إيران: أزمة الطاقة تُعطّل الصناعة وتُهدد الخبز اليومي

إيران: أزمة الطاقة تُعطّل الصناعة وتُهدد الخبز اليومي

يعاني القطاع الصناعي في إيران أزمة خانقة تهدد بمزيد من الانهيار الاقتصادي، مدفوعة بتفاقم أزمة الطاقة وسوء إدارة عملية الخصخصة. هذه التحديات المتشابكة تؤدي إلى إغلاق المصانع

إيران: أزمة الطاقة تُعطّل الصناعة وتُهدد الخبز اليومي

حفظ الصورة
موسى أفشار
خريج جامعة المستنصرية ببغداد محلل الشأن الإيراني وشؤون الشرق الأوسط خاصة الشؤون العربية. منذ أكثر من 20 عامًا يعمل كاتبًا ومحللًا في وسائل الإعلام العربية. عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كاتب مقالات وله مقابلات وآراء عديدة في وسائل الإعلام العربية الرصينة
وکالة الانباء حضر موت

يعاني القطاع الصناعي في إيران أزمة خانقة تهدد بمزيد من الانهيار الاقتصادي، مدفوعة بتفاقم أزمة الطاقة وسوء إدارة عملية الخصخصة. هذه التحديات المتشابكة تؤدي إلى إغلاق المصانع، وفقدان الوظائف، وتدهور اقتصادي شامل، في وقت يزداد فيه الدعم الدولي لنضال الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة، بقيادة منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مما يكشف عجز النظام عن مواجهة الأزمات المتفاقمة.

أزمة الطاقة: خنق المصانع والبقاء الاقتصادي
في صورة قاتمة للواقع الصناعي، تعاني المصانع الإيرانية من نقص حاد في الكهرباء والغاز، مما يعيق عملياتها ويهدد استمراريتها. على سبيل المثال، أعلن مصنع "آريا للصلب" في أردستان عن تسريح 40 عاملاً بسبب "عدم توازن الكهرباء وتقليص ساعات عمل المصنع"، وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية "إسنا". وأوضح مدير المصنع أنَّ القيود على الطاقة خلال الأشهر الستة الماضية خفضت الإنتاج إلى خمس إنتاجيته الطبيعية. مع استمرار توظيف 170 عاملاً، حذر المدير من تسريحات إضافية إذا لم يتمكن المصنع من الوفاء بالتزامات الرواتب. وفي تفاصيل أكثر قتامة، كشف محافظ أردستان أن المصنع مدين بحوالى 250 مليار تومان لإدارة الكهرباء، نصفها غرامات، مما يبرز كيف تهدد أزمة الطاقة الجدوى التشغيلية للمصانع.

هذه الحالة ليست معزولة. فقد حذر النائب إحسان قاضي زاده هاشمي، عضو لجنة الصناعات والمناجم في البرلمان، من أنَّ "انقطاعات الكهرباء طويلة الأمد ستكون بالتأكيد ضارة بالإنتاج، وستزيد من تكلفة السلع النهائية". وشدد على ضرورة الإنذار المسبق بانقطاعات الكهرباء وتوزيعها بشكل عادل بين القطاعات، في إشارة ضمنية إلى الفشل الحالي في إدارة الطاقة.

تداعيات أوسع: المخابز كمثال حي
لا تقتصر أزمة الطاقة على المجمعات الصناعية الكبرى، بل تمتد لتهدد الخدمات الأساسية مثل المخابز، التي توفر الخبز، الغذاء الأساسي للإيرانيين. تواجه المخابز تحديات متفاقمة بسبب انقطاعات الكهرباء، التي تزيد من تكاليف الإنتاج وتعيق تشغيل الأفران. في جلسة برلمانية يوم 18 أيار (مايو) 2025، أقرَّ النائب محسن زنگنه بـ"الاحتجاجات المتكررة لأصحاب المخابز"، مشيرًا إلى ظروفهم الصعبة الناتجة عن تردد الحكومة في تحديد أسعار الدقيق والقمح، وتخفيض الدعم البنكي، وزيادة تكاليف العمالة بنسبة 20 بالمئة، وتقليص حصص الدقيق. وبالرغم من أن زنگنه لم يذكر انقطاعات الكهرباء صراحة، فإن أي اضطراب في إمدادات الطاقة يفاقم هذه الأعباء، مما يضغط على هذه الشركات الحيوية ويزيد من معاناة المواطنين.

