محطات تحلية جديدة لمياه البحر تضع الجزائر على سكة الأمن المائي

وكالة أنباء حضرموت

دخلت محطتا تحلية مياه البحر بمدينة وهران وتيبازة حيز الخدمة، وتمتلك الجزائر تسعة عشرة محطة، وهو ما يشكل خطوة مفصلية في مسار الأمن المائي، الذي يشكل أحد الهواجس الكبرى الذي يؤرق السلط المختصة، قياسا بموجة الجفاف التي تجتاح عموم المنطقة، جراء تراجع التساقط المطري والتغيرات المناخية.

وأشرف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، على دخول محطتي تحلية مياه البحر، بمدينة وهران (450 كلم غربي العاصمة)، وتيبازة بالقرب من العاصمة حيز الخدمة، وسط أجواء من التفاؤل بإمكانيات مواجهة التحدي المائي المطروح بقوة، خاصة في مناطق غرب البلاد، كوهران وسيدي بلعباس وتلمسان ومعسكر، والتي تعاني منذ سنوات من الجفاف ونقص الماء الشرب.

وتندرج محطتا وهران وتيبازة اللتين تنتجان 600 ألف متر مكعب، ضمن خمس محطات موزعة على عدة محافظات ساحلية، ينتظر دخولها حيز الخدمة، ضمن مخطط تكميلي أطلقه الرئيس تبون، من أجل مواجهة الحاجيات اللازمة من المياه، واستدراك عامل الزمن والاستثمارات الضخمة التي كانت تبذل في المحطات السابقة، نتيجة اعتمادها على الخبرات الأجنبية.

وأكد الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، المكلفة بإنجاز المشاريع المذكورة، رشيد حشيشي، بأن “المحطات الخمس التي تم إنجازها في إطار المخطط الطارئ لرئيس الجمهورية، أنجزت بكفاءات جزائرية بنسبة 100 في المئة وأن نسبة إدماج المنتوج الوطني فيها بلغت 30 في المئة”.

الجزائر تطمح إلى بلوغ سقف 60 في المئة من المياه المحلاة حتى العام 2030، وهو ما يضعها في أريحية من مخاطر نقص الماء

وأضاف “تكمن أهمية المخطط، بالإضافة إلى القدرة الإنتاجية الإجمالية المعتبرة للمصانع الخمسة والمقدرة ب 1.5 مليون متر مكعب يوميا، في مضاعفة نسبة مساهمة المياه المحلاة في تغطية الطلب الكلي على مياه الشرب إلى 42 في المئة مقابل حوالي 18 في المئة حاليا.”

وتطمح الجزائر إلى بلوغ سقف 60 في المئة من المياه المحلاة في غضون العام 2030، وهو ما يضعها في أريحية نسبية من مخاطر نقص الماء الصالح للشرب، بعد تسجيل وإنجاز مشاريع جديدة، تنضاف إلى التعداد المنجز إلى حد الآن، والذي يمكنها من تجاوز سقف الـ40 في المئة من مساهمة المياه المحلاة في الطلب الداخلي خلال العام الجاري.

وتراهن الحكومة على دخول المحطات المذكورة في المدى القريب، من أجل الوصول إلى إنتاج قرابة أربعة ملايين متر مكعب يوميا، وهي الكمية التي توجه أيضا إلى المدن والمحافظات الداخلية القريبة، فضلا عن مشروع آخر يتعلق بربط السدود بين بعضها البعض، لتتحول إلى شبكة قائمة بذاتها للتموين بالمياه الموجهة للشرب والزراعة.

وخلال الزيارة التي أداها إلى مدينة وهران، صرح الرئيس تبون بأن “محطة وهران التي أنجزت في ظرف قياسي لم يتجاوز الـ26 شهرا، وبإمكانيات جزائرية صرفة، ودون أيّ خبرة أجنبية، تشير إلى أننا وصلنا إلى مرحلة الإنجازات العملاقة بسرعة وبأحدث التكنولوجيات.”

وأكد على أن هذا الإنجاز، هو الأول من سلسلة من 5 محطات سيتم تدشينها الواحدة بعد الأخرى خلال هذه الأيام، على أن تتبع بإنجاز محطات أخرى، وأنه كلما تكون هناك فرصة لإنجاز محطة تحلية مياه على شواطئ الجزائر، سنقوم بذلك ولدينا الإمكانيات والكفاءات لتجسيدها.”

المعطيات البيانية تشير إلى أن مخزون المياه الجوفية في الجزائر يعادل 7.5 مليار متر مكعب

وأفاد مصدر حكومي بأنه “عكس المنشآت التي أنجزت في الماضي، والتي كانت تتم بالشراكة مع مؤسسات أجنبية، اكتسى برنامج المصانع الخمسة طابعا وطنيا بإسناده لفروع مجمع سوناطراك ومجمع كوسيدار بالنظر إلى القدرات التي تتمتع بها المؤسسات الوطنية في مجال الإنشاء والدراسات والهندسة، وهو ما مكّن من توفير مالي يقارب المليار دولار للخزينة العمومية.”

وشهدت الجزائر خلال السنوات الأخيرة أزمة حادة في مجال التزود بالماء الصالح للشرب تحولت إلى اضطرابات اجتماعية في عدد من المدن، كما حدث في مدينة تيارت خلال الصائفة الماضية، وهو ما شكل أجراس إنذار مبكرة عن هشاشة الأمن المائي في البلاد، وهو ما دفع الحكومة إلى إطلاق عدة برامج لمواجهة الوضع، مستفيدة في ذلك من الأريحية المالية التي توفرها عائدات النفط والغاز.

ووضعت الحكومة الجزائرية عدة مخططات لربح معركة الأمن المائي، خاصة مع التضاريس والجغرافيا مترامية الأطراف للدولة، ففيما تعكف على استغلال تقنيات تحلية مياه البحر رغم الكلفة المعتبرة للاستغلال والإنتاج، من أجل توفير الماء في المناطق الساحلية والداخلية القريبة منها، يجري تنفيذ مشروع ربط السدود لتحقيق توازن التخزين، فضلا عن إبرام اتفاق جهوي مع كل من تونس وليبيا لاستكشاف واستغلال المياه الجوفية في المنطقة الحدودية المشتركة.

وتفيد بيانات وزارة الري، بأن الجزائر تتوفر حاليا على 75 سدا في طور الاستغلال و5 سدود أخرى ستدخل حيز الخدمة قريبا، و5 سدود أخرى قيد الإنشاء، وهو ما يوفر ما نسبته 33 في المئة من الموارد المائية المنتجة وطنيا، مقابل 50 في المئة من المياه الجوفية، لكن دخول منتوج محطات التحلية على الخط وتوفيره لـ42 في المئة في المدى القصير، سيغير معادلة مصادر الإنتاج، ويقرب البلاد من المعايير الدولية المقدرة بألف متر مكعب سنويا للفرد، بينما كان نصيب الفرد الجزائري أقل من 600 متر مكعب، وتوفر أريحية نسبية للقطاع الزراعي.

وتشير المعطيات البيانية، إلى أن مخزون المياه الجوفية في الجزائر يعادل 7.5 مليار متر مكعب، بنسبة استعمال تقدر سنويا بـ52 في المئة، حيث تتركز 2.5 مليار متر مكعب في الشمال، بينما يقدر مخزون المياه بالجنوب بنحو 5 مليارات متر مكعب.