أزمة دبلوماسية في الأفق بين بيروت وطهران بسبب سلاح حزب الله

وكالة أنباء حضرموت

أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن وزير الخارجية يوسف رجي استدعى السفير الإيراني في بيروت، مجتبى أماني، على خلفية تصريحات الأخير حول ملف "نزع سلاح" جماعة حزب الله.

ويمثل استدعاء السفير الإيراني من قبل لبنان تصعيدا دبلوماسياً يعكس استياء بيروت من تدخل طهران في قضية حساسة تتعلق بسيادة الدولة وأمنها.

وذكر موقع "المركزية" اللبناني أن استدعاء السفير الإيراني يأتي ردا على تدوينة له على منصة إكس تناول فيها موضوع حصرية السلاح في لبنان، واصفا مشروع نزع السلاح بأنه "مؤامرة واضحة ضد الدول"، ومحذرا من "الوقوع في فخ الأعداء".

وفي تدوينته التي سبقت الإعلان عن الاستدعاء بيومين، انتقد السفير أماني سياسات نزع السلاح في سياق الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل، قائلاً "بينما تواصل الولايات المتحدة تزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة والصواريخ، تمنع الدول من تسليح وتعزيز جيوشها، وتضغط على دول أخرى بحجج مختلفة لتقليص أو تدمير ترساناتها".

وأضاف السفير الإيراني "عندما تستسلم هذه الدول لمطالب نزع السلاح، تصبح عرضة للهجوم والاحتلال، كما حدث في العراق وليبيا وسوريا، نحن في الجمهورية الإسلامية الإيرانية نعي خطورة هذه المؤامرة وخطرها على أمن شعوب المنطقة. ونحذر الآخرين من الوقوع في فخ الأعداء. إن حفظ القدرة الردعية هو خط الدفاع الأول عن السيادة والاستقلال ولا ينبغي المساومة عليه".

ويأتي ذلك، فيما جدد الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، الأحد، التمسك بحصر السلاح بيد الدولة وأجهزتها الأمنية تنفيذا للقرار الأممي 1701.

وفي العام 2006 تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 1701 لوقف الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل على أساس إنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان، وتنفيذ اتفاق الطائف وقرارات دولية أخرى تطالب بنزع سلاح كل الجماعات المسلحة في لبنان.

وكان أمين عام "حزب الله" نعيم قاسم قد حذر في كلمة متلفزة نهاية الأسبوع الماضي من أن الحزب "لن يسمح لأحد بنزع سلاحه"، في وقت تضغط فيه الولايات المتحدة على بيروت لإجباره على تسليم أسلحته.

وأكد أن من يدعو إلى نزع السلاح بالقوة يقدم خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي، وهدفه الفتنة بين المقاومة والجيش اللبناني، وهذه الفتنة لن تحصل، وقال "سنواجه من يريد نزع سلاحنا، وننصح بألا يلعب معنا أحد هذه اللعبة".

وتتصاعد الضغوط الدولية على لبنان لتطبيق هذا القرار ونزع سلاح حزب الله، خاصة منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل في 27 نوفمبر 2024. وتعتبر أطراف دولية وإقليمية أن امتلاك حزب الله لسلاح مستقل عن الدولة اللبنانية يقوض سيادة الدولة ويعرض أمن المنطقة للخطر.

ويرى البعض أن تصريحات السفير الإيراني تمثل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي اللبناني الحساس، خاصة في ظل النقاشات المتصاعدة حول سلاح حزب الله ودوره في لبنان والمنطقة، فيما يتعارض رفض إيران لمبدأ نزع سلاح الجماعات المسلحة بشكل مباشر مع المطالب اللبنانية والدولية، ويزيد من حدة الانقسام السياسي الداخلي.

ومن المتوقع أن يحمل الاستدعاء اللبناني للسفير الإيراني رسالة واضحة بضرورة احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في قضاياه الداخلية. كما يرجح أن يؤدي هذا التطور إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين البلدين، خاصة في ظل النفوذ المتزايد لإيران وحلفائها في المنطقة.

وشهدت العلاقات اللبنانية الإيرانية مؤخرا توتراحادا. ففي فبراير الماضي، تصاعد الخلاف بين البلدين بشكل حاد إثر قيام طهران بمنع طائرتين لبنانيتين من إعادة عشرات الرعايا اللبنانيين العالقين في إيران. وجاء هذا الإجراء الإيراني كرد فعل على قرار السلطات اللبنانية بمنع طائرة مدنية إيرانية من الهبوط في مطار بيروت الدولي. وقد عزت بيروت قرارها آنذاك إلى ما تردد عن تهديدات إسرائيلية باستهداف الطائرة الإيرانية.

وقد أثارت هذه الأزمة غضباً واسعاً في الأوساط الموالية لحزب الله في لبنان، حيث قام شبان بقطع الطريق المؤدي إلى مطار بيروت الدولي احتجاجاً على منع الطائرات الإيرانية من الهبوط، ما أدى إلى مزيد من الاحتقان في المشهد السياسي اللبناني الهش أصلاً.

وقد استدعت تلك الأحداث تدخلا من قوى سياسية ودينية لبنانية للتهدئة واحتواء الأزمة الدبلوماسية بين بيروت وطهران.

وكان حزب الله قد تلقى ضربة قاسية في مواجهته مع إسرائيل التي استمرت سنة تقريبا على خلفية الحرب في قطاع غزة بين حركة حماس والدولة العبرية.

ودمرت إسرائيل جزءا كبيرا من ترسانة الحزب وقتلت عددا من قياداته على رأسهم أمينه العام حسن نصرالله، ما أجبر الحزب على القبول باتفاق وقف لإطلاق النار مع إسرائيل ينص على انسحابه من المنطقة الحدودية وفي مرحلة لاحقة على نزع سلاحه، وفق ما يقول مسؤولون لبنانيون.