سلطنة عمان تحصي أصولها بحثا عن بوصلة زراعية وحيوانية جديدة

وكالة أنباء حضرموت

يشكل إطلاق السلطات العمانية خارطة طريق من أجل حصر الأصول الزراعية والحيوانية، خطوة مهمة ستساعد البلد على تحديد خطط النهوض بمستويات هذين المجالين على نحو مستدام في المستقبل. وعقدت لجنة التعداد الزراعي والسمكي والمائي (تعداد) الأربعاء اجتماعها الأول وناقشت الخطة التنفيذية للمشروع واستعرضت النتائج التفصيلية والأهداف الرئيسة له.

وأكد سعود الحبسي وزير الزراعة أثناء الاجتماع على أهمية المشروع في تحسين البيانات وتعزيز التخطيط وجمع معلومات دقيقة وشاملة عن هذه الأنشطة في البلاد. وأشاد الحبسي الذي يرأس اللجنة بدور الجهات والمؤسسات لتحقيق أهداف المشروع، بينما تدفع هواجس تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء السلطنة إلى مطاردة الجدوى من وراء استخدام البحوث والابتكار رغم بعض التحديات.

ويعد البلد الخليجي كغيره من بلدان الشرق الأوسط من المتضررين من الاحتباس الحراري وهو يبذل جهودا للتأقلم مع هذه المشكلة، بما يساعد على تلبية احتياجات الاستهلاك المحلي. وتتراوح مساهمة القطاع الزراعي مع الثروة السمكية في البلاد بين 2.1 و2.5 في المئة، وهو معدل يقول خبراء إنه ضعيف خاصة مع خطط الدولة لتنويع الاقتصاد من خلال مجالات كانت منسية على مدى عقود للابتعاد تدريجيا عن إيرادات الوقود الأحفوري.

وناقش الاجتماع إعداد الاستبيان الشامل الخاص ببرنامج تعداد والتأكيد على ضرورة أن يكون شاملا ومصممًا بطريقة تسهل جمع المعلومات من المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والصيادين وجميع الشركاء ذوي العلاقة في القطاع الخاص. وسيتضمن هذا التمشي تقديم المقترحات حول آلية المشاركة عبر التقنيات الحديثة لتسهيل عملية التسجيل وجمع البيانات.

واستعرض الاجتماع الحملة الإعلامية ودورها في رفع الوعي لمختلف شرائح المجتمع حول أهمية “تعداد” وتعزيز مشاركتهم في هذا المشروع عبر وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية الخاصة الأخرى سواءً المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية.

وقال الحبسي في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية الرسمية إن “التعداد له أهمية عبر تحديث البيانات الخاصة بالمزارعين ومربي المواشي والعاملين في الثروة السمكية والمنشآت التي تشرف عليها الوزارة.” وأضاف “نحن مقبلون على خطة خمسية ستُسهل على المستثمرين والمنتجين معرفة متطلبات السوق في المرحلة القادمة.”

وأوضح أن عملية الإحصاء ستسهم في تحديث البيانات الخاصة بمنظومة الأمن الغذائي في السلطنة، والتي لها أهمية كبيرة من حيث الجانب الاقتصادي لمعرفة مساهمة القطاعات الإنتاجية ووضع السياسات سواء من جانب الوزارة أو المركز الوطني للإحصاء.

وحول الفوائد المرجوة والمتوقعة من هذا التعداد، أكّد على أهمية هذه البيانات اقتصاديًّا إذ إنها مرتبطة بكثير من البرامج التي تشرف عليها الوزارة، سواءً كانت برامج دعم الجانب التسويقي ومعرفة كميات الإنتاج من هذه المنشآت ووصولها للأسواق العالمية.

وقال “هذا الأمر من شأنه أن يُساعد في وضع سياسات واضحة لتنمية القطاع الزراعي والحيواني في الثروة السمكية وموارد المياه.” ودعا أصحاب المشاريع بتزويد الفرق الفنية بالبيانات، إذ إن البيانات الدقيقة والصحيحة “تسهل علينا اتخاذ القرار والتخطيط للبرامج” المرتبطة باستدامة هذه المشاريع في مختلف محافظات سلطنة عُمان وتقديم البيانات.

