليحل محله عبدالوهاب الشطي إحدى المحاولات في هذا السياق، بالنظر إلى المشاكل التي تعترض الخطوط الكويتية منذ سنوات في ما يتعلق بالحوكمة وسوء الإدارة.
وتتكرر على مدى سنوات عملية إقالة الرؤساء التنفيذيين للشركة لأسباب مختلفة تتراوح بين الارتجال في التسيير وعدم وضع خطة للنهوض بأعمالها، وأحيانا بسبب خلافات في وجهات النظر، وأحيانا أخرى بسبب الفساد المالي والإداري أو في الصفقات.
وكشف مصدران، طلبا عدم الكشف عن اسميهما وهما من الإدارة العامة للطيران المدني في الكويت، لوكالة رويترز الأحد أن إقالة الكريباني بعد عامين من توليه المنصب جاءت عقب قرار الهيئة سحب موافقتها على قيادته للشركة.
وأظهرت رسالة موجهة من الإدارة العامة للطيران المدني إلى رئيس مجلس إدارة الشركة أن القرار اتخذ بسبب “تكرار عدم الالتزام بقواعد ولوائح سلامة الطيران… وعدم الالتزام بالموعد النهائي لتصحيح أوجه القصور والأخطاء.”
ولم يعلق الكريباني على الأمر. لكن مصدرا ثالثا قال لرويترز إن “الشطي عين الخميس وباشر عمله الأحد رئيسا تنفيذيا للشركة.”
واستلم الكريباني منصبه في عام 2023 بعد استقالة الرئيس التنفيذي السابق معن رزوقي إثر خلافات مع رئيس مجلس الإدارة وعدم التوافق حول أسس الحوكمة.
وجاءت عودته في ذلك الوقت بعد استقالته قبل نحو عقد من الزمن من ذلك التاريخ إثر جدلٍ حول صفقة لشراء طائرات أيرباص مستعملة من شركة جيت أيروايز الهندية.
وعانى قطاع صناعة الطيران وغيره من الشركات المصنعة من اختناقات في سلسلة التوريد بسبب الأزمة الصحية، وهو ما كان باديا بوضوح على نتائج أعمال الشركة الكويتية المملوكة للدولة.
وتتطلع الخطوط الكويتية، التي سجلت خسائر متتالية على مدى سنوات، إلى أن تسهم صفقة كبيرة لشراء طائرات أعلنتها في 2022 مع أيرباص في تحسين مسارها الحالي وتساعدها على تحقيق أرباح في 2025 والتوسع للوصول إلى وجهات جديدة.
وبعدما سجلت خسارة صافية قدرها 55 مليون دينار (178.16 مليون دولار) في عام 2022، نمت عوائدها في العام 2023 لتصل إلى 1.1 مليار دولار.
ولم يتم حتى الآن الإعلان عن نتائج أعمالها عن كامل سنة 2024، لكن مسؤوليها قالوا قبل ثلاث سنوات إن الشركة تهدف إلى تحقيق الربحية في عام 2025، مع خطط لزيادة عدد الركاب إلى 5.5 مليون راكب.
1.1
مليار دولار إيرادات 2023 بعد خسائر بقيمة 178 مليون دولار في 2022، بحسب البيانات
وتعتبر الخطوط الكويتية من أقدم الخطوط الجوية الخليجية، حيث تأسست في العام 1954، وكانت من أكبر شركات الطيران في المنطقة، إلا أن مكانتها تراجعت بشكل كبير في العقدين الماضيين مع بروز منافسين على رأسهم طيران الإمارات والخطوط القطرية.
ويعزو مسؤولون وخبراء القطاع ذلك إلى الارتجال في تنفيذ الخطط الإستراتيجية للنهوض بشركة الطيران الحكومية المتعثرة، كما أن الصراعات السياسية والفساد أحيانا لهما دور كبير في نشاطها.
وتبدو الشركة بعيدة عن المنافسة في الشرق الأوسط خاصة مع بروز شركات منخفضة الكلفة مثل فلاي دبي وفلاي ناس والعربية للطيران، ولكل منها أسطول من الطائرات يتجاوز بكثير ما لدى الخطوط الكويتية.
