حزب الله في ورطة الكشف عن أسرار توريداته لحل لغز هجوم البيجر

وكالة أنباء حضرموت

نفت الشركات التي تم ذكر اسمها كجزء من شبكات توريد أجهزة البيجر، التي فجرتها إسرائيل، أي علاقة لها بالأجهزة، ما يضع حزب الله تحت ضغط الكشف عن أسرار توريداته، والجهة التي صنّعت الأجهزة أو نقلتها، وأيضا التي تواطأت في عملية التفجير، وما إذا كانت هناك شبكة أخرى خفية لا يريد الحزب الكشف عنها لتأمين شبكة توريداته والجهة التي يتعاون معها.

ومن شأن استمرار حزب الله في التكتم عن الجهة الموردة أن يبرّئ الشركات التي تم ذكرها كمتعاون مفترض في تسهيل عملية التفخيخ، وأن يحول الأنظار إلى البحث عن الشركة المتهمة بالتواطؤ، وهل أنها من تايوان أم بلغاريا أم اليابان أم المجر، أم هي شركة خفية تعمل لصالح إيران وأذرعها في المنطقة، ولا يريد الحزب الكشف عنها.

ويمكن أن يلقي التحقيق، الذي يقول الحزب إنه يجريه، المسؤولية على عاتق الحزب نفسه بعد استسهال الحصول على أجهزة رخيصة مجهولة المصدر وغير خاضعة للتدقيق والرقابة، ولعل الهدف مما تحدث عنه الحزب لاحقا من تدقيق ومسح هو إبعاد تهمة التهاون عنه وطمأنة مخاوف جمهوره ومقاتليه وموظفيه وعائلاتهم.

وقوع تلك الهجمات رغم الفحص الروتيني للتحقق من عدم اختراق الأجهزة هز سمعة حزب الله كأكثر الجماعات قوة في "محور المقاومة" الذي تدعمه إيران

وقال مصدران أمنيان إن الحزب سلم عناصره أجهزة بيجر جديدة تحمل علامة جولد أبوللو قبل ساعات من تفجير الآلاف منها في هجمات هذا الأسبوع، ما يشير إلى أن الجماعة كانت واثقة من أن الأجهزة آمنة على الرغم من عمليات التفتيش المستمرة للمعدات الإلكترونية لرصد التهديدات.

وقال أحد المصدرين إن أحد أعضاء الحزب حصل على جهاز بيجر جديد يوم الاثنين وانفجر في اليوم التالي وهو لا يزال في علبته. وقال المصدر الثاني إن جهاز بيجر تسلمه عضو كبير قبل أيام قليلة أدى إلى إصابة أحد مرؤوسيه عندما انفجر.

وفيما بدا أنه هجوم منسق انفجرت أجهزة تحمل العلامة التجارية لشركة جولد أبوللو الثلاثاء في أنحاء جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع.

والأربعاء انفجرت مئات من أجهزة لاسلكية أخرى (ووكي توكي). وتسببت الانفجارات في مقتل 37 شخصا، من بينهم طفلان على الأقل، وإصابة أكثر من ثلاثة آلاف شخص.

وقال مصدر لبناني مطلع على مكونات أجهزة الووكي توكي، التي تستخدمها جماعة حزب الله وانفجرت هذا الأسبوع، لرويترز إن بطاريات هذه الأجهزة كانت ممزوجة بمركب بي.إي.تي.إن شديد الانفجار. وذكر المصدر أن الطريقة التي تم بها زرع المادة المتفجرة في البطارية جعلت من الصعب جدا اكتشافها.

وقال أحد المصادر الأمنية إنه من الصعب للغاية رصد المتفجرات بأي جهاز أو ماسح ضوئي. ولم يحدد المصدر نوع الماسح الضوئي الذي استخدمه حزب الله في فحص أجهزة البيجر.

وقال مصدران آخران إن الجماعة تفحص أجهزة البيجر بعد وصولها إلى لبنان اعتبارا من عام 2022، بما في ذلك السفر بها عبر المطارات للتأكد من أنها لا تطلق أي إنذار عند التفتيش، وإن الفحوص لم تكن بسبب شكوك معينة في أجهزة البيجر وإنما كانت في إطار مسح روتيني للمعدات بما في ذلك أجهزة الاتصال لرصد أي مؤشر على وجود متفجرات أو آليات تجسس.

ووقوع تلك الهجمات رغم الفحص الروتيني للتحقق من عدم اختراق الأجهزة هز سمعة حزب الله كأكثر الجماعات قوة في “محور المقاومة” الذي تدعمه إيران.

ووصلت شحنة مؤلفة من خمسة آلاف جهاز من أجهزة البيجر إلى لبنان هذا العام. وذكرت رويترز من قبل أن حزب الله لجأ إلى تلك الأجهزة في محاولة لتجنب التجسس الإسرائيلي على الهواتف المحمولة بعد مقتل قياديين كبار في ضربات جوية محددة الهدف على مدى العام الماضي.

وقال الخبير والاستشاري في مجال التكنولوجيا المقيم في الصين ديفيد فينشر “إذا تم اختراق سلسلة التوريد لوضع متفجرات داخل الأجهزة… فهذا تخطيط مذهل. غير أن اختراق سلسلة التوريد الحالية ليس صعبا، وهو ربما أسهل ما في الأمر”.

وذكر أن المنتجات المقلدة منتشرة بشكل كبير وخاصة في مراكز التصنيع الكبرى مثل الصين، حيث يمكن إنتاج مكونات مقلدة بسهولة، مضيفا أن الانتقال من المكونات المقلدة إلى اختراق سلاسل التوريد سهل.

وتابع “باعتباري متخصصا في مجال التكنولوجيا، أستطيع أن أقول إن وضع متفجرات بكميات قليلة في أجهزة اتصالات لاسلكية ليس صعبا”.

وبعد تفجيرات الثلاثاء كثف الحزب عمليات مسح أنظمة الاتصالات لديه وفحص كل الأجهزة بدقة. كما بدأ التحقق من سلاسل التوريد. لكنه لم يكد ينتهي من الفحص حتى انفجرت أجهزة الووكي توكي الأربعاء. وقال أحد المصادر إن حزب الله يعتقد أن إسرائيل اختارت تفجير الأجهزة لأنها كانت تخشى أن يكتشف حزب الله أنها أجهزة مفخخة.