روسيا تغنم جيوسياسيا من تجارة الأسلحة مع أفريقيا

وكالة أنباء حضرموت

بعد قمتين رمزيتين لزعماء أفارقة تتزايد تجارة روسيا بشكل مطرد ولكن بشكل ملحوظ في صادرات الأسلحة والمعدات العسكرية. ووفقًا لتقارير الكرملين، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن حجم التجارة بين روسيا والدول الأفريقية ارتفع بنحو 35 في المئة في النصف الأول من عام 2023 على الرغم من العقوبات الدولية.

وخلال القمة الأولى، وعد بوتين بمضاعفة التجارة مع الدول الأفريقية في غضون خمس سنوات حيث يسعى إلى كسب أصدقاء جدد بعروض محطات الطاقة النووية والطائرات المقاتلة. وحدد الرقم المتوقع عند 40 مليار دولار، وهو ما كرره في عدة خطابات حتى القمة الأخيرة التي عقدت في يوليو 2023 في سانت بطرسبرغ.

ووفقًا لتقرير قناة روسيا اليوم تحت عنوان “روسيا توسع شراكاتها الدفاعية الأفريقية” الصادر في 5 سبتمبر 2024، حددت شركة تصدير الأسلحة الروسية روسوبورون إكسبورت خططًا لمشاريع مشتركة في ما يتعلق بالمعدات العسكرية مع القارة. وأشار التقرير إلى أن وكالة تصدير الأسلحة الروسية روسوبورون إكسبورت تعمل على تطوير مشاريع تعاون متعددة مع الدول الأفريقية، نقلاً عن ألكسندر ميخيف رئيس الوكالة.

وقال ميخيف، متحدثًا على هامش معرض مصر الدولي للطيران، إن وكالته تعمل على العديد من مشاريع التعاون الصناعي مع الدول الأفريقية، مع التركيز على الإنتاج المرخص للأسلحة الصغيرة والذخيرة والمركبات المدرعة والقوارب القتالية السريعة. كما أشار رئيس وكالة تصدير الأسلحة الروسية إلى الأهمية المتزايدة لأفريقيا والشرق الأوسط في أعمال الشركة بشكل عام.

وقال إن “الحصة الإجمالية لدول الشرق الأوسط وأفريقيا في محفظة طلبات شركة روسوبورون إكسبورت تتجاوز 50 في المئة، وهو ما يترجم إلى أكثر من 25 مليار دولار”. وكشف ميخيف أن أكثر من 40 دولة أفريقية تشارك بنشاط في التعاون العسكري التقني مع روسيا.

وتعتبر الركيزة الأكثر نجاحا في التجارة التقليدية بين روسيا وأفريقيا هي الأسلحة، التي تديرها بشكل رئيسي شركة روسوبورون إكسبورت التي تسيطر عليها الدولة. فبين عامي 2010 و2021، كانت صادرات الأسلحة الروسية إلى أفريقيا أكبر بكثير من صادرات أيّ مورد آخر وكانت أكبر بثلاث مرات من صادرات الصين، ثاني أكبر صادرات خلال تلك الفترة، وفقا لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام.

وتشمل الشركات الروسية الأخرى التي لديها عمليات كبيرة في أفريقيا شركة ألروسا التي تدير مشاريع الماس في أنغولا وتستكشف في زيمبابوي؛ وشركة روسال التي تستخرج البوكسيت في غينيا؛ وشركة روساتوم التي تبني محطة للطاقة النووية في مصر.

ويرى المحلل السياسي والإستراتيجي كيستر كين كلوميجا في تقرير على منصة إنتر برس أنه مع مرور السنين لم تتحقق سوى القليل من هذه الوعود بشكل ملموس، ومع ذلك فإن النفوذ الروسي في القارة ينمو بشكل أسرع من أيّ وقت مضى منذ نهاية الحرب الباردة. لكن هذا الاتجاه لم يرق إلى مستوى وعد الكرملين للقادة الأفارقة.

