خطط لبنانية جديدة لحل معضلة اللاجئين السوريين تصطدم بعدم تحمّس دمشق
لا تزال قضية اللاجئين السوريين تشغل الأوساط الرسمية والسياسية في لبنان، في ظل تردد الكثير من السوريين في العودة، رغم مرور نحو سبعة أشهر على الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، وإقامة سلطة جديدة.
وتعكف الحكومة اللبنانية التي يقودها نواف سلام على إعداد خطة جديدة لعودة النازحين السوريين، لكن نجاح الخطة لا يبدو مضمونا في غياب تحمّس دمشق.
وشدد نائب رئيس الحكومة اللبنانية طارق متري على ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية والأمم المتحدة في ملف عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى وطنهم، كاشفا عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بيروت.
وقال متري الأحد إنه يعمل حاليا على إعداد خطة لعودة النازحين السوريين تتضمن وثيقة مختصرة تضع ركائز الخطة والمبادئ المنظمة لتسهيل أو تيسير عودة أكبر عدد منهم، على أن يعرضها على مجلس الوزراء في جلسته اليوم الاثنين.
وأشار إلى أن التعاون مع السلطات السورية والأمم المتحدة، ولاسيما المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية -وكلتاهما وضعتا خطة تنفيذية تم تبنيها من اللجنة الوزارية لتسهيل العودة وإعطاء الحوافز للسوريين الذين أبدوا استعداداً للعودة إلى بلدهم- هو الركيزة الأساسية لإنجاح هذا المسعى، مع التأكيد على ضرورة ضبط عمليات التسلل غير الشرعي، ودور الأمن العام في هذا الإطار.
وأضاف متري في حوار مع صحيفة “المدن” أنه في حال تحقق التعاون الجاد مع الدولة السورية، وهو ما يتم التعويل عليه، فلن تكون هناك أية عقبات في طريق هذا المسعى.
ولا تبدي السلطة السورية الجديدة أي رغبة في عودة الملايين من اللاجئين في هذا التوقيت، حيث تخشى أن يشكل ذلك عبئا إضافيا عليها، فيما هي تكابد لإعادة بناء الدولة وتحريك عجلة الاقتصاد المعطلة منذ سنوات.
في المقابل يرى لبنان أن الوضع في سوريا بات ملائما لمثل هذه العودة، وأن على الدولة السورية تحمل مسؤولياتها في هذا الشأن، خصوصا مع تراجع الدعم الدولي للاجئين تراجعا كبيرا.
ويحتضن لبنان حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، من بينهم 752 ألفا مسجلون لدى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.
ولفت الوزير اللبناني إلى أن وكالات الأمم المتحدة ترى أن تنفيذ خطة العودة التي يجري العمل عليها سيكون ممكناً في حال تم الانطلاق من المواطنين السوريين الذين أبدوا استعداداً للعودة.
وأشار متري إلى أن هناك مئات الآلاف من السوريين الذين أبدوا استعدادًا للعودة السريعة بحلول شهر سبتمبر المقبل، “لذلك سنبدأ بهم في المرحلة الأولى.”
وكشف متري عن زيارة مرتقبة لوزير الخارجية أسعد الشيباني إلى بيروت قد تتم قبل نهاية الشهر الجاري.
وأشار إلى أهمية الزيارة التي قد تشكّل نقلة نوعية في تنسيق الملفات العالقة، بدءا من عودة السوريين وضبط الحدود وترسيمها، ومروراً بملف المعتقلين وقضايا المفقودين اللبنانيين في سوريا، ووصولاً إلى مراجعة العلاقات الثنائية على أسس جديدة قائمة على “الندية والاحترام المتبادل.”
ويشكل اللاجئون ضغطا أمنيا واقتصاديا على لبنان، وقد جرت محاولات في السابق لحل المعضلة مع نظام الأسد، لكن الأخير لم يبد التجاوب المطلوب.
ويقول مراقبون إن الوضع لا يبدو مختلفا مع السلطة السورية الجديدة، التي ترى أنها لا تستطيع في ظل الوضع الراهن استيعاب الكم الهائل من اللاجئين، وأن الأفضل التأني واعتماد نهج متدرج.
ويشير المراقبون إلى أن الوضع قد يختلف في الأشهر المقبلة، حينما يستشعر اللاجئون السوريون بأن الأمور في بلادهم تتجه إلى التحسن، وحينما يشعرون بوطأة غياب الدعم في لبنان.
قضية اللاجئين السوريين تشغل الأوساط الرسمية والسياسية في لبنان، في ظل تردد الكثير من السوريين في العودة، رغم الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد
وتقلص الدعم للاجئين السوريين في لبنان بشكل كبير، نظراً للنقص الكبير في تمويل الجهات الإنسانية الفاعلة، خاصة بعد تخفيض التمويل الأميركي، إذ لا يتم حالياً سوى تمويل حوالي 21 في المئة من ميزانية مفوضية شؤون اللاجئين في لبنان.
وقالت الناطقة باسم مفوضية اللاجئين في لبنان، ليزا أبوخالد، في وقت سابق إن المفوضية ستضطر إلى التوقف الكامل عن دعم التكاليف الاستشفائية للاجئين مع نهاية عام 2025، وذلك نتيجة النقص الكبير في التمويل.
وأكدت أبوخالد أنه تم بالفعل إيقاف الدعم الصحي الأولي، وهذا سيؤثر بشكل مباشر على 80 ألف لاجئ.
وأوضحت في تصريحات صحفية أن برامج المساعدات النقدية تأثرت هي الأخرى بشكل كبير، حيث انخفضت قدرتهم على الوصول إلى المستفيدين بنسبة 65 في المئة منذ يناير الماضي.
واضطرت المفوضية إلى وقف المساعدة عن 350 ألف شخص من الفئات الضعيفة، وما زالت تفتقر إلى التمويل اللازم لدعم الـ200 ألف المتبقين بعد سبتمبر.
وكشفت أنه سيتم إنهاء الدعم المقدم للتعليم، وخصوصًا مساعدة الأطفال اللاجئين غير الملتحقين بالمدارس، بما يشمل برامج محو الأمية وتعليم الحساب، بحلول يوليو القادم.
وبذلك سيتأثر بشكل مباشر نحو 15 ألف طفل، مع الإشارة إلى إجراء تخفيضات كبيرة في القوى العاملة، بنسبة 30 في المئة خلال العام الجاري، ما يعني خسارة أكثر من 150 موظفًا من الكوادر المهمة بحلول نهاية العام.
من جهة ثانية أعلن برنامج الأغذية العالمي في فبراير عن تخفيض عدد اللاجئين السوريين الذين يتلقون مساعدات نقدية في لبنان بنسبة 40 في المئة. وقال البرنامج في تقرير صدر في مارس إنه من دون تمويل جديد “سوف تنفذ الموارد بحلول يونيو 2025.”