الولي الفقيه: من “فصل الخطاب” إلى “محور صناعة الأزمات” في قلب الصراع الداخلي

الولي الفقيه: من “فصل الخطاب” إلى “محور صناعة الأزمات” في قلب الصراع الداخلي

هل يتجه الصراع والخصومة الداخلية بين زمر السلطة والثروة في نظام الملالي نحو تحديد مصير ومكانة الولي الفقيه نفسه؟ ما هو العامل الذي دفع بهذه الصراعات، المصحوبة بتبادل الاتهامات الحادة والتهديدات، إلى مدار جديد أصبحت سمته البارزة هي “التهديد بإلغاء الطرف الآخر”؟

الولي الفقيه: من “فصل الخطاب” إلى “محور صناعة الأزمات” في قلب الصراع الداخلي

حفظ الصورة
مهدي عقبائي
وکالة الانباء حضر موت

هل يتجه الصراع والخصومة الداخلية بين زمر السلطة والثروة في نظام الملالي نحو تحديد مصير ومكانة الولي الفقيه نفسه؟ ما هو العامل الذي دفع بهذه الصراعات، المصحوبة بتبادل الاتهامات الحادة والتهديدات، إلى مدار جديد أصبحت سمته البارزة هي “التهديد بإلغاء الطرف الآخر”؟

العوامل الرئيسية التي أوصلت هذه الصراعات إلى هذا المدار هي “الوضع فائق الحرج” للنظام على الساحة الدولية في مرحلة ما بعد الحرب وما بعد تفعيل آلية الزناد، وكذلك “الأزمة الكبرى” الاقتصادية والمعيشية والبيئية على الساحة الداخلية. كلا العاملين، اللذين يطبقان على النظام كشفرتي مقص، يضخان باستمرار التناقض والأزمة إلى داخل النظام. ولهذا السبب، فإن الفوضى السياسية والاقتصادية والمعيشية والمناخية، وكلها نتاج مباشر لسياسات وإدارة فاشلة، في حالة فوران دائم.

لقد حان وقت “الجزاء” (دفع الثمن) لجميع زمر النظام بفعل الاقتصاد والمعيشة والمناخ. إن مزيج هذه العناصر الثلاثة الأساسية لحياة المجتمع، تحول الآن إلى أكبر أزمة سياسية وإدارية ضد النظام بأكمله.

لقد وصل وضع البلاد إلى مرحلة يشعر فيها المتهمون المتورطون في هذه الكارثة بغليان وغضب المجتمع الوشيك الانفجار، ولهذا السبب، لجأوا إلى “الانتقام” من بعضهم البعض ومحاولة “إلغاء” الآخر. أي أن الأزمة الاجتماعية الكبرى قد تدفقت إلى داخل بنية الحكم. والآن، كل مسؤول في دائرة الاتهام يسعى لإلقاء هذا الحبل حول عنق منافسه ثم إقصائه.
 

هذا الوضع هو نتاج سياسة وإدارة مركزية. وفي النظام الإيراني، لا أحد يملك الأمر المطلق خارج القانون سوى الولي الفقيه. لهذا السبب، فإن ما يمنح هذه الصراعات مداراً ومستوى جديداً، هو “نضجها” إلى درجة “جرّ الولي الفقيه إلى المعركة”.

صحيفة “سازندکي” (التابعة لتيار كوادر البناء) في عددها الصادر في 9 نوفمبر، نشرت مقالاً بقلم أمينها العام، حسين مرعشي، تحت عنوان “ضرورة المصالحة الكبرى”. كل الإشارات في هذا المقال تشير إلى الولي الفقيه باعتباره المذنب الرئيسي:

“في الأنظمة الناجحة في العالم، من يملك السلطة الرئيسية هو نفسه الشخص المسؤول؛ … لكن في إيران، السلطة الرئيسية مُنحت للولي الفقيه بموجب الدستور. هذه السلطة ليست نشطة في السياسة الداخلية، والسياسة الخارجية، والاقتصاد، والثقافة. في هذه المجالات، السلطة في يد الولي الفقيه، لكن مسؤولية إدارة البلاد تقع على عاتق الحكومة، بينما الحكومة لا تملك كل السلطة”!

صحيفة “آرمان ملي” أيضاً، في عددها الصادر في 10 نوفمبر، تناولت وجهاً آخر لهذه الخصومة الجديدة، ووصفت البرلمان الذي اختاره الولي الفقيه بالقول:

“نواب البرلمان اليوم ليسوا ممثلين لعامة الناس، بل هم ممثلون حزبيون وفئويون يبحثون عن مصالحهم الخاصة. لقد أظهر هذا المجلس حتى الآن أنه ليس المجلس الذي يريده عموم الناس”.

في المقابل، لم يتأخر الرد. صحيفة “كيهان”، وهي الجهاز الرئيسي التابع لـ الولي الفقيه، في افتتاحيتها ليوم 10 نوفمبر بقلم حسين شريعتمداري، لوّحت بـ “ساحة الإعدام” و “الإلغاء الجسدي” في وجه الخصوم:

“حول الكلام السخيف للأمين العام لتيار كوادر البناء بشأن صلاحيات الولي الفقيه المعظم، نكتفي بهذه النقطة فقط: إن صلاحيات سماحته هي التي لم تسمح لبعض مثيري الفتن والمتعاونين العلنيين مع أمريكا وإسرائيل بأن يُعلّقوا على حبال المشنقة بحكم قطعي وقانوني مقبول في جميع أنحاء العالم!”

هذه أمثلة قليلة من كثير، تُعرف بالمرحلة الجديدة من الصراعات الفئوية التي تتميز بجرّ قدم الولي الفقيه إلى المعركة. إن هذا “النضج” في الصراع يدفع کلتي‌ الزمرتين الحاكمتين نحو “تحديد موقفهما” من الولي الفقيه نفسه. المدار الذي اتخذته هذه الخصومة يشير إلى أن الانقسام الفئوي سيزداد عمقاً. وهذا التصعيد في الصراع، سيحرر طاقة هائلة من المجتمع الإيراني – وخاصة الشباب – ليترصدوا الفرصة التاريخية النادرة لتحديد مصير نظام الملالي بأكمله.