نقابة الصحافيين المصرية تسعى لاستعادة مكانتها من باب الحريات العامة

وكالة أنباء حضرموت

تواصل نقابة الصحافيين المصرية اهتمامها بقضايا الحريات العامة، ضمن مساع حثيثة تقوم بها لاستعادة دورها المجتمعي. وكان تدخلها مؤخرا، لرفض مسودة قانون الإجراءات الجنائية الجديد، سببا في فتح باب النقاش العام حول المواد التي جرى تمريرها من قبل اللجنة التشريعية في البرلمان.

وعقدت النقابة الأسبوع الماضي حلقة نقاشية نظمتها لجنة الحريات بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين حول خطة إعداد تقرير الحريات التابع للنقابة، والذي يصدر على فترات متقطعة، ولأول مرة منذ فترة طويلة يجري خروجه إلى العلن في عامين متتاليين، ويتضمن أبرز الانتهاكات ووقائع التضييق على الصحافيين.

وتتعاون النقابة المصرية مع الاتحاد الدولي للصحافيين حول كيفية إعداد تقرير الحريات بمفهومها الواسع لتتضمن الحريات السياسية، وحرية الرأي والتعبير، والأوضاع الاقتصادية، وأثر المناخ العام على أوضاع الصحافة.

وأكد نقيب الصحافيين خالد البلشي أن النقاش حول حريات الصحافيين ملف رئيسي، خاصة حينما يتم الحديث عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، وفي ظل أوضاع الحريات الصحافية والحريات العامة بمصر، ويأتي بعد ثلاثة تقارير صدرت.

وفي حلقة نقاشية أخرى بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين حول تعزيز المساواة في العمل النقابي وقطاع الصحافة، تطرقت النقابة إلى الجوانب الأساسية التي تواجه فيها الصحافيات تمييزًا ضد حقوقهن الاجتماعية والاقتصادية والمهنية، وأولويات الدفاع عن حقوق الصحافيات للعام الحالي وخطة العمل، ونهاية بالتباحث حول تعزيز مهارات القيادات النقابية الشابة.

وحضرت النقابة خلال الفترة الماضية في قضايا الحريات العامة واستعادت بريقها في ملفات سياسية تحمل بعدا قوميا، وأضحت الوجهة الوحيدة تقريبا التي عقدت العديد من الفعاليات والتظاهرات الرافضة للحرب الحالية على قطاع غزة، واستعادت روحها، حيث كانت ملجأ للكثير من أصحاب الحقوق والمظالم السياسية والاجتماعية.

ويتفق خبراء الإعلام على أن نقابة الصحافيين ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد حينما تبنت موقفا موضوعيا من قانون الإجراءات الجنائية، وجاء تعامل الحكومة المصرية مع الاعتراضات في صالحها، وأثبتت أنها حاضرة في المشهد العام ويمكنها التأثير فيه، وعبرت عن آراء مختلفة جمعت بين من يؤيدون الحكومة ويعارضونها، وتعاملت بحكمة دون أن تصل إلى صدام.

وعبر حضور نقيب الصحافيين في برنامج “كلام في السياسة” على فضائية “إكسترا نيوز”، مساء الاثنين، عن موقفه بوضوح وقام بتعريف الرأي العام به، وفهم من الحوار أن النقابة سيكون لها دور أكبر على مستوى إمكانية إحداث نقاش مجتمعي واسع خلال الفترة المقبلة، ويمكن إشراك النقابة في النقاش العام من خلال استضافة حوارات متعددة والاستجابة لما تقدمه من تعديلات على نصوص قانون الإجراءات الجنائية.

وقال خالد البلشي في تصريح خاص لـ”العرب”، على هامش مشاركته في لجنة إعداد تقرير الحريات السنوي، إن “دخول نقابة الصحافيين على خط قانون الإجراءات الجنائية ليس لتصويب مواد تتعلق بالصحافة فقط، فالهدف الرئيسي يتمثل في تأثير القانون على مناخ عمل الصحافة، وهناك قناعة بأن المهنة أمام أزمة متكاملة فهي غير قادرة على الحركة بشكل كبير، وثمة مشكلات على مستوى مساحات حرية التعبير بوجه عام، ما يجعل هدف النقابة الأساسي الالتزام بالمادة 71 من الدستور، وحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريقة النشر أو العلانية”.

