ترامب وكيم.. ما مصير «ودّ» الولاية الأولى؟
تغيرات ضخمة يشهدها المشهد الأمني العالمي في 2025 ما يطرح تساؤلات حول طريقة تعامل دونالد ترامب مع كوريا الشمالية في ولايته الثانية.
فمع عودة الرئيس الأمريكي للبيت الأبيض، باتت واشنطن تنأى بنفسها عن حلفائها الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وأصبح هناك تواصل متوتر لكنه ملموس مع موسكو.
ويشكل تطور المشهد الأمني العالمي تحديًا لدبلوماسية التحالفات التقليدية في شمال شرق آسيا.
فمع تعديل القوى العظمى لاستراتيجياتها في عالم متعدد الأقطاب، يضعف التماسك الأيديولوجي داخل التحالفات، مما يفسح المجال لشراكات قائمة على المصالح والتي ستشكل النظام الدولي الجديد، وذلك وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي.
دبلوماسية؟
سيكون لهذه التحولات آثار عميقة على المحادثات المحتملة بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، مما يثير تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت الأولوية ستكون للدبلوماسية ونزع السلاح النووي أم أن المحادثات بين البلدين ستخضع للمصالح الاستراتيجية لقوى شمال شرق آسيا الكبرى؟
وكان يُنظر إلى البنية الأمنية لشمال شرق آسيا بشكل رئيسي من خلال نموذج "الحرب الباردة الجديدة" الذي يرتكز على تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان والذي سعى إلى تعزيز الردع الجماعي ضد الخصوم المشتركين وهو ما رأته الصين وروسيا وكوريا الشمالية تحديا أمنيا، وبدأت في التنسيق بشكل أوثق لموازنة هذا الضغط.
وعقب انهيار المحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ عام 2019، أعادت كوريا الشمالية ضبط سياستها الخارجية من خلال تعميق علاقاتها مع الصين وروسيا، للحصول على الدعم الاقتصادي والأمني يمكنها من مقاومة الضغوط الخارجية.
ومع اندلاع حرب أوكرانيا عام 2022، عكس التعاون العسكري المتنامي بين بيونغ يانغ وموسكو توافقًا استراتيجيًا يهدف إلى موازنة نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها.
وفي يونيو/حزيران 2024، أضفت بيونغ يانغ وموسكو طابعًا رسميًا على علاقاتهما الأمنية بتوقيع اتفاقية دفاع مشترك، قدّمت كوريا الشمالية بموجبها أسلحة وجنودا لدعم روسيا التي قدمت لحليفتها مساعدات اقتصادية وربما تكنولوجيا عسكرية متقدمة.
وعزز هذا التعاون الموقع الاستراتيجي لكوريا الشمالية، في حين عمّقت كوريا الجنوبية تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة واليابان، مما عزّز حاجة بيونغ يانغ إلى تأمين داعمين أمنيين واقتصاديين بديلين.
أهداف ترامب
تتمحور أهداف ترامب في السياسة الخارجية حول رؤيته "لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا (ماغا)، حيث تُعطي الأولوية للمصالح الاستراتيجية والاقتصادية الأمريكية على التزامات التحالف التقليدية وهو ما أعاد تشكيل النظام الدولي تدريجيًا.
وأدى ذلك إلى تسريع التحول نحو عالم متعدد الأقطاب تؤكد فيه القوى الكبرى الأخرى نفوذها وتسعى لتحقيق طموحاتها الاستراتيجية.
وخلال مفاوضات وقف إطلاق النار في أوكرانيا، أكد بوتين وترامب ضرورة تحسين العلاقات الأمريكية الروسية وناقشا قضايا الأمن العالمي الأوسع، بما في ذلك إدارة الصراع ومنع الانتشار النووي.
وبالنسبة لترامب، يُمكن لإعادة التفاوض على معاهدات مثل معاهدة تخفيض الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) ومعاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF) أن تُعيد تأكيد ريادة الولايات المتحدة في عقد الصفقات.
وبالنسبة لبوتين، تُعزز المحادثات المباشرة مع واشنطن مكانة روسيا العالمية بعد تهميش أوروبا.
وإذا تبلورت مفاوضات الحد من الأسلحة الأمريكية الروسية، فقد تُصبح القضية النووية لكوريا الشمالية مجال اهتمام مشترك.
ولتعظيم استقلاليتها الاستراتيجية، ستستغل كوريا الشمالية تنافس القوى العظمى لتضمن أن تظل شراكاتها مع روسيا والصين مفيدةً دون أن تُصبح معتمدةً بشكل مفرط على أيٍّ من القوتين.
ماذا لو؟
لا تزال جدوى المفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية غير مؤكدة، إلا أن ترامب قد يسعى إلى تحقيق "نصر" دبلوماسي، وقد يُعزز التقارب الأمريكي الروسي نفوذ واشنطن على بيونغ يانغ أو يُقوّضه.
احتمالات كثيرة لكن جميعها يعتمد على ما إذا كان ترامب سيُراعي دور روسيا في الدبلوماسية أو يُصرّ على التعاون الثنائي المباشر مع بيونغ يانغ.
وبالنسبة لكوريا الشمالية، لا يزال التعاون مع الولايات المتحدة مناورةً استراتيجيةً وليس تحولًا في أهداف السياسة.
ونظرًا لاستمرار انعدام الثقة، ستُحافظ بيونغ يانغ على التنسيق الوثيق مع بكين وموسكو لتستغل دعمهما لتعزيز موقفها في مواجهة واشنطن، مع ضمان بقاء رادعها النووي كضمانة أمنية نهائية.