واقع كبار السن في البلدان العربية يفرض دورا أكبر للأسرة

وكالة أنباء حضرموت

تتوقع تقارير منظمة الصحة العالمية أن تبلغ نسبة كبار السن في العالم العربي 9.3 في المئة بحلول عام 2030 بعد أن كانت تقدر في العام 2019 بحوالي 6. 6 في المئة، وإن اختلفت هذه النسبة من بلد إلى آخر فإنها تبقى متقاربة إلى حد ما.

وفي سياق المنطقة العربية تبدو الرعاية طويلة الأجل في المنزل هي الطريقة المفضلة لدعم كبار السن والسماح لهم بمواصلة العيش على نحو مستقل قدر الإمكان داخل منازلهم وأسرهم ومجتمعاتهم، وفق ما جاء في تقرير للإسكوا بعنوان “في اليوم العالمي لكبار السن: الواقع والتحديات في المنطقة العربية”. ومع ذلك قد تكون الرعاية المؤسساتية والتمريضية بديلا أكثر ملاءمة لمجموعة صغيرة من الأشخاص ذوي الاحتياجات المتقدمة والمعقدة.

وتولي تونس أهمية كبرى لتمكين كبار السنّ من العيش ضمن محيطهم الأسري باعتبار أنّ العائلة هي الحاضنة الطبيعيّة والمثلى لضمان استقرار العلاقات الاجتماعية واستدامة الروابط العاطفية.

وأكدت وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن في بيان لها، أنها قد أمضت إلى حدود شهر يونيو الحالي، 44 قرارا جديدا لإسناد منح إلى أسر كافلة لمسنين، في إطار برنامج الإيداع العائلي لكبار السن الذي تم دعمه ليؤمن حاليا كفالة 455 مسنا ومسنة لدى أسر بديلة، منهم 82 في المئة من النساء، باعتمادات جملية تفوق 1.6 مليون دينار بعنوان سنة 2025.

الرعاية طويلة الأجل في المنزل هي الطريقة المفضلة لدعم كبار السن والسماح لهم بمواصلة العيش على نحو مستقل

وحسب البيان، فقد كثّفت الوزارة، تدخّلاتها لتعزيز دور الأسرة والنهوض بقدراتها في رعاية الآباء والأمّهات من كبار السنّ، وعززت تدخّلاتها ضمن برنامج رعاية كبار السن بالبيت من خلال دعم برنامج الفرق المتنقلة لتقديم الخدمات الاجتماعيّة والصحيّة لكبار السنّ بالبيت، التي ارتفع عددها إلى 44 فريقًا سنة 2025 تغطي 19 محافظة وتقدّم خدماتها لحوالي خمسة آلاف مسن ومسنة. كما تواصل الوزارة جهودها لمزيد تحسين جودة الخدمات وطاقة الإيواء بمؤسسات رعاية كبار السن، البالغ عددها 14 مؤسسة عموميّة منها 9 مؤسسات وظيفيّة و5 في طور استكمال التهيئة وإعادة البناء.

وتحيي تونس هذه السنة اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين وسط دعوات إلى مزيد تكثيف الجهود وتضافرها للتربية على ثقافة احترام حقوق كبار السنّ ونشر قيم الاحترام والإحاطة بهذه الفئة وتأصيلها، إلى جانب مناهضة كلّ أشكال العنف المسلط عليها.

وبيّنت وزارة المرأة أن إحياء اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة المسنين فرصة سنويّة لتجديد الالتزام بالدفاع عن حقوق كبار السنّ وتعزيز مكانتهم في الأسرة والمجتمع، من أجل تمكين هذه الفئة من عيش كريم وشيخوخة آمنة، ضمن منظومة رعاية متكاملة تعطي الأولويّة للدعم الأسري وتضمن الرعاية المؤسساتيّة البديلة لفائدة فاقدي السند العائلي والمادي من بين هذه الفئة.

وقالت وزيرة الأسرة، أسماء الجابري، إن “حماية كبار السنّ وصون كرامتهم لا يقتصران على السياسات العمومية والتشريعات والبرامج فحسب بل يستوجبان أيضا إيلاء الأهميّة القصوى للتنشئة على قيم احترام كبار السنّ وإعلاء مكانتهم من خلال ترسيخ ثقافة البِرّ والتقدير داخل الأسرة، ومناهضة كل أشكال الإهمال أو الإقصاء أو الإساءة، مُعتبرة أنّ غرس هذه القيم في وجدان الناشئة وفي الممارسات المجتمعية اليومية يُمثل صمّام أمان لضمان تماسك النسيج الأسري والاجتماعي، ويُسهم في بناء مجتمع متضامن يُعلي من شأن الأجيال السابقة ويثمّن رصيدهم من التجربة والعطاء”.