وشدد البلشي على أن تقرير الحريات الذي تعده النقابة سيرصد التطورات التي تتعلق بالإفراج عن الصحافيين المحبوسين، حيث شهد العام الماضي إطلاق سراح عشرة منهم، وكانت هناك بوادر إيجابية نحو حل مشكلات حبسهم، لكنها لم تكتمل حتى الآن، مشيراً إلى أن النقابة تعاني من قيود العمل الصحفي وتضغط ليكون تصريح مزاولة المهنة المرتبط بـ”كارنيه” عضوية النقابة كافيا دون الحصول على تصاريح إدارية.

كما أن إصدار قانون تداول المعلومات هدف محوري، ويحتاج إلى استدعاء واسع للجمعية العمومية التي يجب أن تتحرك من خلال النقابة للتفاوض مع جهات حكومية من أجل التمكن من إصدار القانون.

وتتحرك نقابة الصحافيين في مسارات عديدة، وتضع نصب عينيها أهمية استعادة دورها المجتمعي الذي ينعكس مباشرة على مكانتها والمستوى المهني والتأثير في الرأي العام. وهناك قناعة لدى أعضاء مجلسها المنتخب، وأغلبهم لهم انتماءات سياسية معارضة، بأن الانكفاء على أوضاعها الداخلية يؤدي إلى المزيد من تراجع دورها وعدم تحقق المكاسب المادية والمهنية المرجوة، ويجعل من السهل ترويضها.

وذكر نقيب الصحافيين الأسبق يحيى قلاش أن ما نراه حاليا في نقابة الصحافيين هو عودة إلى الأدوار البديهية، لأنها نقابة تدافع عن حرية الرأي والحريات العامة أصلا، وأن تقاعسها في هذا الدور خلال السنوات الماضية كان استثنائيا، وهي الآن عادت إلى ممارسة دورها الطبيعي لتتجاوز حدود الفئوية إلى أدوار أخرى تتعلق بالمشتركات الوطنية والقومية والمجتمعية، باعتبارها هيئة مجتمع مدني بالأساس.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تقرير الحريات النقابية الذي أصدرته النقابة في العام 2016 لم يكن يحظى بترحيب من جانب الحكومة، والآن يمكن قياس ردة الفعل التي ستكون على الأغلب مغايرة، لأن مهنة الصحافة تتنفس بالحرية وكلما زادت مساحتها كانت لذلك ارتدادات جيدة على أوضاع المهنة”.

وأشار قلاش إلى أن النقابة عملت منذ أن شاركت في وضع دستور العام 2014 من أجل إلغاء العقوبات السالبة للحرية والحبس في قضايا النشر ضمانة لكل من يبدي رأيه وليس الصحافيين فقط، وأن النقابة تحتمي بالالتفاف الشعبي والسياسي حولها، حال تعرضت لأزمات تنتقص من دورها.

ولفت إلى أن نقيب الصحافيين والمجلس الحالي لديهما نفس طويل في التفاوض مع أجهزة الدولة، ويحرصان على امتداد الحوار بالمشاركة مع قوى مجتمعية متباينة، تحديدا في ما يتعلق بقانون الإجراءات الجنائية، ومن المأمول أن يتم السير على هذا الخط إلى نهايته من دون الوصول إلى صدام ليس في صالح أحد، لأنه لن يكون هناك طرف فائز، وسوف يتعرض الجميع للخسارة الفادحة.

ويرى البعض من الصحافيين أن الوصول إلى مرحلة الصدام مع الحكومة لن يكون مفيدا أو في صالح النقابة، ما يجعلها تسير على جبال من الأشواك لتوسيع حضورها المجتمعي، والحافظ على علاقة متوازنة مع أجهزة الدولة، واتباع سياسة النفس الطويل والصبر الإستراتيجي في المفاوضات وصولاً إلى تحقيق المكاسب الممكنة.