أسعار النفط تتراجع 14 دولارا في 2025.. مكاسب مؤقتة للمستهلك أم بداية ركود عالمي؟

وكالة أنباء حضرموت

تواصل أسعار النفط العالمية هبوطها في عام 2025، بعد أن انخفض سعر برميل خام برنت من 77 إلى 63 دولارا خلال أشهر قليلة، نتيجة تزايد الإنتاج من دول أوبك+ وتراجع الطلب العالمي بشكلٍ ملحوظ.

ومع أن هذا التراجع بدأ ينعكس تدريجيًا على أسعار الوقود في أوروبا، فإن الخبراء يحذرون من أن تأثيره على المستهلكين ما زال محدودًا ومؤقتًا.

ويرى اقتصاديون أن الانخفاض الحاد في الأسعار يعود إلى زيادة الإنتاج، بهدف تعويض تراجع العائدات في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي، خصوصًا في الصين وأوروبا والولايات المتحدة.

ويشير الخبراء إلى أن التباطؤ الصناعي في الصين وتراجع الطلب الأوروبي على الطاقة تزامنا مع سياسة نقدية متشددة من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ما أدى إلى تراجع النشاط الاقتصادي عالميًا وبالتالي انخفاض الاستهلاك النفطي

ويتوقع محللو السوق أن يتراجع سعر البرميل إلى نحو 58 دولارًا مطلع 2026، وربما يلامس 55 دولارًا في ربيع 2027 إذا استمر ضعف النمو العالمي.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الفرنسي إيمانويل لوشيبر إن “الهبوط الحالي يعكس اختلالاً هيكليًا بين العرض والطلب أكثر مما هو نتيجة لعوامل مؤقتة”، مشيرًا إلى أن “أسعار الوقود لا تنخفض بنفس سرعة أسعار النفط الخام بسبب ارتفاع تكاليف التكرير والنقل والضرائب”.

وأضاف:" في 2025، القاعدة القديمة التي تقول إن كل دولار في سعر البرميل يُخفض سنتًا واحدًا من سعر لتر الوقود لم تعد تنطبق، لأن السوق أصبح أكثر حساسية للعوامل اللوجستية والنقدية”.

وشدد لوشيبر على أن انخفاض الدولار أمام اليورو ساهم مؤخرًا في تخفيف أثر ارتفاع الطاقة على أوروبا، “لكن ذلك لا يعني أن المستهلك سيشعر بتراجعٍ كبير في الأسعار خلال الشتاء المقبل”.

ويرى لوشيبر أن استمرار التراجع حتى 2026 قد يُجبر الحكومات الأوروبية على إعادة النظر في سياسات الطاقة والضرائب، للحفاظ على توازن السوق وضمان أمن الإمدادات، في وقتٍ يُتوقع فيه استمرار الركود الصناعي العالمي.

بدوره، قال باتريك أرتوس، مدير الأبحاث السابق في بنك “Natixis”، وأستاذ في جامعة باريس – بانتيون سوربون، وعضو في مجلس التحليل الاقتصادي التابع لرئاسة الوزراء الفرنسية أن انخفاض الأسعار العالمي "يمثل في الظاهر خبرًا جيدًا للمستهلكين، لكنه مؤشر مقلق على ركود اقتصادي عالمي متسارع".

وأضاف لـ"العين الإخبارية" أنه: "في حين تتراجع أسعار النفط بهذه الوتيرة، فهذا يعني أن الطلب الصناعي في العالم يتقلص بسرعة. لذا، فإن الفائدة قصيرة المدى للمستهلك الأوروبي قد تخفي خطر ركود أطول مدى على الاقتصاد العالمي".

وأضاف أن أوروبا، رغم استفادتها من انخفاض تكلفة الطاقة، تواجه تحديًا في استدامة الإمدادات المستقبلية، خصوصًا مع تراجع الاستثمارات في قطاع الطاقة التقليدية.

أثر محدود في المحطات الأوروبية
وفق بيانات إذاعة "إر.إم سي" الفرنسية، فإن كل دولار انخفاض في سعر البرميل لا ينعكس بشكلٍ مباشر على المستهلك، إذ لم ينخفض لتر الديزل سوى 8 سنتات فقط رغم تراجع البرميل بنحو 13 دولارًا منذ بداية العام، بسبب ارتفاع تكاليف التكرير والنقل.

غير أن هناك جانبًا إيجابيًا للمستهلك الأوروبي: تراجع الدولار مقابل اليورو خفّض الكلفة الفعلية للواردات النفطية بنحو 30% منذ يناير/كانون الثاني. واتسع الفارق مجددًا بين أسعار الديزل والبنزين لصالح سائقي السيارات العاملة بالديزل.

ويتوقع خبراء الطاقة أن تصل الأسعار في الأسابيع المقبلة إلى نحو 1.50 يورو للديزل و1.60 يورو للبنزين 95 أوكتان، مقارنة بـ1.63 و1.73 يورو حاليًا.

وأشارت محطة "إر.إم.سي" الفرنسية إلى أن انخفاض أسعار النفط في 2025 يحمل وجهين متناقضين: من جهة، يُخفّف مؤقتًا الضغط على المستهلك الأوروبي. ومن جهة أخرى، يُظهر هشاشة الاقتصاد العالمي وتباطؤ النمو في أكبر الاقتصادات الصناعية.