ولا تزال هناك تحديات متعددة قائمة بشكل صارخ في المسارات لتحقيق أهداف التعاون الاقتصادي التي حددتها القمتان. ويخطط وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لعقد أول مؤتمر لوزراء الخارجية في نوفمبر 2024 لوضع إستراتيجية لبعض جوانب تعزيز التعاون الاقتصادي بين روسيا وأفريقيا.

ويعتقد بعض الخبراء أن الأزمة المستمرة بين روسيا والغرب تحفز قيادة روسيا على البحث عن أسواق جديدة، وإلى جانب دول آسيا والمحيط الهادئ، أصبحت أفريقيا خيارها. وأظهرت التقارير أيضًا أن روسيا بدأت، بعد القمة الثانية في يوليو 2023، في تعزيز تعاونها الاقتصادي من خلال فتح بعثات تجارية مسؤولة عن تقديم خدمات الأعمال المستدامة وخطط لتسهيل التجارة بين الاستيراد والتصدير في بعض البلدان الأفريقية.

لكن هذه المراكز التجارية الروسية يمكنها أيضًا الشروع في حملة “ممارسة الأعمال التجارية في أفريقيا” لتشجيع الشركات الروسية على الاستفادة من فرص التجارة والاستثمار المتنامية، وتعزيز المعارض التجارية والتوفيق بين الشركات في المجالات الرئيسية في أفريقيا.

◙ الأزمة المستمرة بين روسيا والغرب تحفز قيادة روسيا على البحث عن أسواق جديدة، وإلى جانب دول آسيا والمحيط الهادئ، أصبحت أفريقيا خيارها.

ويعتقد العديد من المحللين والمراقبين السياسيين الروس والأفارقة أن إستراتيجية الشراكة بين القطاعين العام والخاص (المشاركة) في تعزيز التجارة ستساعد بشكل كبير في تلميع جزء من صورة القوة الناعمة في روسيا وأفريقيا. ووفقًا للبنك الأفريقي للتنمية، تنمو اقتصادات أفريقيا بشكل أسرع من اقتصادات أيّ قارة أخرى.

ويتم تصنيف ما يقرب من نصف البلدان الأفريقية الآن على أنها دول متوسطة الدخل، وانخفض عدد الأفارقة الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى 39 في المئة في عام 2023 مقارنة بـ51 في المئة في عام 2021، وحوالي 380 مليونًا من سكان أفريقيا البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة يكسبون الآن دخولاً جيدة – استهلاك متزايد – مما يجعل التجارة مربحة.

وبطبيعة الحال، هناك طرق مختلفة لفتح السوق المزدهرة لأفريقيا. ومن بين أكثر الطرق أماناً استخدام القواعد واللوائح القائمة. والواقع أن التعريفات التفضيلية للمنتجات الزراعية موجودة، ولكنّ عدداً قليلاً فقط من المصدرين الأفارقة يستخدمونها، وخاصة من جنوب أفريقيا وكينيا والمغرب ومصر.

ويتعين على السلطات الروسية أن تجعل من الممكن لعدد أكبر من البلدان الأفريقية الفردية أن تتفاوض على دخول منتجاتها إلى السوق. ويمكن أن تكون الكتل الاقتصادية الإقليمية الأفريقية أدوات مفيدة لتسهيل التجارة بين أفريقيا وروسيا.

وبالإضافة إلى ذلك، نشرت وزارة الخارجية الروسية تقريراً رسمياً على موقعها على شبكة الإنترنت يفيد بأن المنتجات التقليدية من البلدان الأقل نمواً (بما في ذلك أفريقيا) سوف تكون معفاة من التعريفات الجمركية على الواردات.

وينص التشريع على أن السلع التقليدية مؤهلة للحصول على معاملة جمركية وتعريفية تفضيلية. وأعرب أغلب الخبراء عن تشككهم وتساءلوا عما إذا كانت السلطات الروسية مستعدة بجدية لفتح السوق لأفريقيا، في حين اقترح آخرون أنه في ظل المنافسة العالمية الحالية، يتعين على السلطات الروسية أن تقدم حوافز تجارية.