بشير بوصندل يصور العلاقة المعقدة بين الإنسان وبيئته
يقدم الفنان التونسي – الفرنسي بشير بوصندل معرضه الأول في تونس، تحت عنوان “مفتون بشموس أخرى”، وذلك بأحد الفضاءات الثقافية الخاصة بمنطقة البحر الأزرق في الضاحية الشمالية للعاصمة.
والمعرض الذي يتواصل إلى غاية 30 مارس المقبل فرصة لاستكشاف شعرية الحالة الإنسانية، حيث تصبح كل حركة بمثابة دعوة إلى التحول، فهو يحمل رسائل تدعو الزوار إلى إعادة التفكير في علاقتهم بالبيئة ومواجهة التحديات البيئية والاجتماعية الراهنة. كما يطرح تساؤلات حول الهوية والانتماء في عالم يشهد تغيرات متسارعة.
ويستكشف الفنان في هذا المعرض قضايا بيئية واجتماعية مثل هشاشة العلاقة بين الإنسان والطبيعة وتأثير النزعة الاستهلاكية على البيئة. وهو يعيد إحياء ذكريات من طفولته في تونس حيث تتجلى علاقة خاصة بالماء والضوء في لوحاته التي تغمر بالماء أثناء إنجازها. كما تبرز المواد المستخدمة في الأعمال الفنية دلالات رمزية مكثفة، فالزجاج مثلا يعبر عن الهشاشة البيئية والشفافية بينما يرمز المعدن إلى مرونة الإنسان وقدرته على التكيف مع تحديات العصر.
ويجمع معرض “مفتون بشموس أخرى” بين الجماليات البصرية والتأملات البيئية ويترجم أيضا رؤية الفنان حول العلاقة المعقدة بين الإنسان وبيئته، عبر أعمال فنية مبتكرة تجمع بين الرسم والزجاج والمعادن والمواد العضوية.
ويضم المعرض منحوتات زجاجية وطيورا معدنية مصنوعة من النحاس والألمنيوم. وتحمل هذه القطع الفنية في مضامينها فكرة الطيران والجذور لتجسد الصراع الأزلي الذي يعيشه الإنسان بين الحرية والانتماء.
ويعرف بوصندل باشتغاله الدائم على تغيير الألوان وتبديل المفردات والرموز المستخدمة، والتركيز على عدم التوازن وعدم وضوح الموضوع، وكلّها تقنيات وأساليب للتساؤل عن مكان وجود الإنسان في بيئته وقدرته على ملاءمتها والتكيّف معها.
وسيسافر هذا المعرض المتجول لاحقا، فبوصندل سيواصل رحلته الفنية من تونس باتجاه دبي، حيث سينتقل في الربيع إلى “الطبري آرت سبيس”.
والفنان التشكيلي بشير بوصندل (1984) يعيش ويعمل بين باريس وتونس، تخرّج في مدرسة الفنون الجميلة في دونكيرك بفرنسا، حيث بدأ مسيرته في مجال التركيب الفني قبل أن يتحول إلى الرسم. تستكشف أعماله نوعا مبتكرا من الرسم المتحرك حيث يعيد التفكير في المنظور التقليدي، مقدما رؤية من منظور العصافير على أسطح تجمع بين الأبعاد الأرضية والكونية. من أعماق هذه الأسطح تنبثق عناصر معزولة تتفاعل مباشرة عبر أعمال فنية متحرّرة من قيود الزمن والمكان. وتمزج هذه القطع الصغيرة والفريدة بين الذكريات الشخصية والتحولات الرمزية.
ويتناول الفنان في أعماله تساؤلات حول تنقل الكائنات عبر أراض متقلبة، جامعا بين التمثيل والتجريد في نهج فني متفرّد. وقد عرضت أعمال بشير بوصندل في معارض دولية بارزة، كما توجد بعض أعماله في مجموعات فنية رفيعة المستوى بمؤسسات في مراكش ومتحف شنغهاي.