الشرعية اليمنية في حالة طوارئ سياسية: تدهور الريال يهدد الأوضاع الاجتماعية

وكالة أنباء حضرموت

تشهد الشرعية اليمنية حالة طوارئ سياسية نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، حيث تراجع غير مسبوق في قيمة الريال اليمني أصبح علامة بارزة على حدتها. هذا التدهور يهدد بانحدار جديد في الأوضاع الاجتماعية للسكان، مما ينذر باندلاع موجة غضب شعبي في محافظة تعز، حيث بدأت بوادرها تظهر.

في الأيام الأخيرة، سجل الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً أكبر تراجع له، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز الألفي ريال. هذا الارتفاع أثار مخاوف من موجة غلاء جديدة في أسعار المواد الأساسية، مما يصعب على غالبية السكان مواجهتها في ظل الرواتب المتدنية وعائدات الأعمال الراكدة نتيجة الأزمة.

شهدت مدينة تعز بجنوب غرب البلاد إضرابًا جزئيًا للمحال التجارية احتجاجًا على تهاوي قيمة العملة. كما خرج عدد من المحتجين إلى شوارع المدينة للتنديد بسوء الأوضاع الاجتماعية. وفي هذا السياق، حمّلت نقابات أصحاب الأعمال الحكومة المسؤولية عن الوضع القائم، محذرة من أن انهيار قيمة العملة وتداعياته المعيشية قد يقودان إلى كوارث اقتصادية واجتماعية وشيكة.

استدعى الوضع الصعب تدخل رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، للتهدئة، خاصة بعد التحليل غير الموفق لرئيس الحكومة، أحمد عوض بن مبارك، الذي عزا تدهور قيمة الريال إلى أسباب غير موضوعية، ملمحًا إلى وجود مؤامرة وراء ذلك.

عقد العليمي اجتماعًا يوم الخميس في قصر معاشيق بالعاصمة المؤقتة عدن، مع لجنة إدارة الأزمات الاقتصادية والإنسانية التي يترأسها بن مبارك. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" أن رئيس الوزراء قدّم إحاطة حول الوضع الاقتصادي الراهن والإجراءات المطلوبة للسيطرة على التضخم وعجز الموازنة العامة والتقلبات السعرية في أسواق الصرف والسلع الأساسية.

تضمنت الإحاطة معلومات حول المؤشرات الاقتصادية والمالية والنقدية، بالإضافة إلى المتغيرات الأخيرة في وضع العملة المحلية، في ظل استمرار توقف الصادرات النفطية وارتفاع أسعار الشحن البحري. كما تفاقمت الأوضاع المعيشية بسبب الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر.

وخلال الاجتماع، حث رئيس مجلس القيادة على "التسريع بتنفيذ خطة الإنقاذ الاقتصادي واتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز كفاءة إدارة المالية العامة والسياسة النقدية، والحد من تداعيات الانقسام النقدي الذي فرضته الميليشيات الحوثية كوسيلة حرب اقتصادية".

ورغم أهمية الخطاب، يبدو أنه يفتقر إلى آليات التنفيذ العملية، إذ لا تمتلك الشرعية اليمنية الكثير من الخيارات لوقف مسار الأزمة بسبب افتقارها للموارد بعد توقف تصدير النفط نتيجة هجمات الحوثيين على مينائي الضبة في حضرموت والنشيمة في شبوة.

تسببت هذه التحديات في اعتماد الحكومة بشكل كبير على المساعدات الخارجية، خصوصًا الودائع السعودية في البنك المركزي. وقد أثنى العليمي على "الدعم الاقتصادي والإنمائي والإنساني" من الأشقاء في تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذي كان له دور حاسم في استمرار وفاء الدولة بالتزاماتها.

تخشى الشرعية اليمنية ليس فقط من تأثيرات الأزمة على علاقتها بالشارع في مناطق سيطرتها، بل أيضًا على تماسكها الداخلي. حيث تعي أن صبر شريكها الأساسي، المجلس الانتقالي الجنوبي، بدأ ينفد. ولا يريد الانتقالي رؤية الأوضاع الاجتماعية تتدهور بما يهدد شعبيته كطرف في الشرعية.

كان المجلس الانتقالي قد وجّه انتقادات حادة لحكومة بن مبارك، وبلغت انتقاداته حد إنذار الشرعية بإمكانية فك الشراكة معها، معتبرًا أن تلك الشراكة كانت "أحد الأخطاء الكبرى".

يتضح أن اجتماع لجنة إدارة الأزمات كان يهدف أيضًا إلى تهدئة الأوضاع بعد التحليل غير الدقيق للأزمة من قبل رئيس الحكومة، الذي تجاهل الأسباب الموضوعية، وادعى أن الانخفاض في سعر صرف الريال غير مبرر "وهو ما يؤكد أن ما حصل ليس عفويًا ويشير إلى مخطط مرسوم".

أثارت هذه التصريحات حفيظة الغرف التجارية والصناعية في مناطق الشرعية، حيث أصدرت بيانًا اتهمت فيه الجهات الحكومية بالتسبب في الكوارث الاقتصادية والاجتماعية بسبب عدم استجابتها للأزمات.

ورد في البيان: "سبق أن أصدرت الغرفة التجارية الصناعية في عدن قبل ثمانية أشهر بيانًا تحذيريًا، لكن الوضع اليوم أصبح أسوأ بكثير، مما ينذر بكوارث اجتماعية واقتصادية وشيكة".