سباق الصواريخ.. «باتريوت» بين استنزاف أوكرانيا وحروب المستقبل

وكالة أنباء حضرموت

في خضم الصراعات العالمية والمخاوف المتزايدة في الغرب من اندلاع صراع ضخم يزداد الطلب على صواريخ باتريوت للدفاع الجوي.

وتنتج شركات الدفاع الأمريكية صواريخ باتريوت الاعتراضية بوتيرة قياسية، لكن الطلب عليها آخذ في الارتفاع.

وخلال الحرب المستعرة في أوكرانيا منذ أكثر من 3 أعوام، تستنزف الصواريخ الروسية منظومة باتريوت الاعتراضية أمريكية الصنع، مما يجعل كييف تُكافح للحصول على المزيد منها.

وتُدرك دول غرب أوروبا حاجتها إلى إعادة إحياء دفاعاتها الجوية المستنزفة، كما تعلم الولايات المتحدة أن المخزونات الرئيسية تعاني من نقص حاد، وتحتاج ليس فقط إلى إعادة تعبئتها، بل إلى توسيع نطاقها بشكل كبير وذلك وفقا لما ذكره موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي.

ودفعت الحاجة لصواريخ باتريوت الشركات المُصنّعة للقاذفات والصواريخ وأجهزة البحث وغيرها، مثل شركات "لوكهيد مارتن" و"رايثيون" و"بوينغ" إلى زيادة إنتاجها، لكن المشكلة أن الطلب يرتفع أيضًا وقد يزداد بشكل هائل في حال اندلاع مواجهة مع قوى متقدمة.

وتتكون بطاريات باتريوت من أنظمة رادار وتحكم، ومحطات إطلاق، وصواريخ اعتراضية، والتي تُشكّل معًا ما يُعد أحد أفضل أنظمة الدفاع الجوي في العالم، حيث يمكنها اكتشاف واعتراض الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز والطائرات والطائرات المسيرة بشكل فعال.

والعام الماضي، منح الجيش الأمريكي شركة "لوكهيد مارتن"، المُصنّعة لصواريخ باتريوت الاعتراضية من طراز "بي ايه سي-3 إم إس إيي" عقدًا لزيادة إنتاجها السنوي إلى 650 صاروخًا بدلا من 500 صاروخ العام الماضي وهو الرقم الذي كان يعد قياسيا مقارنة بـ350 قبل بضع سنوات في حين صرحت الشركة بأنه ستكون هناك "زيادة كبيرة" بحلول عام 2027.

وفي الوقت نفسه، تُكثّف بوينغ إنتاجها من أجهزة البحث عن صواريخ "بي ايه سي-3" وهي مكونات أساسية تُمكّن نظام باتريوت من تحديد التهديدات وتتبعها واعتراضها، وتُعزز شركة رايثيون، المُصنّعة لرادارات وقاذفات باتريوت، إنتاج صواريخ "بي ايه سي-2" الاعتراضية.

ويقدر الإنتاج العالمي السنوي لصواريخ باتريوت بما يتراوح بين 850 و880 صاروخًا سنويًا، وفقًا لفابيان هوفمان، خبير الدفاع الجوي والصواريخ في جامعة أوسلو وقد يصل هذا ارقم إلى 1130 صاروخًا بحلول عام 2027.

ويقدر إنتاج روسيا بما يتراوح بين 840 و1020 صاروخًا من صواريخها الباليستية قصيرة المدى من طراز "إسكندر إم 723" وصواريخها الباليستية قصيرة إلى متوسطة المدى من طراز "كينزال كيه إتش- 47 إم2" والتي تطلق جوا.

ويثير هذا الخلل قلق الغرب حيث تحتاج أنظمة الدفاع الجوي عادة إلى إطلاق صاروخين أو ثلاثة صواريخ اعتراضية للقضاء على أي تهديد قادم بشكل موثوق.

ورغم أن "باتريوت" ليس الخيار الوحيد للدفاع الجوي، ولكنه يمتلك قدرة أساسية يُمكن استنزافها في غياب مخزونات كبيرة.

وفي تصريحات لـبيزنس إنسايدر"، قال برايان كوبيك، نائب رئيس برامج "بي ايه سي-3" في قسم الصواريخ والتحكم في النيران بشركة لوكهيد مارتن "تدرك الشركة الحاجة الملحة للصواريخ ونعمل بشكل وثيق مع الجيش الأمريكي والموردين لزيادة معدل إنتاجنا لتلبية الطلب العالمي".

