ترامب يعلن "تحييد" الحوثيين بعد ضربات إسرائيلية دمرت مطار صنعاء

وكالة أنباء حضرموت

نجحت ضربات أميركية مستمرة على مدى أسابيع وهجوم إسرائيلي دمّر مطار صنعاء ومحطات الكهرباء في فرض واقع جديد على الحوثيين لم يعد بإمكانهم إنكاره، في وقت أعلن فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تحييد الحوثيين وأنهم “استسلموا” واعدا بأن يتوقف القصف “بأثر فوري.”

وجاء هذا التطور النوعي بوساطة من سلطنة عمان تضمنت وقف القصف على مناطق سيطرة الحوثيين مقابل التزامهم بالتوقف عن استهداف السفن الأميركية.

وقالت سلطنة عمان إنها توسطت في اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحوثيين والولايات المتحدة. وأضافت السلطنة في بيان “بعد المناقشات والاتصالات التي أجرتها سلطنة عُمان مؤخرا مع الولايات المتحدة والسلطات المعنية في صنعاء بالجمهورية اليمنية بهدف تحقيق خفض التصعيد؛ فقد أسفرت الجهود عن التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار بين الجانبين.”

من المرجح أن الولايات المتحدة أبلغت الإيرانيين بأنها لن تتردد في مهاجمة أهدافهم الإستراتيجية على الرغم من تهديد قادة الحرس الثوري

وتابعت  “وفي المستقبل، لن يستهدف أيّ منهما الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدي لضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي.”

ومن الواضح أن إيران قد ضغطت بدورها على الحوثيين من أجل تسهيل الصفقة. ومن المرجح أن الولايات المتحدة أبلغت الإيرانيين بأنها لن تتردد في مهاجمة أهدافهم الإستراتيجية في حال لم ينه الحوثيون عملياتهم، وذلك على الرغم من كل التوعد الذي أبداه قادة الحرس الثوري من أنهم سينتقمون.

وتواجه الولايات المتحدة تحديا يتعلق بمكانتها ومكانة أسلحتها أمام قوة الحوثيين الصغيرة، لكن الفعّالة بحكم تزويد إيران لهم بصواريخ فرط صوتية معدلة يمكن ملاحظة لمسات الروس والكوريين الشماليين فيها، وخصوصا ما تعلمه الحلف الثلاثي الروسي – الإيراني – الكوري الشمالي من دروس حرب أوكرانيا.

ولا شك أن استسلام الحوثيين، بعد هزيمة حزب الله والإطاحة بنظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، يعني أن إيران فقدت أهم أوراق نفوذها في المنطقة سواء في علاقتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل، أو حتى مع دول الإقليم مثلما هو الأمر مع السعودية التي مثل الحوثيون بالنسبة إليها عائقا من ناحية تهديد أمنها القومي، وكذلك عرقلة سعيها لتنفيذ مشاريع اقتصادية كبرى في ظل وجود الحرب ومماطلة الجماعة الحليفة لإيران في القبول بتسوية تنهي المعارك.

وفي حال قبل الحوثيون بالأمر الواقع وأوقفوا إطلاق الصواريخ لتهديد الملاحة في البحر الأحمر واستهداف إسرائيل، فإن إيران ستجد أنها باتت في مواجهة مباشرة مع الأميركيين والإسرائيليين من دون أيّ حواجز ولا فتح معارك جانبية وفق إستراتيجية خوض المعارك بعيدا عن إيران وعلى أراضي دول إقليمية أخرى.

ولم يبق لإيران من أذرع سوى ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وهي بطبيعتها في تراجع وتسعى إلى التخفي خوفا من الاستهداف الأميركي – الإسرائيلي، وهو ما يفسر رغبة بعض تلك الميليشيات في الانضواء تحت لواء الجيش والقوات الأمنية في العراق.

ويرى مراقبون أن هزيمة الحوثيين أمام حده القصف الأميركي – الإسرائيلي ستكون لها نتائج فعلية على مستقبل الملفات التفاوضية لإيران مع الدول الغربية ومنها موضوع البرنامج النووي والعقوبات.