ولدى مسقط قناعة بأن تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء يمران من بوابة الزراعة لزيادة مستويات الإنتاج في المستقبل عبر دعم المشاريع الناشئة، التي توفر بدورها فرص عمل جديدة في السوق.

ولذلك تولي وزارة الزراعة اهتماما كبيرا للنهوض بالمحاصيل بالتعاون مع المنظمات والمراكز البحثية الدولية والإقليمية والمحلية عبر تنفيذ برامج بحثية وإرشادية لتطوير أصناف القمح المحلية وإدخال أصناف مستوردة لتجربتها تحت الظروف السائدة بالسلطنة.

وتقدم الوزارة الدعم لصغار المربين لتشجيعهم على النهوض بالثروة الحيوانية بنظام الدعم الجزئي بين الوزارة والمربين أو بالمجان وفق اشتراطات لائحة الدعم. كما تشجع المشاريع الموسعة عبر دراسات الجدوى المقدمة لديها والاستثمار فيها.

وقطاع الإنتاج الحيواني من أهم الركائز الأساسية في تعزيز الأمن الغذائي وتوفير حاجة البلاد من اللحوم الحمراء والبيضاء والألبان ومنتجاتها. وتراهن السلطنة على إحداث قفزة في قطاع المواشي عبر تحفيز الاستثمار في هذا المجال الحيوي وإقامة شراكات مع القطاعين العام والخاص بهدف التحول من مرحلة الاكتفاء الذاتي إلى مرحلة التسويق خارجيا بشكل أكبر.

والإدارة المستدامة للثروة الحيوانية عنصرا لا غنى عنه في تحقيق الأمن الغذائي وهي تتطلَب مراعاة كل من تنامي الطلب المحلي من الغذاء والتحديات التي يفرضها تغير المناخ الذي يؤثر على رقعة المراعي ووفرة الموارد المائية.

في المئة مساهمة القطاع الزراعي مع الثروة السمكية في الاقتصاد، وهو مستوى ضعيف

ووفق بيانات مركز الإحصاء تعود لسنة 2013، فإن عُمان تمتلك ما يقرب من 3.6 مليون رأس من الماشية تمثل سلالات من الأبقار والإبل والأغنام والماعز، بزيادة عن مستويات التعداد السابق في 2004 عند 2.3 مليونا.

وقامت الوزارة في السنوات الماضية بتكوين قطعان نواة من السلالات المحلية للماعز والأبقار والضأن في محطات البحوث التابعة لها لإجراء التحسين الوراثي لها والعمل على زيادة معدلات النمو وإنتاج الحليب.

وبالتعاون مع مركز عمان للموارد الوراثية الحيوانية والنباتية التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أعدت وزارة الزراعة إستراتيجية لحفظ حيوانات المزارع من الأبقار والماعز والأغنام والجمال لضمان استدامتها كجزء من الموارد المحلية.

وعلاوة على ذلك، تم التوسع في إنشاء العيادات البيطرية في الأماكن التي يصعب إنشاء عيادات ثابتة فيها وذلك من خلال تدشين مشروع العيادات البيطرية المتنقلة للوصول إلى أكبر نسبة ممكنة من الحيوانات التي تحتاج إلى تحصين ورعاية صحية.

وتختلف الاستبيانات الخاصة بالتعداد من قطاع لآخر ومع اكتمال المنظومة تتطلع اللجنة إلى امتلاك بيانات واضحة للمحاصيل من حيث توزيعها الجغرافي في المحافظات والولايات وإنتاجية المنشآت الغذائية وعدد الآبار وتوزيعها الجغرافي أيضا.

وبالنسبة لقطاع الثروة السمكية، فإن الإحصائيات ترصد إعداد القوارب وسفن الصيد وإنتاجيتها لأن كل هذه المعلومات ستساعد في التخطيط لتطويره في السنوات المقبلة، وفق الحبسي.

ورغم طفرة إنتاج القطاع لكن عُمان لا تزال بعيدة عن استثمار الموارد السمكية بالشكل الأمثل، حيث يؤكد خبراء أن بمقدورها إنتاج نصف مليون طن سنويا لكنها تنتج أقل من ذلك بكثير، رغم سواحلها الطويلة على بحر العرب، والتي تتجاوز 3 آلاف كيلومتر.