« DF-41».. صاروخ صيني يربك الحسابات الأمريكية
بالتزامن مع التصعيد في الشرق الأوسط، كشفت الصين عن صاروخها الباليستي الأقوى حتى الآن.
ففي الوقت الذي اتجهت فيه أنظار العالم نحو الشرق الأوسط لمتابعة الحرب بين إسرائيل وإيران وقرار أمريكا بالانخراط في الصراع، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بالصين صور تُظهر صاروخًا باليستيًا عابرًا للقارات من طراز DF-41 ،وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
وتزامنت صور الصاروخ مع الدراسة التي نشرها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، وخلصت إلى أن الصين تُسرّع من وتيرة بناء أسلحتها النووية بوتيرة تفوق أي دولة أخرى.
ويمنع حجم الصين وقاعدتها التكنولوجية المتقدمة وقدراتها العسكرية الحديثة الولايات المتحدة من أن توجه إلى الصين ضربات مشابهة لضرباتها هي وإسرائيل إلى إيران وفي الواقع، يُعدّ اندلاع حرب أخرى محتملة لتغيير النظام في الشرق الأوسط أحد العوامل التي تدفع بكين إلى حشد الأسلحة النووية.
ويُعد صاروخ دونغفنغ-41 (DF-41)، المعروف بالصينية باسم "ريح الشرق"، أحد أكثر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تطورًا في ترسانة الأسلحة النووية الصينية سريعة النمو.
ويُمثل الصاروخ، الذي طورته قوة الصواريخ التابعة لجيش التحرير الشعبي، قفزة نوعية في قدرات الردع الاستراتيجي للصين، إذ يجمع بين إمكانية توجيه ضربات بعيدة المدى، والتكنولوجيا المتقدمة، وتعزيز القدرة على البقاء.
ولكونه حجر الزاوية في جهود التحديث النووي الصينية، لفت صاروخ DF-41 انتباه العالم لقدرته على استهداف أي نقطة تقريبًا على الأرض، بما في ذلك الولايات المتحدة، أي أنه يمتلك القدرة على زعزعة التوازن الاستراتيجي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وما وراءها.
و"DF-41" هو صاروخ باليستي عابر للقارات يعمل بالوقود الصلب، ويتحرك على الطرق، وهو مصمم لإيصال رؤوس نووية لمسافات شاسعة.
ويُعتقد أن مدى الصاروخ يتراوح بين 7,456 و9,321 ميل، وهو ما يعني أن بإمكانه ضرب أهداف في جميع أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا من مواقع إطلاق في أعماق الصين.
ويتجاوز هذا المدى مدى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الصينية السابقة، مثل DF-5، ويضعه بين أكثر الأسلحة الاستراتيجية بُعداً في العالم.
وصاروخ DF-41 مُجهز بمركبات إعادة دخول متعددة قابلة للاستهداف بشكل مستقل (MIRV)، مما يسمح له بحمل ما يصل إلى 10 رؤوس حربية، كل منها قادر على ضرب هدف مختلف وتُقدر قوة هذه الرؤوس الحربية بين 150 كيلوطن وميغاطن واحد، وهي أقوى بكثير من القنابل التي ألقاها الأمريكيون على هيروشيما أو ناغازاكي.
ويُعزز نظام MIRV قدرة الصاروخ على اختراق أنظمة الدفاع الصاروخي، مثل نظام الدفاع الجوي الأمريكي الأرضي (GMD)، من خلال سحق الصواريخ الاعتراضية ذات الأهداف المتعددة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يتضمن صاروخ DF-41 وسائل مساعدة على الاختراق، ومركبات مناورة لإعادة الدخول لمزيد من التهرب من الدفاعات.
ويُعد صاروخ DF-41 عنصرًا أساسيًا في استراتيجية الردع النووي الصينية، التي تُركز على قدرة موثوقة على الردع بالضربة الثانية لردع الخصوم المحتملين، وخاصة الولايات المتحدة.
وبشكل رسمي، تستند العقيدة النووية الصينية إلى سياسة "عدم الاستخدام الأول"، بمعنى أنها لن تستخدم الأسلحة النووية إلا للرد على هجوم نووي.
وبفضل مداه الطويل وقدرته على حمل رؤوس نووية متعددة وقدرته على البقاء، يضمن صاروخ DF-41 قدرة الصين على الحفاظ على قوة انتقامية قوية حتى بعد امتصاص ضربة أولى وهو ما يُعزز قدرة بكين على ردع الإكراه النووي أو العدوان التقليدي من خلال التأكيد على أن أي هجوم على الصين سيؤدي إلى عواقب كارثية.
ويُعالج تصميم صاروخ DF-41، نقاط الضعف في الترسانة النووية الصينية القديمة، والتي اعتمدت بشكل كبير على صواريخ صوامع تعمل بالوقود السائل مثل صاروخ DF-5.
هذه الأنظمة القديمة كانت أكثر عرضة للكشف والتدمير، خاصة مع ظهور قدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع الأمريكية.
في المقابل، فإن قدرة صاروخ DF-41 على الحركة وجاهزيته للإطلاق السريع تجعله رادعًا أكثر مرونة، قادرًا على النجاة من الضربات الاستباقية وشن هجوم مضاد.
كما يُعزز صاروخ DF-41 قدرة الصين على إبراز قوتها خارج نطاق منطقتها المباشرة حيث يسمح مداه بتعريض القواعد العسكرية الأمريكية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ للخطر مثل القواعد الموجودة في غوام واليابان كما يعرض أيضا المدن الكبرى والأصول الاستراتيجية في الولايات المتحدة للخطر.
وتُؤكد هذه القدرة على بروز الصين كقوة عسكرية عالمية، كما تُعقّد التخطيط الاستراتيجي الأمريكي خاصةً في السيناريوهات التي تشمل تايوان أو بحر الصين الجنوبي، حيث قد يتصاعد التدخل الأمريكي إلى حرب نووية.
ويُشكل صاروخ DF-41 الصيني تهديدًا مباشرًا لمنظومة الدفاع الصاروخي الأمريكية المصممة لمواجهة تهديدات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات المحدودة، إلا أن قدرة صاروخ DF-41 على حمل صواريخ متعددة العائد (MIRV) واستخدامه المحتمل للصواريخ الوهمية قد تربك أنظمة الاعتراض الحالية وهو ما يُجبر واشنطن على الاستثمار في دفاعات أكثر تطورًا وتكلفة.
وتُسهم هذه الديناميكية في سباق تسلح في تكنولوجيا الصواريخ، حيث تسعى الصين والولايات المتحدة إلى الحفاظ على التكافؤ الاستراتيجي.