المجلس الانتقالي الجنوبي..
مأرب والانتقالي الجنوبي في مواجهة مالية: تصاعد التوتر بين الجنوب والشمال
يعد الاحتفاظ بالإيرادات المالية المحلية في المحافظات اليمنية الواقعة تحت سلطة الشرعية اليمنية دون تحويلها إلى البنك المركزي تطوراً يزيد من تعقيد الوضع المالي والاقتصادي، ويعزز من عجز الحكومة المعترف بها دولياً عن أداء واجباتها الاجتماعية والخدمية، مما يزيد من غضب السكان المتأثرين بسوء أوضاعهم.
أثار المجلس الانتقالي الجنوبي، المطالب باستعادة دولة الجنوب المستقلة، مسألة الشراكة الاقتصادية غير المتكافئة مع الحكومة اليمنية. واعتبر المجلس أن محافظات الجنوب لم تعد مستعدة للاستمرار في تمويل رواتب الآلاف من موظفي الحكومة الشرعية الذين فروا من مناطقهم الشمالية، بينما تحتفظ محافظة مأرب الغنية بإيراداتها للتصرف بها محلياً.
وأعرب فادي باعوم، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي، عن اعتراضه على هذه الشراكة عبر تساؤله حول عدم تقديم مأرب إيراداتها للخزينة العامة، في حين تلتزم المحافظات الجنوبية بذلك. وأضاف أن الحكومة تخصص مئات الملايين من الدولارات لآلاف المسؤولين الذين يعيشون خارج البلاد، بينما أراضيهم تخضع لسيطرة الحوثيين.
وتعد مأرب، الواقعة شرق صنعاء، مركزاً نفطياً غنياً، وتتمتع بالاستقرار الاقتصادي والتجاري، حيث تُسيطر محلياً على مواردها تحت إدارة حزب الإصلاح. وقد رفض محافظ مأرب، سلطان العرادة، تحويل إيرادات المحافظة إلى البنك المركزي في عدن، مشيراً إلى أن مأرب لم تتلق أي موازنات تشغيلية منذ 2016.
تؤثر هشاشة الوضع المالي والاقتصادي في مناطق الشرعية على قيمة العملة اليمنية، حيث شهد الريال اليمني تدهوراً جديداً أمام العملات الأجنبية، ما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للسكان الذين يعانون من ارتفاع كبير في أسعار المواد الأساسية بسبب التضخم.
تتفاقم هذه الأوضاع في عدن، حيث يعبر المجلس الانتقالي الجنوبي عن استيائه من تحمله تبعات السياسة الاقتصادية للحكومة. وقد لوح المجلس، في وقت سابق، بتفعيل قرار منع تحويل إيرادات عدن إلى البنك المركزي اليمني، حيث وصف محافظ عدن، أحمد حامد لملس، هذا القرار بأنه مسؤولية إنسانية وأخلاقية.
ولا تزال الشراكة الاقتصادية بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية موضع انتقادات داخلية، حيث تراجعت شرعية الحكومة في ظل الأوضاع الصعبة في الجنوب. وقد أدى نقص الكهرباء في عدن ومدن جنوبية أخرى خلال الصيف الماضي إلى تهديد المجلس الانتقالي بفض الشراكة، مشيراً إلى أن المجلس قد يراجع قراراته إذا لم تتحسن الخدمات في العاصمة عدن.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتفاظ بالإيرادات المحلية لم يعد مقتصراً على عدن وحدها، بل انتقل إلى محافظات أخرى مثل حضرموت، حيث قرر المحافظ مبخوت بن ماضي الاحتفاظ بالإيرادات لتوفير الخدمات لأبناء المحافظة، مشدداً على أن القرار ليس تمرداً على الشرعية.
في ظل هذه الأزمة المالية، تعتمد الحكومة اليمنية بشكل كبير على المساعدات المالية السعودية، ما يزيد من الضغوط على المناطق الخاضعة للشرعية، ويهدد بمزيد من الانهيار الاقتصادي والسياسي في البلاد.