وقال الرئيس الأميركي إن بلاده ستوقف قصف جماعة الحوثي بعد أن وافقت على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في الشرق الأوسط.

وذكر ترامب في اجتماع مع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني في المكتب البيضاوي أن الحوثيين أعلنوا عدم رغبتهم في الاستمرار في القتال، متابعا “يقولون إنهم لن يفجّروا سفنا بعد الآن، وهذا هو.. الهدف ممّا كنا نفعله،” موضحا أن المعلومات جاءت من “مصدر جيدا جدا.”

وأضاف ترامب “قالوا: نرجوكم لا تقصفونا بعد الآن، ونحن لن نهاجم سفنكم.”

واستهدف الجيش الإسرائيلي المطار الرئيسي في اليمن بضربات جوية الثلاثاء في ثاني هجوم له خلال يومين على الحوثيين بعد تصاعد التوتر بين الجماعة وإسرائيل.

ونصحت إسرائيل في وقت سابق السكان بمغادرة المنطقة المحيطة بمطار صنعاء الدولي قبل هجوم قالت إنه أدى إلى “تعطل المطار تماما.” وقال شهود إن أربع ضربات وقعت على العاصمة صنعاء.

ويتصاعد التوتر بين إسرائيل والحوثيين لكنه اشتد بعد سقوط صاروخ أطلقته الجماعة بالقرب من مطار بن غوريون في إسرائيل يوم الأحد.

ونفذت إسرائيل ضربات في محيط ميناء الحديدة اليمني الاثنين.

وقال الجيش الإسرائيلي “قصفت طائرات مقاتلة تابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي البنية التحتية الإرهابية للحوثيين في المطار الرئيسي بصنعاء، وعطّلته بالكامل.” وأضاف “نُفذت الغارة ردا على هجوم شنه النظام الحوثي الإرهابي على مطار بن غوريون. وقُصفت مدارج للطائرات وطائرات وبنية تحتية في المطار.”

وقالت مصادر في المطار إن الضربات استهدفت ثلاث طائرات مدنية وصالة المغادرة ومدرج المطار وقاعدة جوية عسكرية تحت سيطرة الحوثيين.

وفي أول تعليق له، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “قلت مرات عديدة إن مَن يهاجم إسرائيل، عليه تحمل العواقب.” وأضاف “قلت إن الهجوم الحوثي لن يتم الرد عليه بضربة واحدة وننتهي، بل بضربات عديدة.”

من جانبه، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس “حاولت (جماعة الحوثي) استهداف مطار بن غوريون، وردا على ذلك دمرنا اليوم مطار صنعاء.” وتابع “ضربنا أهدافا أخرى، استكمالا للهجمات التي نفّذناها على ميناء الحديدة والبنى التحتية الأخرى التي استهدفناها، ومَن يؤذنا سنؤذه أضعافا مضاعفة.”

وقال الحوثيون يوم الأحد إنهم سيفرضون حصارا جويا “شاملا” على إسرائيل بتكرار ضرب مطاراتها.

وشلّت هجمات الحوثيين حركة الملاحة عبر قناة السويس، وهو شريان مائي حيوي يمرّ عبره عادة حوالي 12 في المئة من حركة الملاحة العالميّة، ما أجبر العديد من الشركات على اللجوء إلى طرق بديلة مكلِفة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا.

وتتعرّض مناطق الحوثيين في اليمن لغارات شبه يومية منذ أعلنت واشنطن في 15 مارس شنّ عملية عسكرية ضدهم لوقف هجماتهم في البحر الأحمر وخليج عدن.

وكانت العمليات الأميركية ضد الحوثيين قد بدأت في مطلع العام 2024 في عهد الرئيس جو بايدن.

وفي الأسبوع الماضي، أعلن الجيش الأميركي أنه استهدف منذ منتصف مارس أكثر من ألف موقع في اليمن في إطار عملية أطلقت عليها تسمية “راف رايدر”.