المنفي يدعو لميزانية موحدة في ليبيا وفق ثنائية العدالة والرقابة

وكالة أنباء حضرموت

 دعا رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، السبت، إلى التوصل لميزانية موحدة للبلاد تخضع للرقابة وتحقق العدالة، معلنا توجه المجلس إلى التدقيق والمراجعة الدولية على أبواب الميزانية بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

وقال المنفي في بيان على منصته على فيسبوك إن "اللامركزية والسلام عززت الاستقرار وأسست للتنمية والتنافس الإيجابي". مضيفا أن "استمرار هذا التحول المبهر يتطلب وجود ميزانية موحدة لضمان الاستدامة وفق ثنائية العدالة والرقابة المرتكزة على التخطيط والشفافية والإفصاح والمحاسبة".

وأردف المنفي "لتحقيق الاستدامة في ظل استمرار انقسام مؤسسات الرقابة والمحاسبة والمؤشرات الدولية الاقتصادية أو بشأن الشفافية والإفصاح وضوابطها توجهنا عبر التنسيق الوثيق مع الأمم المتحدة ومؤسساتها والدول الصديقة لمسار التدقيق والمراجعة الدولية المحايدة على كافة أبواب الميزانية والمؤسسات دون استثناء".

وتواجه الميزانية تحديات كبيرة في ظل الانقسام السياسي والمؤسسي في البلاد، حيث تتنازع حكومتان على الشرعية والسلطة، الأولى حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، المنتهية ولايتها ومقرها العاصمة طرابلس، وتدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد، المكلفة من مجلس النواب قبل أكثر من ثلاثة أعوام ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب وتعتمد الحكومتين على الإنفاق "الموازي المزدوج" الأمر الذي فاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وفي الوقت الحالي، تقتصر عمليات الصرف من الموازنة على الرواتب والنفقات التشغيلية والدعم، بينما تم تعليق مشروعات التنمية إلى حين الوصول إلى صيغة موحدة تساهم في ترشيد الإنفاق العام.

وبلغ الإنفاق العام 77 مليارا و325 مليون دينار (15.6 مليار دولار) في 2024، وبات يمثل معضلة كبيرة، خاصة في ظل انقسام الدولاب الحكومي بين الشرق والغرب، ما دفع البعثة الأممية إلى ليبيا، في الخامس من فبراير الجاري إلى دعوة جميع السلطات المعنية إلى العمل فورا للتوصل إلى اتفاق بشأن موازنة موحدة دون أي تأخير.

وجاء البيان الأممي تعليقا على إعلان مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي في 30 يناير الاتفاق على إقرار ميزانية موحدة للعام 2025 وفقًا لقانون يصدر من مجلس النواب.

وقبل ذلك، وفي 21 يناير الماضي، دعا الاتحاد الأوروبي الأطراف الليبية المعنية في التوصل إلى اتفاق لإقرار موازنة موحدة لتجنب المخاطر المالية والاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ذلك، مؤكدًا التزامه بتقديم الدعم والمساعدة لتخصيص الثروة الوطنية بشكل عادل وخاضع للمساءلة.

وتعتبر الميزانية الموحدة خطوة حاسمة نحو الاستقرار الاقتصادي والسياسي في ليبيا، فضلا عن أن توحيد الإنفاق العام عبر قانون الميزانية الموحدة سيسهم في ضبط الإنفاق وترشيده بدلا من الإنفاق غير المنظم.

ويعتقد أن الرقابة الدولية على الميزانية يمكن أن تساهم في ضمان الشفافية ومكافحة الفساد، لكن تحقيق ميزانية موحدة عادلة وشفافة يتطلب تعاوناً وتوافقاً بين جميع الأطراف الليبية.

ومطلع 2024، قررت أطراف النزاع إقرار ميزانية موحدة لكامل البلاد حيث تم تشكيل لجنة تضم أعضاء بمجلسي النواب والدولة، ومندوب عن البنك المركزي.

وعقدت تلك اللجنة عدة اجتماعات داخل البلاد لوضع قانون للميزانية، فيما عقدت اجتماعات مشابهة في تونس برعاية أميركية إلا أن ذلك الاجتماع فشل إثر خلاف بين مندوبي الحكومتين على بند "التنمية" خاصة وأن الحكومتين أطلقتا قبل عامين مشاريع تنمية ضخمة سميت في غرب البلاد "عودة الحياة"، وفي شرقها "إعادة الإعمار".

وفي 14 يوليو 2024، ناقش مجلس النواب خلال جلسة له قانون الميزانية العامة، وأقر قانون الميزانية العامة الموحدة للبلاد بقيمة 179 مليار دينار ليبي (نحو 25 مليار دولار).

وفي اليوم التالي أصدر المجلس الأعلى للدولة (بمثابة غرفة ثانية للبرلمان) بيانا أعلن فيه رفض الميزانية العامة التي أقرها مجلس النواب لـ"مخالفتها الدستورية الصريحة فضلا عما اكتنفها من مخالفات في الشكل والمضمون".

وقال مجلس الدولة، في بيانها آنذاك، إن "إقرار مجلس النواب للميزانية جاء مخالفا لنصوص الاتفاق السياسي الليبي التي تقضي بقيام الحكومة باعتبارها الجهة المختصة بعرض مشروع قانون الميزانية على المجلس الأعلى للدولة لإبداء الرأي الملزم فيه ومن ثم إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره".

ومنذ ذلك الوقت، يستمر وضع "الإنفاق الموازي" من كل حكومة على حدة خارج إطار الميزانية الرسمية وسط محاولات من بعثة الأمم المتحدة لإدارة حوارات بين أطراف النزاع للوصول إلى ميزانية موحدة.

وإلى جانب ذلك تدير البعثة الأممية محاولات أخرى لإيصال البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية تجدد شرعية جميع المؤسسات الليبية وتحل ازمة الصراع بين الحكومتين.