غانا والمثلث الساحلي.. مناعة ضد الإرهاب ومخاوف من «اختراق صامت»

وكالة أنباء حضرموت

مع تمدد الإرهاب في غرب أفريقيا، وضمت فرنسا أجزاء جديدة من شمال بنين وغانا وتوغو إلى "المنطقة الحمراء".

وينظر إلى غانا باعتبارها دولة منيعة في مواجهة التنظيمات الإرهابية النشطة في المنطقة، ما استدعى تساؤلات بشأن قرار فرنسا بتعديل إرشادات السفر للدولة الأفريقية.

وقال خبراء من مالي إن الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل لا تملك مصلحة استراتيجية حاليًا في فتح جبهة جديدة داخل غانا، رغم التحذيرات المتزايدة من تمدد الإرهاب نحو دول خليج غينيا.

وأوضح الدكتور إبراهيم مايغا، الباحث المتخصص في ديناميات الحركات المسلحة في الساحل لـ"العين الإخبارية"، أن الجماعات الإرهابية "تتحرك وفق حسابات دقيقة تتعلق بالكلفة والمردود".

ورأى أن فتح جبهة جديدة في غانا لا يخدم مصالح هذه التنظيمات حاليًا، لأن غانا ليست دولة هشة أمنيًا، وتملك قدرات مؤسساتية وعسكرية أقوى من دول الساحل.

وأضاف مايغا: "الجماعات المسلحة في بوركينا فاسو ومالي والنيجر مستنزَفة أصلاً بسبب الضغوط العسكرية، وهي تركز على المناطق الرمادية ذات السيطرة الضعيفة. أما غانا، فهي مكلفة جدًا، ولا تقدم مكاسب سريعة لهذه الجماعات."

"الاختراق البطيء"؟
من جهته، رأى الدكتور بوبكر با، الباحث في مركز دراسات الساحل الأمني، أن تمدد الجماعات في الدول الساحلية يتم عادة عبر "الاختراق الاجتماعي والاقتصادي قبل العسكري".

وأضاف في حديث مع "العين الإخبارية" أن "الجماعات لا تحتاج رفع الراية السوداء في غانا لكي تكون موجودة. هي توسع شبكات التجنيد والتهريب، وتستغل الحدود والغابات والممرات التجارية. هذا اختراق صامت، لكنه أخطر على المدى الطويل".

وأكد أن فرنسا، بإضافة مناطق في غانا وبنين وتوغو إلى القائمة الحمراء، تريد لفت الأنظار إلى دينامية التمدد غير المرئية للجماعات، وليس إلى هجوم وشيك.

المثلث الساحلي.. بنين وتوغو الأضعف؟
بدوره، قال ماسا كوليبالي، المتخصص في شؤون الأمن والتنمية بجامعة باماكو لـ"العين الإخبارية"، إن الدول الساحلية ليست على درجة واحدة من الهشاشة.

وأضاف أنه "في حين تظهر غانا مستوى أكبر من التماسك المؤسسي، تواجه بنين وتوغو تحديات أمنية خطيرة، بسبب قرب المناطق الحدودية من بؤر نشاط الجماعات في بوركينا فاسو".

وأوضح كوليبالي أن "الممر الشرقي الممتد من شمال بنين نحو توغو هو الأكثر تعرضًا لعمليات الاختراق. الجماعات تعرف أن هذه المناطق توفر لها غابات، وقرى مهمشة، وضعفًا في الخدمات الحكومية — وهي بيئة مثالية للعمليات اللوجستية".

هل تسعى الجماعات لفتح جبهة مستقبلية في غانا؟
ورأى أن هذا السيناريو غير مستبعد لكنه غير مرجَّح حاليًا، فغانا تتمتع بجيش أكثر تدريبًا وانضباطًا مقارنة بالمنطقة، موضحًا أن لغانا تعاونًا استخباراتيًا قويًا مع دول غربية، كما تتمتع بغطاء اجتماعي أكثر تماسكًا من دول الجوار.

وتابع: "الخطر يكمن في أن الجماعات قد تعمد إلى استهداف نقاط حدودية صغيرة لاختبار رد الفعل".

كما رأى أن التهديد موجود، لكنه يتقدم على مراحل، وأن فرنسا، بدق ناقوس الخطر، تشير إلى أن المعركة الكبرى المقبلة قد تكون في الدول الساحلية وليس في الساحل فقط.

واعتبر أن "الضغط العسكري في مالي وبوركينا فاسو يدفع الجماعات للبحث عن هوامش جديدة. الدول الساحلية يجب أن تتحرك الآن، قبل أن تتحول مناطقها الحدودية إلى ساحات قتال جديدة".