الإمارات تستنكر هجوما بطائرة للجيش على مقر سفيرها في السودان

وكالة أنباء حضرموت

أدانت دولة الإمارات الأحد بشدة الاعتداء "الغاشم" الذي استهدف مقر رئيس بعثتها في الخرطوم، من خلال طائرة تابعة للجيش السوداني، وفق بيان نشرته الخارجية الإماراتية على منصاتها.

وقالت الخارجية الإماراتية، في البيان إن الاعتداء تم باستخدام طائرة تابعة للجيش السوداني، وأدى لوقوع أضرار جسيمة بالمبنى.

وطالبت الإمارات القوات المسلحة السودانية بتحمل المسؤولية كاملة عن العمل الذي وصفته بـ"الجبان".

كما أكدت أنها ستقدم مذكرة احتجاج لجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، على هذا الاعتداء من قبل القوات المسلحة السودانية الذي يمثل انتهاكا صارخا للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية.

واندلعت الحرب بالسودان في أبريل من العام الماضي بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بسبب الخلاف بخصوص انتقال البلاد إلى انتخابات حرة.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات. كما تلوح مجاعة في الأفق وفر نحو 8 ملايين شخص من منازلهم. ولم يعلق الجيش السوداني حتى الآن على هذا الاتهام.

وشددت وزارة الخارجية في البيان على "أهمية حماية المباني الدبلوماسية ومقرات منتسبي السفارات حسب الأعراف والمواثيق التي تحكم وتنظم العمل الدبلوماسي".

وأعربت الوزارة عن "استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القانون الدولي".

ونشبت معارك ضارية في العاصمة السودانية، وقالت وسائل إعلام محلية إن الجيش السوداني عزز سيطرته على مواقع استراتيجية وسط العاصمة الخرطوم مع استمرار الاشتباكات بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع منذ فجر السبت.

وفي المقابل، نفى محمد المختار النور، المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع، الناطق باسم وفد التفاوض في جنيف صحة الأنباء عن تحقيق الجيش لانتصارات خلال الأيام الماضية، كما أعلن وقف التفاوض مع الجيش السوداني والمتحالفين معه، مؤكدا أن "الحسم العسكري أصبح هو الخيار الوحيد الآن".

ويأتي هجوم الجيش السوداني على مقر سفير الإمارات في الخرطوم، بعد ادعائه مرارا بتقديم أبوظبي الأسلحة والدعم لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الحرب المستمرة منذ 17 شهرا في السودان، ونفت الإمارات هذا الاتهام أكثر من مرة.

ويرى مراقبون أن هذا اتهام الجيش فضفاض لتبرير عجزه عن الحسم العسكري على الأرض، وفي نفس الوقت لكسب الإسلاميين إلى صفه ومنعهم من الانقلاب عليه، مستفيدا من عداء بافلوفي لديهم ضد الإمارات وما يتعلق بها وتصديق أيّ اتهام يوجه إليها حتى لو كان لا يصدقه عقل ولا يسنده تحليل.

ومحاولة تصدير الأزمة والهروب إلى الأمام مناورات دأب قائد الجيش عبدالفتاح البرهان على انتهاجها للاستهلاك الاعلامي المحلي وخدمة أيضا لأطراف خارجية مناوئة للجهود الإماراتية الدبلوماسية في فض الأزمات

وفي الوقت الذي تحاول فيه الإمارات مساعدة المدنيين إنسانيا، يجري تسويق هذه المساعدات من جانب البرهان وفريقه على أنها دعم عسكري، في محاولة للتغطية على الهزائم التي مني بها الجيش في أكثر من منطقة سيطرت عليها قوات الدعم السريع.

وسبق أن ألقى الفريق ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة السودانية، المسؤولية على دولة الإمارات فيما تكبده الجيش السوداني من خسائر، متهما أبوظبي بمد قوات الدعم السريع بالسلاح دون أدلة على ذلك، متجاهلا المواقف والجهود الإماراتية الداعية منذ بداية الأزمة إلى التهدئة والحوار سبيلا وحيدا لإنهاء النزاع المسلح.