دعم دولي متزايد لنضال الشعب الإيراني
في ظل هذه الأزمات، يبرز الدعم الدولي المتزايد للشعب الإيراني ومقاومته المنظمة كعامل ضغط إضافي على النظام. فقد أصدر أكثر من 550 برلمانيًا بريطانيًا، في بيان مشترك، دعوة لتصنيف فيلق الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، مع الاعتراف بحق الشعب الإيراني في تغيير النظام ودور وحدات المقاومة التابعة لمنظمة مجاهدي خلق في هذا النضال. كما أعربت لجان برلمانية في دول أوروبية أخرى، مثل فرنسا وإيطاليا، عن دعمها للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مشيدة بتنظيمه كبديل ديمقراطي. في الولايات المتحدة، وقّع العديد من أعضاء الكونغرس على قرارات تدعم نضال الشعب الإيراني ضد القمع، مشيرين إلى دور منظمة مجاهدي خلق في تعبئة المقاومة داخل إيران. هذا الدعم الدولي يكشف عن عزلة النظام ويعزز شرعية المقاومة، مما يزيد من هلعه في مواجهة الأزمات الداخلية.

سوء إدارة الخصخصة: إفلاس المؤسسات
إلى جانب أزمة الطاقة، تعاني الصناعة الإيرانية من عملية خصخصة فاشلة تفاقم الأزمة الاقتصادية. بالرغم من أن المادة 44 من الدستور تهدف إلى نقل المؤسسات الحكومية إلى القطاع الخاص، إلا أن الواقع كان كارثيًا. فقد أفادت صحيفة "وطن امروز" في 12 أيار (مايو) 2025 أن العديد من المؤسسات المخصخصة أفلست. وأكد ذلك زبي الله خدائيان، رئيس منظمة التفتيش العام، خلال اجتماع مع غرفة التجارة، حيث كشف أن "أكثر من 70 بالمئة من المؤسسات المنقولة واجهت الإفلاس". وأشار إلى أن هذه المؤسسات "نُقلت بشكل رئيسي إلى مؤسسات عامة غير حكومية"، وهي تسمية تُستخدم غالبًا للإشارة إلى منظمات مرتبطة بالنظام، مما يشير إلى أن عملية الخصخصة كثيرًا ما خدمت لتعزيز سيطرة دوائر النظام بدلاً من تعزيز المشاريع الخاصة الحقيقية.

أزمة نظامية تهدد سبل العيش
تكشف الأدلة من وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية وتصريحات المسؤولين، إلى جانب الدعم الدولي المتزايد للمقاومة الإيرانية، عن إخفاقات عميقة في إدارة قطاع الطاقة وسوء التعامل مع الخصخصة، مما يهدم القدرة الصناعية لإيران. هذه الأزمة ليست مجرد مشكلة اقتصادية مجردة، بل لها عواقب وخيمة على حياة الإيرانيين العاديين، من عمال المصانع إلى أصحاب المخابز، مما يغذي البطالة والمشقة الاقتصادية. الاعترافات من داخل النظام، مع تزايد الدعم الدولي لنضال الشعب، تؤكد أزمة متجذرة لا يمكن للإجراءات السطحية حلها، مشيرة إلى عيوب أساسية في الحوكمة والإدارة الاقتصادية التي تواصل شل إمكانات الأمة.