وأضاف "توفر بنيتنا التحتية القوية وسلسلة التوريد لدينا أساسًا متينًا لزيادة الإنتاج"، وتابع "تتخذ الشركة خطوات استباقية وتُجري استثمارات داخلية لدعم موردينا، وتسريع التسليم، وتقليل عوائق الإنتاج".

وذكرت شركة رايثيون أنه "أصبح من المهم أكثر من أي وقت مضى التعاون في الإنتاج والتطوير المشترك للوصول بأفضل القدرات إلى الميدان بسرعة".

وأوضحت أنها دخلت في شراكات جديدة لزيادة الإنتاج، وتعمل على زيادة عدد موظفيها، كما خصصت ما يقرب من مليار دولار لتأمين مواد أساسية من الموردين وتصنيع رادارات باتريوت.

وقالت "بحلول نهاية 2025 سنعمل بالتعاون مع موردينا، على تسريع مواعيد تسليم رادارات باتريوت بنسبة 25%" وأضافت أن إنتاج صواريخ باتريوت "جي إيي إم-تي" الاعتراضية سيزداد بنسبة 150% بحلول عام 2028.

وبالنسبة للولايات المتحدة، لا يقتصر التهديد على روسيا وحدها حيث تراقب وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) ترسانة الصواريخ الباليستية الصينية المتنامية وتدرك أنها ستحتاج إلى دفاعات جوية ضخمة وهو ما يدركه حلفاء أمريكا في المحيط الهادئ.

ويستخدم الحلفاء الأوروبيون، وكذلك الدول الشريكة في آسيا والشرق الأوسط، صواريخ باتريوت حيث يوجد 19 مشغلا حول العالم للصواريخ مما يعني تنافسًا كبيرًا على الطلب، خاصة مع حالة الحرب في بعض الدول.

ويبدأ الغرب زيادة الإنتاج في وقت تتناقص فيه مخزوناته من الصواريخ الاعتراضية مما يزيد الضغط على جهود الإنتاج خاصة وأن تصنيع صواريخ وبطاريات باتريوت يستغرق وقتا وهو ما يعكس أزمة في ظل الطلبات الفورية والحاجة للتخزين استعدادا للمعارك المستقبلية.

والعام الماضي، قال توماس لاليبرتي، رئيس أنظمة الدفاع البري والجوي في شركة رايثيون "يستغرق بناء رادار باتريوت ١٢ شهرًا، بينما يستغرق الحصول على جميع القطع ٢٤ شهرًا".

ونفى البنتاغون تقريرًا نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية الشهر الماضي قالت فيه إن الولايات المتحدة لا تملك سوى 25% من صواريخ باتريوت الاعتراضية التي تحتاجها.

وقال المتحدث باسم البنتاغون، برايون ماكغاري، لبيزنس إنسايدر إن "الجيش الأمريكي لديه ما يحتاجه للقتال والفوز في أي مهمة، في أي مكان وفي أي وقت".

لكن البنتاغون أوقف الشهر الماضي شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، بما في ذلك صواريخ باتريوت الاعتراضية، وسط مخاوف بشأن مخزونات الأسلحة الأمريكية وتردد أن القرار يقف وراءه إلبريدج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للشؤون السياسية الذي انتقد دائما عدم كفاية استعداد الولايات المتحدة للحرب مع الصين.

ورغم إلغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقرار إلا أنه غيّر طريقة تقديم الأسلحة لأوكرانيا، مما وضع أعباء التكلفة والمخزون على عاتق الحلفاء الأوروبيين بينما تتولى الولايات المتحدة الإنتاج.

ورغم نفي البنتاغون وجود مشكلة، إلا أن مسؤولين أمريكيين أشاروا سابقًا إلى وجود ضغط على الأقل وقال الأدميرال البحري الأمريكي، صموئيل بابارو، قائد القيادة الأمريكية في المحيطين الهندي والهادئ، العام الماضي، إن القتال في الشرق الأوسط وأوكرانيا يُستنزف مخزون الولايات المتحدة، ويسحب أصولاً ضرورية.

وحاليا، هناك جهود واضحة لزيادة مخزونات الجيش الأمريكي الذي يسعى إلى مضاعفة مشترياته من الصواريخ الاعتراضية أربع مرات، من 3376 إلى 13773 صاروخا، باستثمار كبير قدره 1.3 مليار دولار في صواريخ باتريوت.