وأعلنت دولة الإمارات في أكثر من مناسبة أنها تقف على مسافة واحدة من طرفي الحرب في السودان ودعت مرارا إلى وقف إطلاق النار وركزت جهودها في الأثناء على الدعم الإنساني عبر إرسال قوافل من المساعدات للنازحين والمتضررين من الصراع وذلك بالتنسيق مع الهيئات الأممية.

ويقول محللون أن سلوك الجيش السوداني هو "تصرف يائس" من قوة "تضيق الخيارات أمامها" خصوصا على الصعيد العسكري أمام قوات الدعم السريع التي تسيطر على الخرطوم وغالبية إقليم دارفور إضافة الى مناطق أخرى يتمدد نفوذها فيها تدريجا.

وتؤكد التطورات الأخيرة أن الجيش السوداني يفقد البوصلة في تحركاته بسبب خسائره المتتالية، حتى وصل به الأمر إلى استهداف مقر رئيس بعثتها في الخرطوم.

وأدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، اليوم الإثنين، الاعتداء الذي استهدف مقر رئيس بعثة دولة الامارات العربية المتحدة في السودان.

وقالت الأمانة العامة للمجلس في بيان "أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء السافر الذي استهدف مقر رئيس بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة في جمهورية السودان، والذي أدى إلى وقوع أضرار جسيمة في المبنى".

وأضاف البيان "طالب الأمين العام حكومة السودان ببذل كافة الجهود لحماية المنشآت الدبلوماسية والعاملين فيها".

وتابع "أكد الأمين العام على أن هذا الاعتداء يمثل انتهاكا صارخا للمبدأ الأساسي المتمثل في حرمة المباني الدبلوماسية، وشدد على أهمية حماية المباني الدبلوماسية ومقرات منتسبي السفارات حسب الأعراف والمواثيق التي تحكم وتنظم العمل الدبلوماسي".

وأعرب البديوي وفق البيان عن "استنكاره الشديد لهذا الاعتداء، ورفض مجلس التعاون الدائم والثابت لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار وتتنافى مع القانون الدولي".

وكانت وزارة الخارجية الإماراتية قد أعلنت نهاية الشهر الماضي عن توقيع اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) لتقديم 7 ملايين دولار لدعم الجهود الإنسانية في السودان وجنوب السودان.

وتخصص الاتفاقية 6 ملايين دولار لعمليات اليونيسف في السودان، ومليون دولار لأنشطتها في جنوب السودان، مما يعزز التزام الإمارات العربية المتحدة بالتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية الشديدة في البلدين.

وتصاعد الصراع الدائر في السودان إلى أزمة مروعة تؤثر على الأطفال، حيث يُقدَّر عدد الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة بشكل عاجل بنحو 13.6 مليون طفل. وقد أجبر الصراع أكثر من 6 ملايين شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، على الفرار من منازلهم، مما جعل السودان مقرا لأكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم.

وقدمت الإمارات خلال العقد الماضي أكثر من 3.5 مليار دولار كمساعدات للشعب السوداني، مما يؤكد التزامها بمساعدة المحتاجين في أوقات الأزمات.

ومنذ اندلاع الصراع في عام 2023، قدمت دولة الإمارات 230 مليون دولار كمساعدات إنسانية، وأرسلت 159 طائرة إغاثة، حيث سلَّمت أكثر من 10 آلاف طن من المواد الغذائية والطبية وإمدادات الإغاثة. بالإضافة إلى ذلك، قامت دولة الإمارات ببناء مستشفيين ميدانيين في تشاد قدما العلاج الطبي لأكثر من 45 ألف شخص.

وعلاوة على ذلك، تواصل الإمارات الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في الصراع الدائر، ووقف العنف بشكل عاجل كمطلب رئيسي. وتؤكد الدولة أنه لا يوجد حل عسكري، وتشدد على أهمية عمل الأطراف المتحاربة على إيجاد حل سلمي للصراع من خلال الحوار.

وتحقيقا لهذه الغاية، ستحافظ دولة الإمارات على مشاركتها مع جميع أصحاب الشأن المعنيين، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على مسار سياسي للوصول إلى تسوية دائمة وتحقيق إجماع وطني لتشكيل حكومة يشارك فيها ويقودها المدنيون.