ودعت الوزيرة  إلى إحكام تنفيذ البرنامج الذي تمّ وضعه على المستويين الوطني والجهوي، للتحسيس بأهميّة التوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن والتأكيد على مكانة المسنّين وأهميّة صون حقوقهم وكرامتهم، وذلك من خلال أنشطة ذات بعد توعوي واجتماعي تتمحور بالأساس حول تنظيم فعاليّات جهوية لفائدة الأسر والأطفال تتناول الأبعاد الدينية والقانونية والاجتماعية والنفسية لبرّ الوالدين وحسن معاملة كبار السنّ، إلى جانب أنشطة ميدانيّة في علاقة ببرامج الوزارة وتدخّلاتها لمعاضدة مجهودات الأسر في رعاية كبار السن.

وتسللت في السنوات الأخيرة سلوكيات عنف ضد كبار السن في تونس منها إهمال العناية بهم والاستحواذ على معاشاتهم من طرف أسرهم بعد تعنيفهم.

وتعمل تونس على التصدي لمختلف أشكال العنف، والإساءة التي قد تطال كبار السن، وقد عملت الوزارة على مزيد تطوير الرقم الأخضر المخصص لاستقبال الرسائل الصوتية للتوجيه والإحاطة والإشعار حول كبار السن والذي يوفر خدمات الإصغاء والتوجيه النفسي والاجتماعي والقانوني للمسنين في وضعيات تهديد.

وتعتبر إساءة معاملة المسنين مشكلة موجودة في كل من البلدان النامية والمتقدمة، ومع ذلك لا يُبلغ عنها بشكل عام على المستوى العالمي. ولا توجد بيانات عن معدلات الانتشار أو التقديرات إلا في بلدان متقدمة معينة، تتراوح من 1 في المئة إلى 10 في المئة. وعلى الرغم من أن هناك جهلا بمدى سوء معاملة المسنين، فإن أهميته الاجتماعية والأخلاقية واضحة. وعلى هذا النحو، فإنها تتطلب استجابة عالمية متعددة الأوجه، تركز على حماية حقوق كبار السن.

تونس تعمل على التصدي لمختلف أشكال العنف والإساءة التي قد تطال كبار السن وقد عملت الوزارة على مزيد تطوير الرقم الأخضر المخصص لاستقبال الرسائل الصوتية للتوجيه والإحاطة

ويدعو خبراء الأسرة إلى وضع مقاربات تعريف وكشف ومعالجة إساءة معاملة المسنين في سياق ثقافي وينظر إلى جانب عوامل الخطر المحددة ثقافيا. وعلى سبيل المثال في بعض المجتمعات التقليدية تتعرض الأرامل الأكبر سنا للزواج القسري بينما في حالات أخرى تتهم النساء المسنات المعزولات بالشعوذة. ومن منظور صحي واجتماعي، ما لم تكن كل من الرعاية الصحية الأولية وقطاعات الخدمات الاجتماعية مجهزة بشكل جيد لتحديد المشكلة ومعالجتها، فإن إساءة معاملة المسنين ستظل غير مكروهة ولا يمكن تجاهلها.

وتشير التوقعات، إلى أن يكون 1 من كل 6 أشخاص بعمر 65 سنة أو أكثر بحلول عام 2050، مما يزيد من تعرض كبار السن للعنف. كما أن حوالي 1 من كل 6 أشخاص بعمر 60 سنة فأكثر تعرضوا لشكل من أشكال الإساءة في المجتمع خلال العام الماضي.

ويمكن أن تؤدي الإساءة لكبار السن إلى إصابات جسدية خطيرة وعواقب نفسية طويلة الأمد. ويُتوقع أن تزداد إساءة معاملة كبار السن مع ازدياد عدد السكان المتقدمين في العمر بسرعة في العديد من الدول.

وتؤثر حالات الطوارئ مثل الكوارث الطبيعية والأوبئة أو النزاعات بشكل غير متناسب على كبار السن، مما يزيد من ضعفهم. لذلك تبدو تلبية احتياجاتهم في التخطيط للطوارئ والاستجابة لها أمرا بالغ الأهمية، حيث غالبًا ما يواجه كبار السن مشاكل في التنقل، أو يعانون من حالات صحية مزمنة، أو يعانون من العزلة الاجتماعية. ويمكن أن تعوق هذه العوامل قدرتهم على الوصول إلى المساعدة أو الإجلاء الآمن أو تلقي الرعاية الطبية والخدمات الداعمة في الوقت المناسب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يزيد التوتر والفوضى في حالات الطوارئ من خطر إساءة معاملة كبار السن، بما في ذلك الإساءة الجسدية والعاطفية والمالية أو الإهمال.

وبحكم التحولات الديموغرافية والاجتماعية المتمثلة أساسا في اتساع قاعدة الشيخوخة، وتغير أنماط الحياة الأسرية التي أصبحت تقتصر على العائلة الصغيرة في المدينة، أصبحت رعاية كبار السن تُشكل تحديا لكل الدول العربية.