قيس سعيد ينتقد الفوضى والمحسوبية في الخطوط التونسية ويحث على الإصلاح

وكالة أنباء حضرموت

انتقد الرئيس التونسي قيس سعيد وضع الخطوط الجوية التونسية وتراجع مستوى الخدمات والفوضى والمحسوبية ما أثر على أدائها، داعيا إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح الوضع بالمؤسسة العمومية، في وقت يتساءل فيه مراقبون عن سر تأخر عملية الإصلاح بالرغم من تأكيد قيس سعيد على ذلك في أكثر من مرة.

وأكّد الرئيس سعيد في لقائه الثلاثاء بقصر قرطاج وزير النقل رشيد عامري والمكلفة بالإدارة العامة لشركة الخطوط الجوية التونسية حليمة خواجة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة في كافة المستويات لوضع حدّ لما آلت إليه الشركة.

وتعاني الشركة من صعوبات مالية وهيكلية منذ سنوات، ومن زيادة كبيرة في أعداد الموظفين مأتاها تدخلات من جهات مختلفة حزبية ونقابية ولوبيات إدارية تتصرف دون الرجوع إلى الدولة، وانعكست الفوضى الإدارية والمحسوبية في التوظيف على أداء المؤسسة وصورتها لدى المسافرين التونسيين والأجانب وتراجع تصنيفها دوليا.

وقال قيس سعيد “لا الأوضاع داخل الطائرات مقبولة ولا مواعيد الإقلاع والهبوط محترمة، كما أنّ الخدمات يمكن أن تكون أفضل ممّا عليه اليوم بكثير.” وأضاف أنّ “أسطول الطائرات الذي كان يبلغ 24 طائرة تراجع إلى 10 فقط، والفحص الفنّي للطائرات الذي لا تتجاوز مدته عند إحدى الشركات المصنّعة الكبرى 10 أيام تجاوز في تونس 123 يوما، وهو ما كلّف الناقلة الوطنية خسائر مالية فادحة بلغت عشرات المليارات من الدينارات كان بالإمكان اقتناء طائرات جديدة بها، فضلا عن الانتدابات التي تمّت بالولاءات والمحاباة وبصفة غير شرعية ودون وجه حقّ ولم تكن هناك أي حاجة إليها.”

وتكمن مشكلة الخطوط التونسية في أن الحكومات المتعاقبة منذ 2011 تحاشت فتح ملف التجاوزات في المؤسسة الحكومية وتركت للوبي الإدارة التصرف فيها، ما يفسر ارتفاع عدد الموظفين بشكل غير مسبوق، وتراجع الخدمات، واستهانة مسؤولي الشركة بشكاوى المسافرين خاصة ما تعلق بسرقة الأمتعة أو إتلافها.

وأشار الرئيس سعيد إلى واقع الشركة في مناسبات سابقة بحديثه أمام مجلس الأمن القومي في نوفمبر الماضي عن ضرورة مواجهة لوبيات الفساد داخلها، إلا أن الإجراءات الحكومية لم تنجح في حلحلة الملف، ما يوحي بأن لوبي الفساد يتعمد عرقلة الإصلاح لدفع الدولة إلى التفويت في الشركة للخواص.

وشدّد الرئيس التونسي الثلاثاء على “ضرورة إيقاف هذا النزيف بسرعة، وأنّه لن يتمّ التفويت في هذه المنشأة الوطنية…،” داعيا إلى وضع خطة للإنقاذ في كافة المستويات حتى تسترجع الخطوط التونسية بكلّ مكوناتها “وهجها وبريقها في الأرض وفي السماء.”

الإجراءات الحكومية لم تنجح في حلحلة ملف الخطوط التونسية، ما يوحي بأن لوبي الفساد يتعمد عرقلة الإصلاح الحكومي

وأعلنت السلطات التونسية في أغسطس الماضي توقيف رئيس مدير عام شركة الخطوط التونسية خالد الشلي ضمن مساعي مواجهة الفساد المالي والإداري داخل الشركة. وقبل ذلك تم توقيف كاتب عام نقابة الخطوط التونسية نجم الدين المزوغي أثناء محاولته الهروب إلى ليبيا.

وقال المحلل السياسي التونسي خليفة الشيباني إن “الخطوط التونسية تعاني من مشاكل منذ سنوات، وتفاقمت تلك المشاكل الآن، وهو ما عاينه الرئيس سعيد أثناء تنقّله إلى مطار قرطاج الدولي،” وتساءل “هل يعقل أن مؤسسة عمومية تتعرض لكل هذه المشاكل؟”

وأضاف الشيباني في تصريح لـ”العرب” أن “الخطوط التونسية هي إحدى العلامات الدالة على أن العديد من المؤسسات العمومية في حاجة إلى الإصلاح، وأنه آن الأوان لمراجعة حوكمتها وإصلاحها.”

وأزمة شركة الطيران التونسية من بين أكثر القضايا التي تشغل بال التونسيين داخل البلاد وخارجها، إلى درجة أن البعض يؤكد أنها أساءت إلى صورة البلاد.

وأكد المحلل السياسي التونسي باسل الترجمان أن “الخطوط التونسية تعيش أزمة هيكلية منذ سنوات، وتم إغراقها بالآلاف من الموظّفين، ما أدى إلى تراجع مستوى خدماتها.”

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن “الرئيس سعيد كان واضحا، عندما قال إنه لن يتم التفويت في الناقلة الوطنية، وإنه سيتم التصدي لتلك المحاولات، وبالتالي الحفاظ عليها والسعي إلى تطهيرها.”

ويعتبر برنامج إصلاح الشركة من أبرز الملفات التي تعمل الحكومة على متابعتها واستكمالها بتعليمات من قيس سعيد الذي أكد خلال زيارة غير معلنة إلى مطار تونس قرطاج الدولي في أبريل الماضي على ضرورة أن يعود إلى الخطوط الجوية التونسية بريقها، وضرورة تطهيرها خاصة أن عمليات التدقيق أثبتت أن ما يناهز 130 موظفا وإطارا تم انتدابهم بشهادات مزورة، فضلا عن المحاباة والانتدابات بالولاء دون اعتماد الكفاءة والشهادات العلمية.

وأشار الترجمان إلى أن “من يشرف على إدارة الشركة ليس مختصا في مجاله، والرئيس سعيد أكد خلال لقائه وزير النقل ضرورة أن يتم وضع مختلف الآليات والمخططات لتطهير الشركة من أجل إعادة مجدها والحفاظ عليها كمكسب للشعب التونسي.”

وكثيرا ما عبّر مسافرون تونسيون وأجانب عن استيائهم من التعطيلات غير المبررة التي حدثت في الرحلات.

وتعاني الشركة من ضعف الإمكانيات المالية مقابل ارتفاع كلفة شراء الطائرات أو صيانتها في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وحوكمة التصرف في عائداتها. وانعكست الأزمة بشكل مباشر على جودة الخدمات بدءا من التأخير المستمر في مواعيد الرحلات وإلغائها مرورا بالصيانة ووصولا إلى مسألة التموين، بينما تصاعد الحديث عن إمكانية بيع الشركة للقطاع الخاص.