خليفة السنوار: مشعل نقطة احتكاك بين ما تريده قطر وما تريده إيران
سيتعين على حماس في بحثها عن خليفة ليحيى السنوار أن تأخذ في الاعتبار ما تريده إيران وما تبحث عنه قطر، أي الدفع بشخصية يمكن أن تمثل نقطة التقاء بين الطرفين رغم ما قد يبدو من تباعد بين أجندة كل منهما.
وترجّح مصادر فلسطينية مطلعة أن يعود خالد مشعل إلى الواجهة من جديد، وأن يجد فرصته كشخصية تسوية بين إيران التي تريد زعيما لحماس يدير الأزمة بعيدا عنها وبين قطر التي تريد من تتحدث معه ومن خلاله لاستعادة دور الوسيط الذي كادت تفقده في الفترة الأخيرة بسبب عجز الدوحة عن الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها.
وينظر الفلسطينيون إلى مشعل، بمن فيهم أنصار حماس، كشخصية فاشلة، وأن دوره لم يتجاوز التنقل بين العواصم والبحث عن الظهور الإعلامي والاستعراضات الكلامية، وأنه عجز عن الخروج من جلباب قطر، ما دفع حماس إلى تغييره بإسماعيل هنية.
وتشير المصادر الفلسطينية إلى مخاوف لدى أنصار حماس من أن يعمد مشعل إلى البحث عن شرعية إقليمية له من خلال التنازل عن المطالب التي رفعتها حماس منذ هجوم أكتوبر 2023 وإلى حد مقتل السنوار، وأن يحوّل معاناة غزة إلى مجرد تحركات إقليمية لإعادة الإعمار.
وقد تجد إيران نفسها في وضع التعامل مع مشعل بالرغم من أنها لا تريده لأسباب تتعلق باندفاعه في تأييد قطر ضد الرئيس السوري بشار الأسد في انطلاق الحرب الأهلية السورية.
لكن مشكلة مشعل أنه لا يمثل حماس الموجودة في غزة، والتي بيدها قرار إنجاح المفاوضات أو عرقلتها، وأن الرهان عليه سيكون محدودا، حتى لو تم انتخابه بدعم من الداخل، وهو ما يعكس معضلة حماس التي فشلت في تجربتين إلى حد الآن في اختيار القيادة.
التجربة الأولى كانت تتمثل في وجود جزء مفاوض اسمه الخارج وجزء مقاتل اسمه الداخل، حيث استمرت الحرب وعجزت المفاوضات حتى قبل مقتل هنية. أما الثانية، فتمثلت في وجود زعيم واحد للمفاوضات وللحرب بعد مقتل هنية وتحكم السنوار في قرار الحركة، وكانت النتيجة فشل المفاوضات وفشل الحرب أيضا بمقتله.
وبتعيين مشعل قد تجد الحركة نفسها تعود إلى النموذج السابق بوجود قيادة عسكرية في الداخل توكل إلى كتائب القسام وأخرى في الخارج توكل إلى مشعل أو غيره من وجوه الخارج من أجل التحرك السياسي والمشاركة في المفاوضات.
لكن هذه الازدواجية ستقود عمليا إلى تطويق عمل القائد الجديد في ظل الخسائر الكبيرة التي لحقت بكتائب القسام وصعوبة القيام بانتخابات أو استشارات ولو محدودة لاختيار خليفة السنوار على المستوى الميداني.
ولم تعد حماس المنظمة العسكرية ذات الهيكلية الواضحة والهرمية المنظمة التي كانت عليها قبل الحرب بكل كتائبها وألويتها. الآن صارت أقرب إلى مجموعات منفصلة عن بعضها وتتحرك دون أوامر من فوق، ما يجعل مهمة التنسيق والقيادة أمرا صعبا.
◄ خالد مشعل لا يمثل حماس غزة، التي بيدها قرار المفاوضات، والرهان عليه سيكون محدودا، حتى لو تم انتخابه بدعم من الداخل
وتضم قائمة المرشحين الرئيسيين، بالإضافة إلى مشعل، رئيس مجلس الشورى في الحركة محمد درويش، إلى جانب خليل الحية وهو كبير مفاوضي حماس.
وقال مصدر من حماس إن الحركة سيتعين عليها إخطار قطر، التي تلعب دورا رئيسيا في محادثات وقف إطلاق النار التي لم يُكتب لها النجاح حتى الآن، وعواصم أخرى في المنطقة قبل اتخاذ قرارها.
ولدى قطر الخيار في حسم أمر المرشح الذي ترضى عنه، خاصة أن أغلب قيادة الخارج يقيمون في الدوحة. وهي لا تعارض الحية، لكن علاقتها مع مشعل قد ترجّح كفته على حساب الحية الذي تميل تصريحاته إلى التشدد، وقد تجلب مشاكل للقطريين مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطاالله إن علاقة الحية بإيران ترجح فرصة الحية مقارنة بمشعل، ولكنه أضاف أن فرصة مشعل قد تكون قائمة إذ خففت طهران من معارضتها له.
لكن أشرف أبوالهول مدير تحرير جريدة الأهرام المصرية الحكومية والخبير في الشؤون الفلسطينية شدد على أن “إيران هي الحليف الأقوى لحماس والتي تزودها بالسلاح والمال ولذلك مباركتها هي مفتاح لتحديد من سيخلف السنوار”.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مقتل السنوار علامة فارقة ولكنه قال إن الحرب لم تنته بعد وإن القتال سيستمر حتى استعادة الرهائن.
وتأسّست حماس في 1987 وهي فرع لجماعة الإخوان المسلمين السنية. وعادة ما تُتخذ قرارات حماس بالإجماع في مؤسساتها.
ومع وفاة السنوار، انتقلت قيادة حماس في غزة مؤقتا إلى نائبه المقيم في قطر، خليل الحية.
لكن استمرار الحرب وصعوبة التواصل قد يفرضان قيودا على وتيرة الاتصال الذي يمكن لخليل الحية أن يجريه مع المتواجدين على الأرض، مما يعني، بحسب خبراء، أن مهام القيادة ستكون بيد كتائب القسام، الجناح المسلح لحركة حماس.
وقال مصدر في حماس إن من المتوقع ألا يواجه الحية أيّ مشاكل في ممارسة دوره “كزعيم فعلي لغزة”. وأشار المصدر إلى أن الحية حافظ على علاقات جيدة مع الجناح العسكري وكان قريبا من السنوار وهنية.
وقال عطاالله إنه يتوقع أن يحترم الجناح المسلح سلطات الحية حتى مع وجوده بالخارج. وتوقع أيضا أن يزداد دور محمد السنوار في الجناح المسلح وفي حماس بصورة عامة.
وبحسب مصدر في حماس، فإن محمد السنوار قائد مخضرم في كتائب القسام نادرا ما يظهر في العلن ونجا من عدة محاولات لاغتياله، واسمه مدرج على قائمة المطلوبين لدى إسرائيل منذ فترة طويلة.
وكان يُنظر إلى تولي السنوار مهمة قيادة المكتب السياسي لحماس في أغسطس على أنه إظهار للتحدي والوحدة الداخلية في الحركة.
ويُعتقد أن علاقاته الوثيقة بإيران كانت ضمن العوامل الداعمة لتولّيه المسؤولية. ويُنظر أيضا إلى محمد درويش والحية على أنهما قريبان من طهران، التي سيكون دعمها لحماس محوريا في التعافي بعد الحرب.