وفي ظل ذلك تبذل الحكومة جهودا مضنية لدفع المسؤولين في الخطوط الكويتية إلى تسريع وتيرة العمل على تنفيذ مجموعة من الإستراتيجيات الهادفة إلى توسيع شبكة خطوطها وزيادة قدرتها الاستيعابية، ما سيمكنها من تلبية الطلب المتزايد من قبل المسافرين.
وتشمل هذه الإستراتيجيات تعزيز الأسطول الذي يبلغ 28 طائرة فقط، بحسب الإحصائيات المتوفرة، مع العمل على تحسين الخدمات المقدمة وتطوير إجراءات الحجز، بالإضافة إلى تعزيز تجربة المسافرين بشكل عام.
وسبق أن ذكر رئيس مجلس إدارة الشركة عبدالمحسن الفقعان في نوفمبر الماضي أن “أسطول طائرات الخطوط الكويتية سيصل إلى 39 طائرة مع انضمام 11 طائرة جديدة وخروج بعض الطائرات المستأجرة خلال الثلاث سنوات المقبلة.”
على مدى سنوات تتكرر إقالة الرؤساء التنفيذيين للشركة لأسباب مختلفة من بينها عدم الانضباط في التسيير الإداري والمالي
ووفقًا لبيانات إيرباص، لدى الخطوط الكويتية حاليًا طلبات لشراء سبع طائرات أي 330 – 900 وطائرتين عريضتي البدن من طراز أي 350 – 900، بالإضافة إلى تسع طائرات أي 321 نيو وطائرة واحدة من طراز أي 320 نيو ضيقة البدن.
ولتعزيز نشاطها من المقرر أن تضيف الشركة هذا الصيف عشر وجهات جديدة ليصبح العدد 56 وجهة تشمل مدينتي الإسكندرية والأقصر في مصر ومدينة أنطاليا طرابزون في تركيا ومدينة صلالة العمانية والعاصمة النمساوية فيينا.
وكان أعضاء البرلمان قد وافقوا في شهر فبراير 2020 على تشكيل لجنة للنظر في طلبيات البلاد المقدمة لعملاق صناعة الطائرات الأوروبية والتي شابتها شبهة فساد.
ولدى الخطوط الكويتية تاريخ حافل بالمشاكل، فقد أحدثت صفقة لشراء 5 طائرات مستعملة من شركة جيت أيروايز الهندية في نوفمبر 2013 أزمة كبيرة بين الشركة ووزارة المواصلات أدت إلى إيقاف عمل سامي النصف رئيس مجلس إدارة الشركة في ذلك الوقت وتكليف جسار الجسار بمهام المنصب.
وقررت وزارة المواصلات في ذلك الوقت وقف إتمام صفقة شراء خمس طائرات مستعملة من طراز أيرباص أي 330 من شركة جيت أيروايز الهندية.
وأوضح وزير المواصلات الأسبق عيسى الكندري أن القرار اتخذ بعدما أعلن النصف في مؤتمر صحفي عزمه على إتمام الصفقة رغم أنه طلب وقف إجراءاتها لتتم إقالة هذا الأخير في نهاية المطاف.
وتُثار في الكويت بين الحين والآخر خلافات بشأن إدارة الأموال والاستثمارات العامة، خاصة بشأن إدارة صندوق الأجيال الذي يدير الفوائض المالية الكبيرة التي تراكمت لدى الكويت على مدى عقود.
والكويت، التي تعتبر الأبطأ إصلاحيا بين اقتصادات دول الخليج العربي، تأخرت عن جيرانها في خفض الدعم، والذي يمثل مع رواتب القطاع العام أكثر من 80 في المئة من الإنفاق، وفرض الضرائب.
ومنذ سنوات سعى البلد، الذي يعتمد على إيرادات النفط في تمويل 90 في المئة من الموازنة العامة التي تبدأ في شهر أبريل من كل عام، لتنويع اقتصاده وتقليل اعتماده على الوقود الأحفوري كمصدر شبه وحيد للتمويل، لكنه حتى الآن يسير بخطى متثاقلة.