فرنسا مصممة على عقد مؤتمرين لدعم لبنان.. فهل يتجاوب المانحون
لم تشغل الأزمة السياسية التي تعصف بفرنسا منذ أيام، الرئيس إيمانويل ماركون عن قضايا الشرق الأوسط في سياق مساعيه للحفاظ على قوة تأثير في منطقة تموج بالأحداث.
ويعد لبنان أحد مراكز نفوذ فرنسا التاريخية في منطقة الشرق الأوسط، لكن هذا النفوذ بدأ في التآكل مع وجود لاعبين كبار مثل الولايات المتحدة التي أصبحت على ضوء التحولات الأخيرة التي خلفتها المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، وانحسار إيران، صاحبة اليد الطولى في لبنان.
وجدد الرئيس الفرنسي، الثلاثاء، تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية العام الجاري، ليبقى السؤال الملح حول مدى تجاوب الإدارة الأميركية، ودول مجلس التعاون الخليجي، وهم من كبار المانحين المفترضين للبنان.
وقال الرئيس ماكرون، في رسالة وجهها إلى الرئيس اللبناني جوزيف عون، إن المؤتمر الأول يتعلق بدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، حجر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية، والمؤتمر الثاني يخصص لنهوض لبنان وإعادة الإعمار فيه.
الحديث عن مؤتمري دعم الجيش وإعادة الإعمار، انحسر بعد تراجع لبنان عن قرار نزع كامل سلاح حزب الله قبل نهاية 2025
وأضاف في رسالته للرئيس عون: “أحيي بالمناسبة القرارات الشجاعة التي اتخذتها لتحقيق حصرية السلاح بيد القوات الشرعية اللبنانية”. وشدد “على الصداقة التي تجمع بين البلدين الصديقين”، مؤكدا: “على استمرار دعم فرنسا للبنان في المجالات كافة.”
وتراجع الحديث عن مؤتمري دعم الجيش اللبناني وإعادة الإعمار في لبنان، بعد تراجع الحكومة اللبنانية عن قرار نزع كامل سلاح حزب الله قبل موفى العام الحالي وفق ما تطالب به واشنطن، وقبولها بخطة للجيش اللبناني تنص على تفكيك بنية الحزب العسكرية جنوب الليطاني خلال تلك المهلة، فيما تركت أمر نزع كامل السلاح إلى حين نضج الظروف وتوفر الإمكانيات.
وقد أبدت الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الخاص إلى سوريا توماس باراك عدم رضا عن مسار نزع سلاح حزب الله، ملمحة إلى نيتها زيادة الضغوط على لبنان مع بداية العام المقبل في حال لم تسجل خطوات عملية لحصر السلاح بيد القوى الشرعية.
وتقول أوساط سياسية لبنانية إن موقف الإدارة الأميركية ينسجم أيضا مع موقف الدول الخليجية الحريصة على استعادة لبنان لسيادته.
وتلفت الأوساط إلى أن واشنطن كما دول الخليج مترددة في عقد أي مؤتمر حاليا يتضمن دعما للبنان لاسيما في ما يتعلق بإعادة إعمار، إلى حين رؤية نتائج فعلية على الأرض إزاء نزع سلاح حزب الله.
وتوضح تلك الأوساط أن باريس وإن كانت قد تنجح في إقناع المتحفظين الدوليين والإقليميين على وجوب عقد مؤتمر لدعم الجيش، باعتباره، خطوة ضرورية لتمكين الأخير من أداء مهمته في نزع سلاح الحزب، لكن من غير الوارد أن يستجيب هؤلاء لها في ملف إعادة الإعمار.
وتواجه السلطة السياسية في لبنان وضعا صعبا فهي من جهة لا تستطيع دفع الجيش لاستخدام القوة (لا يملكها أصلا) في نزع سلاح حزب الله، وفي المقابل ترفض الولايات المتحدة ومعظم دول الخليج تقديم دعم مالي من دون أن تسبقه ضمانات جدية بنزع سلاح الحزب.