واشنطن تستنجد ببكين لردع تهديدات طهران بإغلاق مضيق هرمز
تتصاعد المخاوف الدولية من اشتعال حرب وشيكة في مضيق هرمز، الشريان الحيوي لتجارة النفط العالمية، مع تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة.
وفي خطوة تعكس حجم القلق، حض وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، الأحد الصين على التدخل لردع طهران عن إغلاق المضيق ردا على الضربات الأميركية على مواقع نووية إيرانية، محذرًا من أن هذه الخطوة ستكون بمثابة "انتحار اقتصادي" لإيران، وستفضي إلى تبعات كارثية على الاقتصاد العالمي.
ويشكل مضيق هرمز الضيق الذي لا يتجاوز عرضه 33 كيلومترا عند أضيق نقاطه، ويمتد بين إيران وسلطنة عُمان، بوابة الخليج إلى بحر العرب والمحيط الهندي، ويُعد بمثابة الشريان الذي يعبر منه نحو خُمس استهلاك العالم من النفط يوميًا.
وبحسب بيانات فإن ما بين 17.8 و20.8 مليون برميل من النفط الخام والوقود والمكثفات تمر عبره يوميًا منذ مطلع 2022 وحتى منتصف 2025، مما يجعله مركزًا استراتيجيا في ميزان الطاقة العالمي.
وفي ظل الهجمات الأميركية الأخيرة على مواقع نووية إيرانية، لوحت طهران بخيار إغلاق المضيق كرد فعل. هذا التهديد أثار قلقا عالميا واسعا، إذ أن الاقتصاد العالمي لا يزال يعاني من تبعات الحروب المتعددة، وارتفاع أسعار الطاقة، وتباطؤ سلاسل الإمداد، مما يزيد من هشاشة الوضع العام.
وفي تصريح لشبكة "فوكس نيوز"، أوضح روبيو أهمية الدور الصيني، قائلا "أحض الحكومة الصينية في بكين على الاتصال بهم بهذا الشأن، لأن الصين تعتمد بشدة على مضيق هرمز في إمداداتها النفطية".
وهذه الدعوة لا تأتي من فراغ، فالصين، بصفتها أكبر مستورد للنفط في العالم، تُعد من أكثر الدول التي ستتأثر سلبًا بأي إغلاق للمضيق.
وحذر روبيو من أن إغلاق هرمز سيكون "خطأ فادحًا آخر" و"انتحارًا اقتصاديًا" لإيران نفسها، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لديها "خيارات للتعامل مع ذلك".
وشدد على أن "هذه الخطوة ستضر باقتصادات الدول الأخرى بشكل أسوأ بكثير من اقتصادنا"، معتبرًا أنها ستكون "تصعيدًا هائلًا يستحق الرد، ليس منا فحسب، بل من الآخرين أيضًا".
وتتفق هذه التحذيرات مع ما أعربت عنه كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، التي اعتبرت أن إقدام إيران على هذه الخطوة سيكون بمثابة تصعيد خطير.
وقالت قبل اجتماع لوزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسل "المخاوف من الرد وتصاعد هذه الحرب كبيرة، وخاصة أن إغلاق إيران لمضيق هرمز أمر بالغ الخطورة وليس في صالح أحد".
وأكدت أن الاتحاد الأوروبي يراقب الوضع عن كثب، ويتواصل مع شركائه الإقليميين والدوليين لمنع انزلاق الأمور إلى مواجهة مباشرة قد تتجاوز حدود الشرق الأوسط.
ومن جانبها دعت الصين الإثنين المجتمع الدولي لبذل المزيد من الجهود لمنع النزاع بين إسرائيل وإيران من التأثير على الاقتصاد العالمي، مشددة على أهمية مضيق هرمز والمياه المحيطة به بالنسبة للتجارة العالمية.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية غوه جياكون إنّ "الصين تدعو المجتمع الدولي إلى مضاعفة الجهود للدفع باتجاه خفض التصعيد في النزاع ومنع انعدام الاستقرار من التأثير بشكل أكبر تأثير على النمو الاقتصادي العالمي".
في المقابل، نقلت قناة "برس تي.في" الإيرانية الرسمية، أن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني بصدد اتخاذ القرار النهائي بشأن إغلاق المضيق، بعد تقارير عن دعم البرلمان الإيراني لهذه الخطوة، كرد مباشر على الضربات الجوية الأميركية التي استهدفت 3 مواقع نووية داخل إيران.
كما أعلن علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، أن القواعد العسكرية الأميركية التي استخدمت في الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، سيتم اعتبارها أهدافا مشروعة من الآن فصاعدًا.
وتعكس هذه التصريحات أن طهران قد توسّع دائرة الرد، سواء عبر تصعيد عسكري مباشر أو من خلال أدواتها الإقليمية.
وتزامن ذلك مع موقف صيني واضح من التطورات، إذ أدانت بكين الهجمات الأميركية، محذرة من أنها ستقود إلى "تصعيد إضافي في التوترات الإقليمية".
كما أبدت روسيا وعدد من الدول العربية رفضها لهذا التصعيد، مشيرة إلى ضرورة ضبط النفس وتجنب خطوات أحادية من أي طرف.
ويرى الخبراء أن إقدام إيران على إغلاق مضيق هرمز، وإن كان يبدو كورقة ضغط قوية، إلا أنه سيكون ذا كلفة عالية عليها نفسها، بالنظر إلى اعتمادها الكبير على صادرات الطاقة. كما أن مثل هذا التصعيد من شأنه أن يوفر مبررًا لتوسيع التدخل الأميركي في المنطقة، ويعيد الأزمة الإيرانية إلى الواجهة الدولية بقوة أكبر.
مع تأهب الجيش الأميركي لأي تطورات في مضيق هرمز واستعداده للتعامل الفوري والحاسم مع أي محاولة لإغلاقه، يصبح الضغط الدبلوماسي، خاصة من دول ذات نفوذ كالصين، حاسما لتجنب كارثة اقتصادية وإنسانية قد لا تقتصر تبعاتها على المنطقة فحسب.