ديناميكية متغيرة تزيح شخصيات وازنة من المشهد السوري

وكالة أنباء حضرموت

 لا تزال الإجراءات المتخذة بحق عدد من أعضاء مجلس الشعب السوري، سواء في علاقة بتجريدهم من عضويتهم البرلمانية، أو بفتح تحقيقات جنائية في حق عدد منهم في قضايا تتعلق بالفساد واستغلال النفوذ مثار جدل واسع في سوريا.

ومرد الجدل أن الشخصيات التي طالتها الإجراءات، معروف عنها قربها من النظام السوري فضلا عن كون عدد منها له حضور بارز في عالم المال والأعمال على الساحة السورية، على غرار رجل الأعمال محمد حمشو وخالد الزبيدي.

ويرى المحلل السياسي ومدير مركز “إدراك” للدراسات”، باسل حفار، إن النظام يركز على استهداف شخصيات معينة، ربما لأسباب تتعلق بامتلاك جنسية مزدوجة أو لتحقيق توازنات داخلية تخدم مصالحه. في المقابل يعتقد أيمن الدسوقي، وهو باحث في مركز عمران للدراسات الإستراتيجية، أن الإجراءات الأخيرة التي حصلت في مجلس الشعب تأتي في إطار “إعادة تشكيل النخب” داخل النظام لضمان عدم وجود شبكات تهدد استقراره.

ويقول الدسوقي في تصريحات لموقع “عنب بلدي” المحلي أن تلك الإجراءات تحمل أيضًا رسالة واضحة مفادها أن النظام السوري لن يستثني أحدًا مهما كان موقعه وعلاقاته ونفوذه لضبط النخب السياسية والاقتصادية، في ظل ما يروج له من عملية تغيير وإصلاح.

وبدأت دمشق في السنوات الأخيرة في اتخاذ سلسلة من الخطوات في إطار عملية تغيير طالت الإدارة، والأجهزة الأمنية هدفها إرسال إشارات للداخل والخارج، عن عزمها محاربة الفساد والتجاوزات التي كانت السبب الرئيسي في اندلاع الأزمة السورية في العام 2011.

وأسقط مجلس الشعب في أكتوبر الماضي عضوية رجل الأعمال، محمد حمشو، بسبب حمله لـ”الجنسية التركية”، جاء ذلك بعد أسابيع قليلة من إسقاط المجلس لعضوية شادي دبسي بسبب حمله للجنسية ذاتها. ومعروف عن حمشو علاقته الوثيقة مع شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، كما يدير أعمالا في قطاعات البناء والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والهندسة والسياحة في سوريا.

في عام 2011 كان من أوائل رجال الأعمال السوريين الذين فرض عليهم الاتحاد الأوروبي عقوباته، على خلفية قمع الاحتجاجات التي انفجرت في مارس من ذلك العام. ورغم اعتراضه على العقوبات ورفعها المؤقت عام 2014، إلا أن حمشو عاد إلى لائحة العقوبات الأوروبية عام 2015، لتُجمّد أمواله ويُمنع مجددا من دخول دول الاتحاد.

كما ورد اسمه في أكثر من مرة في قوائم العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على دمشق، وأشهرها المرتبطة بـ”قانون قيصر”. ويرى الدسوقي أن حمشو مثال حي على الديناميكية المتغيرة، حيث استفاد من علاقاته لتنمية نفوذه الاقتصادي، إلا أن الثقل داخل النظام “ليس ثابتًا،” بل يعتمد على عوامل سياسية واقتصادية متقلبة.

وفيما يتعلق بالملاحقة القضائية لعدد من النواب أبرزهم خالد الزبيدي وراسم المصري، يرى المحلل السياسي باسل حفار أن النظام السوري تعامل مع هذه الشخصيات كما الحال الذي اتبعه مع محمد براء قاطرجي وغيره. وأضاف حفار في تصريحه لموقع “عنب بلدي” أن الأمر يتكرر مع هذه الشخصيات وغيرها ممن حاولوا “تحقيق اختراق معين في الوصول إلى مكانة سياسية بمجلس الشعب، أو في بعض الأطر الأخرى بالدولة، عبر غرف التجارة وبعض المسارات التجارية.”

كما يرى الباحث أن هناك توازنات معينة “داخل منظومة النظام نفسها،” لم تعد تخدم وجود هؤلاء الأشخاص أو تفكر في الاستثمار فيهم، فأصبحوا في موقع الملاحقة. وظهر اسم خالد الزبيدي، وهو رجل أعمال سوري يمتلك عدة شركات وارتبط اسمه بنادر قلعي شريك ابن خال الأسد رامي مخلوف، إلى الساحة في الأعوام الأخيرة، فيما يتعلق بإطلاق استثمارات ضخمة.

ومن بين الاستثمارات مشروع غراوند تاون بالتعاون مع وزارة السياحة، وهو ثاني أكبر مشروع عقاري في سوريا بعد ماروتا سيتي، بالإضافة إلى مشروع شبيه بجانب مطار دمشق الدولي يضم ستة آلاف منزل. وفرضت على الزبيدي عقوبات أميركية وأوروبية، وسبق أن ترشح لمجلس الشعب في عام 2020، إلا أنه سحب ترشحه، معلنًا أن قراره جاء التزامًا بمظلة حزب البعث الحاكم.

أما النائب راسم المصري فقد قررت اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب، في أغسطس الماضي، إعطاء الإذن لوزارة العدل السورية بملاحقته قضائيًا بعد رفع الحصانة عنه، على خلفية تورطه في قضايا فساد واستغلال نفوذ.